الجميد في الأردن، صناعة فرضتها الحياة البدوية منذ زمن بعيد. فمع غياب وسائل التخزين الحديثة لمنتجات الألبان، لجأ البدو إلى تجفيف اللبن مع الملح بما يمكّنهم من حفظه لفترات طويلة، وهو ما عرف لاحقاً باسم الجميد.
لكنّ الصناعة التي مثلت حلاً تخزينياً لم تنته ببروز الوسائل الحديثة. وتحضر بقوة كعلامة تجارية عصية على الانقراض، مع أنّ رقعة انتشارها تقتصر على الأردن اليوم، لا على امتداد مناطق انتشار البدو في البلدان العربية الأخرى.
ويشير مدير تنمية المجتمعات المحلية في الصندوق الهاشمي لتنمية البادية الأردنية، أحمد الرواجفة، إلى استحالة تحديد تاريخ البدء بتصنيع الجميد. يقول: "ورثنا الصناعة عن أجدادنا الذين ورثوها عن أجدادهم وأجداد أجدادهم". ويقول لـ "العربي الجديد" إنّ "الصناعة التي بدأت كحل لتخزين مشتقات الألبان عبر تجفيفها، حتى يستطيع البدو الرحل حملها معهم كمؤونة، أصبحت مع تطور الزمن جزءاً من التراث البدوي الأردني التقليدي".
يعتقد الرواجفة أنّ اقتصار صناعة الجميد على المجتمعات البدوية الأردنية اليوم وصمودها، ربما يعود إلى ارتباط الجميد بالمنسف، الطبق التقليدي الأردني، الذي يعدّ من اللحم والأرز والجميد. ويتابع أنّ "الجميد الأردني أضحى علامة تجارية، فكل من يزور الأردن ويتذوق المنسف، يحرص على شراء الجميد قبل عودته إلى بلاده، وأحياناً يطلبه خصيصاً من الأردن إذا لم يستطع زيارة البلد، حتى وصل الجميد إلى أميركا وأوروبا، وليس الدول العربية فقط".
يشار إلى أن مديرية تنمية المجتمعات المحلية في الصندوق تعمل على تعزيز صمود الصناعات التقليدية في المجتمعات البدوية الأردنية، من خلال تقديم الدعم المادي للسيدات الراغبات في عمل مشاريع إنتاجية. كما توفر المديرية فرصاً تسويقية للمنتجات من خلال المعارض التي تنظمها في المدن.
وفي هذا الإطار، تشرح رئيسة "جمعية مواسم الخير التعاونية النسائية" عالية نعيمات لـ "العربي الجديد" الطريقة التقليدية لصنع الجميد. وتقول: "يغلى حليب الغنم، وبعد ذلك يُخضّ بالسعن (وعاء يصنع من جلد الماعز)، وبذلك تفرز الزبدة عن اللبن فيه، وتستخدم في صناعة السمن البلدي، بينما يستخدم اللبن الباقي في صنع الجميد. عند ذلك يسخن اللبن بدون تحريك حتى يتخثر، ليوضع بعدها في الشاش حتى تصفى المياه الزائدة منه، من ثم يضاف إليه القليل من الملح ويشكل على شكل قباب ويجفف في الشمس".
نعيمات ترأس الجمعية التي تنشط فيها 25 سيدة في صناعة المنتجات التقليدية ومن بينها الجميد. وتدافع عن الطريقة التقليدية في صناعة الجميد في ظل انتشار المصانع الحديثة التي تصنعه اليوم، وتقول: "ما يصنع في البيت بالطريقة التقليدية أنظف وأكثر جودة، وأسعاره مقاربة لسعر الجميد المصنوع تجارياً.. لكن الفرق بينهما كبير". وتؤكد: "من يعرف الجميد حقاً، لا يقبل بالتجاري، إن كان في الأردن أو خارجها".
ويبلغ معدل الإنتاج السنوي من الجميد في الأردن قرابة 4 آلاف طن، بحسب تقديرات رئيس "جمعية مربي الماشية" زعل الكواليت، مؤكداً أنّ أكثر من 70 في المائة من الإنتاج ما زال يصنع بالطريقة التقليدية.
الكواليت نفسه أسس مصنعاً لإنتاج الجميد في محافظة الكرك الجنوبية التي يعتبر إنتاجها الأكثر جودة، ويضرب المثال به. يؤكد الكواليت أنّ الطرق التقليدية ما زالت الأكثر ضماناً لجودة الإنتاج. ويشير لـ "العربي الجديد" إلى أنّ مصنعه يحاول قدر الإمكان محاكاة الطرق التقليدية في الإنتاج.
وعن أسرار تميز الجميد الكركي، يقول: "جودته عائدة إلى تنوع المراعي الموجودة، والتي تنعكس إيجابياً على نوعية الحليب التي يصنع منها الجميد، بالإضافة إلى الاحترافية التي يمتاز بها العاملون في صناعته من أبناء المدينة".
ويمتد موسم صناعة الجميد من مطلع فبراير/شباط حتى نهاية يوليو/تموز. فيما يعتبر الإنتاج في أول الموسم أكثر جودة. وهو ما يرجعه الكواليت إلى اعتماد الأغنام في غذائها على المراعي الطبيعية الأمر الذي ينعكس على جودة حليبها، مقارنة باعتمادها على الأعلاف في نهاية الموسم.
من جهة أخرى، ينتقد الكواليت عدم وضع وزارة الصناعة والتجارة، ووزارة الزراعة مواصفات قياسية لصناعة الجميد. ويشير إلى أنّ انتشار الصناعة في بعض الدول المجاورة في محاولة لتقليد المنتج الأردني، باتت تضر بالأخير "خصوصاً أنّ المنتج الخارجي المعروف بجودته الأدنى، يُقدّم في الأسواق العربية باعتباره أردنياً". ويشير إلى أنّ حماية المنتج المحلي تعتبر جزءاً من حماية التراث الأردني الذي ينتمي إليه الجميد.
إقرأ أيضاً: "أم أحمد" تطبخ لموظفات الأردن
لكنّ الصناعة التي مثلت حلاً تخزينياً لم تنته ببروز الوسائل الحديثة. وتحضر بقوة كعلامة تجارية عصية على الانقراض، مع أنّ رقعة انتشارها تقتصر على الأردن اليوم، لا على امتداد مناطق انتشار البدو في البلدان العربية الأخرى.
ويشير مدير تنمية المجتمعات المحلية في الصندوق الهاشمي لتنمية البادية الأردنية، أحمد الرواجفة، إلى استحالة تحديد تاريخ البدء بتصنيع الجميد. يقول: "ورثنا الصناعة عن أجدادنا الذين ورثوها عن أجدادهم وأجداد أجدادهم". ويقول لـ "العربي الجديد" إنّ "الصناعة التي بدأت كحل لتخزين مشتقات الألبان عبر تجفيفها، حتى يستطيع البدو الرحل حملها معهم كمؤونة، أصبحت مع تطور الزمن جزءاً من التراث البدوي الأردني التقليدي".
يعتقد الرواجفة أنّ اقتصار صناعة الجميد على المجتمعات البدوية الأردنية اليوم وصمودها، ربما يعود إلى ارتباط الجميد بالمنسف، الطبق التقليدي الأردني، الذي يعدّ من اللحم والأرز والجميد. ويتابع أنّ "الجميد الأردني أضحى علامة تجارية، فكل من يزور الأردن ويتذوق المنسف، يحرص على شراء الجميد قبل عودته إلى بلاده، وأحياناً يطلبه خصيصاً من الأردن إذا لم يستطع زيارة البلد، حتى وصل الجميد إلى أميركا وأوروبا، وليس الدول العربية فقط".
يشار إلى أن مديرية تنمية المجتمعات المحلية في الصندوق تعمل على تعزيز صمود الصناعات التقليدية في المجتمعات البدوية الأردنية، من خلال تقديم الدعم المادي للسيدات الراغبات في عمل مشاريع إنتاجية. كما توفر المديرية فرصاً تسويقية للمنتجات من خلال المعارض التي تنظمها في المدن.
وفي هذا الإطار، تشرح رئيسة "جمعية مواسم الخير التعاونية النسائية" عالية نعيمات لـ "العربي الجديد" الطريقة التقليدية لصنع الجميد. وتقول: "يغلى حليب الغنم، وبعد ذلك يُخضّ بالسعن (وعاء يصنع من جلد الماعز)، وبذلك تفرز الزبدة عن اللبن فيه، وتستخدم في صناعة السمن البلدي، بينما يستخدم اللبن الباقي في صنع الجميد. عند ذلك يسخن اللبن بدون تحريك حتى يتخثر، ليوضع بعدها في الشاش حتى تصفى المياه الزائدة منه، من ثم يضاف إليه القليل من الملح ويشكل على شكل قباب ويجفف في الشمس".
نعيمات ترأس الجمعية التي تنشط فيها 25 سيدة في صناعة المنتجات التقليدية ومن بينها الجميد. وتدافع عن الطريقة التقليدية في صناعة الجميد في ظل انتشار المصانع الحديثة التي تصنعه اليوم، وتقول: "ما يصنع في البيت بالطريقة التقليدية أنظف وأكثر جودة، وأسعاره مقاربة لسعر الجميد المصنوع تجارياً.. لكن الفرق بينهما كبير". وتؤكد: "من يعرف الجميد حقاً، لا يقبل بالتجاري، إن كان في الأردن أو خارجها".
ويبلغ معدل الإنتاج السنوي من الجميد في الأردن قرابة 4 آلاف طن، بحسب تقديرات رئيس "جمعية مربي الماشية" زعل الكواليت، مؤكداً أنّ أكثر من 70 في المائة من الإنتاج ما زال يصنع بالطريقة التقليدية.
الكواليت نفسه أسس مصنعاً لإنتاج الجميد في محافظة الكرك الجنوبية التي يعتبر إنتاجها الأكثر جودة، ويضرب المثال به. يؤكد الكواليت أنّ الطرق التقليدية ما زالت الأكثر ضماناً لجودة الإنتاج. ويشير لـ "العربي الجديد" إلى أنّ مصنعه يحاول قدر الإمكان محاكاة الطرق التقليدية في الإنتاج.
وعن أسرار تميز الجميد الكركي، يقول: "جودته عائدة إلى تنوع المراعي الموجودة، والتي تنعكس إيجابياً على نوعية الحليب التي يصنع منها الجميد، بالإضافة إلى الاحترافية التي يمتاز بها العاملون في صناعته من أبناء المدينة".
ويمتد موسم صناعة الجميد من مطلع فبراير/شباط حتى نهاية يوليو/تموز. فيما يعتبر الإنتاج في أول الموسم أكثر جودة. وهو ما يرجعه الكواليت إلى اعتماد الأغنام في غذائها على المراعي الطبيعية الأمر الذي ينعكس على جودة حليبها، مقارنة باعتمادها على الأعلاف في نهاية الموسم.
من جهة أخرى، ينتقد الكواليت عدم وضع وزارة الصناعة والتجارة، ووزارة الزراعة مواصفات قياسية لصناعة الجميد. ويشير إلى أنّ انتشار الصناعة في بعض الدول المجاورة في محاولة لتقليد المنتج الأردني، باتت تضر بالأخير "خصوصاً أنّ المنتج الخارجي المعروف بجودته الأدنى، يُقدّم في الأسواق العربية باعتباره أردنياً". ويشير إلى أنّ حماية المنتج المحلي تعتبر جزءاً من حماية التراث الأردني الذي ينتمي إليه الجميد.
إقرأ أيضاً: "أم أحمد" تطبخ لموظفات الأردن