13 فبراير 2022
الجنرال البائس
لا يضيّع الجنرال عبد الفتاح السيسي أية فرصة للظهور، إلا ويؤكد على شرعيته وشرعية انقلابه. يشعر الرجل دائماً وكأن "على رأسه بطحة"، كما نقول في مصر، فيحاول أن يُداريها باستحضار وقائع يوم الثالث من يوليو/ تموز 2013. تحدث الرجل، أول من أمس الأربعاء، لمن قيل إنهم "ممثلو الشعب المصري"، وكان حديثه كسابقه، مجرد كلام فارغ لا يُسمن ولا يغني من جوع. حديث لم يخل من "إفيهات" السيسي و"قفشاته" التي يقع فيها من دون أن يدري، بشكل جعله "أضحوكةً" لكل صفحات التواصل الاجتماعي وشبابه. يتحدّث الرجل، فلا يُحسن الكلام ولا المنطق، ويكرّر نفسه كل مرة يتحدّث فيها. فيبدأ حديثه دائماً بطريقةٍ لا تخلو من "تمثيل متقن"، فيذكّر أنصاره بالجميل دوماً الذي فعله بهم، حين انقلب على محمد مرسي، وأنقذهم من جماعة الإخوان المسلمين. وهي محاولة استباقية كي لا يسأله أو يحاسبه أحد عمّا فعله منذ الانقلاب.
أيضاً، تغيّرت لهجة الرجل ونبرته، ويبدو أنه بات معزولاً، لا يرى إلا نفسه، ولا يسمع إلا ما يُطربه، فمن تدليله الشعب قبل الانقلاب، بقوله "أنتم نور عينينا" إلى قوله "مفيش حد هنا يتكلم إلا بإذني"، وهو تحول يعكس شعوره بالتضخّم والغرور. لم يصل حسني مبارك أو حتى معمر القذافي إلى هذه الدرجة من العزلة والغرور، إلا بعد عقود قضوها في السلطة، فسكروا من لذة خمرها، بينما يبدو السيسي غارقاً حتى أذنيه في لذتها بعد عامين من وصوله إليها.
لا يعترف الرجل أبداً بأي خطأ أو مشكلة. يلقى بالمشكلات على الجميع إلا هو، ويحاسب الجميع إلا نفسه. فالشعب هو الذي قتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني؟ والشعب هو الذي وقّع وثيقة سد النهضة التي سوف تحرم البلاد والعباد من المياه؟ والشعب هو الذي دمّر الاقتصاد وهوى بقيمة الجنيه؟ والشعب هو الذي أسقط الطائرة الروسية في شرم الشيخ؟ والشعب هو الذي قرّر إقامة تفريعة لقناة السويس ثم نهب الأموال والأقوات؟ والشعب هو الذي هجّر أهالي سيناء وحوّل حياتهم جحيماً؟
يكذب الرجل في كل كلمة يقولها، ولا يستحي من ذلك، ويجاهر باحتقاره الجميع من دون أن يردّه أحد. يقول كلاماً عبثياً على طريقة "طبيب كل الفلاسفة"، و"أنا لو أنفع اتباع هاتباع"، و"صبّح على مصر بجنيه"، فينتشي قومه طرباً وفرحاً لحكمة الجنرال. يبرّرون كل جرائمه، ولا يلقون باللائمة عليه. فعل الرجل أضعاف ما فعله مرسي و"الإخوان"، وارتكب كل الجرائم التي يُحاكم عليها مرسي الآن من خيانةٍ وقتلٍ وتخابر، ناهيك عن الفشل الاقتصادي والسياسي والأمني والاجتماعي، فلا يتمرّد عليه أحد أو يطالب برحيله. وكأنه سحر مريديه وأتباعه من العوام، ومن النخبة على حد سواء. يجلسون أمامه كالتلاميذ أمام معلمهم، يتحدث بكلامٍ تافه أكثر من ساعتين، من دون أن يوقفه أو يسأله أحد. وهم الذين استهزأوا كثيراً بمرسي، وتمرّدوا عليه.
ليست المشكلة في الجنرال البائس فحسب، وإنما فيمن يسمحون له بأن يستمر في ترويج بؤسه وترّهاته. وهؤلاء جميعهم مستفيد من الجنرال بأشكال شتّى. كان بعضهم يحمل سيف المعارضة ضد مبارك ومرسي، ولكن تم تدجينه وشراؤه، وكان بعضهم ينافح عن حقوق الإنسان لكنه أغمض عينيه عن جرائم الجنرال الآن. كان بعضهم يناهض الحزب الوطني الحاكم أيام مبارك ونجله، لكنه الآن يهرول من أجل دعم الجنرال والدفاع عنه وعن مصائبه.
لن تختلف نهاية الجنرال البائس كثيراً عن نهاية غيره من الجنرالات الذين حكموا وتجبّروا وطغوا، ولكم في القذافي وصدام حسين وبيونشيه أسوة وعبرة حسنة.
أيضاً، تغيّرت لهجة الرجل ونبرته، ويبدو أنه بات معزولاً، لا يرى إلا نفسه، ولا يسمع إلا ما يُطربه، فمن تدليله الشعب قبل الانقلاب، بقوله "أنتم نور عينينا" إلى قوله "مفيش حد هنا يتكلم إلا بإذني"، وهو تحول يعكس شعوره بالتضخّم والغرور. لم يصل حسني مبارك أو حتى معمر القذافي إلى هذه الدرجة من العزلة والغرور، إلا بعد عقود قضوها في السلطة، فسكروا من لذة خمرها، بينما يبدو السيسي غارقاً حتى أذنيه في لذتها بعد عامين من وصوله إليها.
لا يعترف الرجل أبداً بأي خطأ أو مشكلة. يلقى بالمشكلات على الجميع إلا هو، ويحاسب الجميع إلا نفسه. فالشعب هو الذي قتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني؟ والشعب هو الذي وقّع وثيقة سد النهضة التي سوف تحرم البلاد والعباد من المياه؟ والشعب هو الذي دمّر الاقتصاد وهوى بقيمة الجنيه؟ والشعب هو الذي أسقط الطائرة الروسية في شرم الشيخ؟ والشعب هو الذي قرّر إقامة تفريعة لقناة السويس ثم نهب الأموال والأقوات؟ والشعب هو الذي هجّر أهالي سيناء وحوّل حياتهم جحيماً؟
يكذب الرجل في كل كلمة يقولها، ولا يستحي من ذلك، ويجاهر باحتقاره الجميع من دون أن يردّه أحد. يقول كلاماً عبثياً على طريقة "طبيب كل الفلاسفة"، و"أنا لو أنفع اتباع هاتباع"، و"صبّح على مصر بجنيه"، فينتشي قومه طرباً وفرحاً لحكمة الجنرال. يبرّرون كل جرائمه، ولا يلقون باللائمة عليه. فعل الرجل أضعاف ما فعله مرسي و"الإخوان"، وارتكب كل الجرائم التي يُحاكم عليها مرسي الآن من خيانةٍ وقتلٍ وتخابر، ناهيك عن الفشل الاقتصادي والسياسي والأمني والاجتماعي، فلا يتمرّد عليه أحد أو يطالب برحيله. وكأنه سحر مريديه وأتباعه من العوام، ومن النخبة على حد سواء. يجلسون أمامه كالتلاميذ أمام معلمهم، يتحدث بكلامٍ تافه أكثر من ساعتين، من دون أن يوقفه أو يسأله أحد. وهم الذين استهزأوا كثيراً بمرسي، وتمرّدوا عليه.
ليست المشكلة في الجنرال البائس فحسب، وإنما فيمن يسمحون له بأن يستمر في ترويج بؤسه وترّهاته. وهؤلاء جميعهم مستفيد من الجنرال بأشكال شتّى. كان بعضهم يحمل سيف المعارضة ضد مبارك ومرسي، ولكن تم تدجينه وشراؤه، وكان بعضهم ينافح عن حقوق الإنسان لكنه أغمض عينيه عن جرائم الجنرال الآن. كان بعضهم يناهض الحزب الوطني الحاكم أيام مبارك ونجله، لكنه الآن يهرول من أجل دعم الجنرال والدفاع عنه وعن مصائبه.
لن تختلف نهاية الجنرال البائس كثيراً عن نهاية غيره من الجنرالات الذين حكموا وتجبّروا وطغوا، ولكم في القذافي وصدام حسين وبيونشيه أسوة وعبرة حسنة.