في مقابل صعود أمراء الحرب من الحوثيين والمقربين منهم وتفاقم ثرواتهم، تآكلت الطبقة متوسطة الدخل في اليمن وانضمت نسبة كبيرة منها إلى الطابور الطويل للفقراء، وأصبحت تصارع الجوع مع تأخر الرواتب للشهر الثاني على التوالي.
وكانت هذه الطبقة التي أشعلت ثورة اليمن ضحية حرب طاحنة منذ عام ونصف العام في هذا البلد الفقير، بين القوات الحكومية المدعومة من تحالف عربي بقيادة السعودية والمتمردين الحوثيين الموالين لإيران.
وتضم الطبقة المتوسطة الموظفين في القطاعين العام والخاص وصغار التجار وأساتذة الجامعات والكادر البشري المنتج في مختلف المجالات، وتعد العمود الفقري لاقتصاد البلاد.
وفي الوقت الذي تمكن فيه عشرات الآلاف من هذه الشريحة من مغادرة البلاد سعياً للرزق وهرباً من الأوضاع المتدهورة، ظلت الأغلبية عالقة تخوض حروباً لمواجهة انهيار الخدمات وارتفاع الأسعار وتوقف الأعمال والركود التجاري، فضلا عن مخاطر المعارك المسلحة.
ووجّهت أزمة تأخر الرواتب الضربة القاضية لطبقة الموظفين في القطاع الحكومي الذين دخلوا في صراع مع الجوع، والتي أدت إلى عمل أساتذة جامعة في تجارة القات والأعمال الحرفية.
وتلخص صرخة استغاثة أطلقها استاذ جامعي، نهاية أكتوبر/تشرين الأول، وضع الطبقة المتوسطة التي تعرضت للتدمير خلال الحرب، إذ أكد أستاذ علم الاجتماع والأنثروبولوجيا بجامعة صنعاء عبد الله معمر الحكيمي، أن الوضع الإنساني والصحي لأساتذة جامعة صنعاء كارثي، وقد شارفت الغالبية العظمى منهم على حافة الخطر بعد انقطاع الرواتب لثلاثة أشهر متتالية، الأمر الذي جعلنا "نعيش الفترة الماضية على اقتيات الكفاف".
وقال الحكيمي في نداء استغاثة للمنظمات والهيئات الإنسانية ومراكز الإغاثة المحلية والدولية: "الوضع المأساوي بعد أن وصل الحد بالبعض منا إلى الاكتفاء بوجبة واحدة في اليوم ولعدة أسابيع، والبعض الآخر بنصف وجبة وقد نفتقدها في قادم الأيام".
وتعتمد الطبقة المتوسطة على تحويلات المغتربين والمشروعات الصغيرة، والوظائف في القطاعين العام، والخاص وبدرجات متفاوتة.
واعتبر الباحث والمحلل الاقتصادي، حسام السعيدي، أنه عقب اندلاع الحرب تأثرت الطبقة الفقيرة بصورة أكبر خاصة تلك المعتمدة على مصادر الدخل اليومية، أو الأعمال الحرفية البسيطة، وكذلك بالنسبة للعاملين في القطاع الزراعي.
وقال السعيدي لـ "العربي الجديد": "وصلت الآثار إلى الطبقة المتوسطة ابتداء بالموظفين في القطاع الخاص الذين فقدوا وظائفهم، مرورا بالمشروعات الصغيرة ذات الطابع العائلي أو الشخصي، فكان التأثير واسعا على الطبقة المتوسطة في ذات الوقت".
اقــرأ أيضاً
وتابع: "بمرور الوقت لم يعد بإمكان الموظفين في القطاع العام الحصول على الحوافز والإضافات التي تفوق مرتباتهم عادة، وعلى الرغم من تدني مستوى الاستهلاك إجمالا إلا أن الاستهلاك بقي مرتفعا ويقابله تدنّ في مدخرات الأسر، أو ارتفاع في مستويات الدين".
وأوضح السعيدي أنه مع عجز السلطات عن دفع المرتبات، تفاقم الوضع كثيرا، فقد أصبح الفقراء على حافة المجاعة، بينما تقلّصت فئة متوسطي الدخل لتصبح ضمن الفئة الفقيرة بل انضم بعضهم للأشد فقرا التي لا تتمكن من توفير الغذاء والماء والسكن.
وحذرت منظمات دولية، الاثنين الماضي، من خطر تفاقم أزمة الغداء في اليمن وانتقال الطبقة الوسطى إلى مستوى تحت خط الفقر.
وقال المدير الإقليمي لبرنامج الغذاء العالمي، مهند هادي، "إن الطبقة المتوسطة في اليمن أصبحت في عداد أولئك الأشخاص غير القادرين على وضع الأكل على موائد أطفالهم".
وذكر هادي، خلال جلسة مجلس الأمن الدولي أن بعض الأشخاص باتوا غير قادرين على شراء الطعام لأطفالهم لأنهم لم يتحصلوا على رواتبهم، مشيرا إلى أن الجوع في اليمن تحول إلى وباء.
من جانبه، أعلن منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، ستيفن أوبراين، أن اليمن باتت على بعد خطوة واحدة من المجاعة، وأن حوالي 80% من اليمنيين باتوا بحاجة للمساعدة ويعانون من سوء التغذية.
وحذر في كلمته خلال جلسة مجلس الأمن يوم 31 أكتوبر/تشرين الأول، من أن 7.6 ملايين شخص في اليمن يواجهون نقصا حادا في الغذاء وهم على بعد "خطوة واحدة" من المجاعة.
وأضاف أن "كل يوم حرب يكلف المدنيين كثيراً، وهناك 3 ملايين مشرد والجوع يشمل أغلبية اليمنيين، بالإضافة إلى مليوني يمني يحتاجون للمساعدة".
ويوضح تقرير للبنك الدولي أن الطبقة المتوسطة الصاعدة كانت تزداد تعاسة وتمزقا في اليمن، وأدى مزيج من الانقسامات الحادة وضآلة الطبقة المتوسطة وتقلصها إلى توفير الظروف المواتية لانعدام الاستقرار.
وقالت الخبيرة الاقتصادية الأولى في مكتب منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالبنك الدولي، إيلينا يانتشوفيتشينا: "في مصر واليمن، تقلص حجم الطبقة المتوسطة بدرجة كبيرة".
وتفاقم عدد الفقراء في اليمن خلال أكثر من عام ونصف العام من الحرب التي تشهدها البلاد، ليزحف الفقر إلى نحو 80% من إجمالي سكان البلاد البالغ عددهم 24 مليون نسمة، حسب تقارير دولية.
وبحسب تقرير حديث للبنك الدولي، فإن عدد الفقراء زاد من 12 مليون نسمة في أبريل/نيسان 2015 إلى أكثر من 20 مليوناً حالياً.
اقــرأ أيضاً
وكانت هذه الطبقة التي أشعلت ثورة اليمن ضحية حرب طاحنة منذ عام ونصف العام في هذا البلد الفقير، بين القوات الحكومية المدعومة من تحالف عربي بقيادة السعودية والمتمردين الحوثيين الموالين لإيران.
وتضم الطبقة المتوسطة الموظفين في القطاعين العام والخاص وصغار التجار وأساتذة الجامعات والكادر البشري المنتج في مختلف المجالات، وتعد العمود الفقري لاقتصاد البلاد.
وفي الوقت الذي تمكن فيه عشرات الآلاف من هذه الشريحة من مغادرة البلاد سعياً للرزق وهرباً من الأوضاع المتدهورة، ظلت الأغلبية عالقة تخوض حروباً لمواجهة انهيار الخدمات وارتفاع الأسعار وتوقف الأعمال والركود التجاري، فضلا عن مخاطر المعارك المسلحة.
ووجّهت أزمة تأخر الرواتب الضربة القاضية لطبقة الموظفين في القطاع الحكومي الذين دخلوا في صراع مع الجوع، والتي أدت إلى عمل أساتذة جامعة في تجارة القات والأعمال الحرفية.
وتلخص صرخة استغاثة أطلقها استاذ جامعي، نهاية أكتوبر/تشرين الأول، وضع الطبقة المتوسطة التي تعرضت للتدمير خلال الحرب، إذ أكد أستاذ علم الاجتماع والأنثروبولوجيا بجامعة صنعاء عبد الله معمر الحكيمي، أن الوضع الإنساني والصحي لأساتذة جامعة صنعاء كارثي، وقد شارفت الغالبية العظمى منهم على حافة الخطر بعد انقطاع الرواتب لثلاثة أشهر متتالية، الأمر الذي جعلنا "نعيش الفترة الماضية على اقتيات الكفاف".
وقال الحكيمي في نداء استغاثة للمنظمات والهيئات الإنسانية ومراكز الإغاثة المحلية والدولية: "الوضع المأساوي بعد أن وصل الحد بالبعض منا إلى الاكتفاء بوجبة واحدة في اليوم ولعدة أسابيع، والبعض الآخر بنصف وجبة وقد نفتقدها في قادم الأيام".
وتعتمد الطبقة المتوسطة على تحويلات المغتربين والمشروعات الصغيرة، والوظائف في القطاعين العام، والخاص وبدرجات متفاوتة.
واعتبر الباحث والمحلل الاقتصادي، حسام السعيدي، أنه عقب اندلاع الحرب تأثرت الطبقة الفقيرة بصورة أكبر خاصة تلك المعتمدة على مصادر الدخل اليومية، أو الأعمال الحرفية البسيطة، وكذلك بالنسبة للعاملين في القطاع الزراعي.
وقال السعيدي لـ "العربي الجديد": "وصلت الآثار إلى الطبقة المتوسطة ابتداء بالموظفين في القطاع الخاص الذين فقدوا وظائفهم، مرورا بالمشروعات الصغيرة ذات الطابع العائلي أو الشخصي، فكان التأثير واسعا على الطبقة المتوسطة في ذات الوقت".
وتابع: "بمرور الوقت لم يعد بإمكان الموظفين في القطاع العام الحصول على الحوافز والإضافات التي تفوق مرتباتهم عادة، وعلى الرغم من تدني مستوى الاستهلاك إجمالا إلا أن الاستهلاك بقي مرتفعا ويقابله تدنّ في مدخرات الأسر، أو ارتفاع في مستويات الدين".
وأوضح السعيدي أنه مع عجز السلطات عن دفع المرتبات، تفاقم الوضع كثيرا، فقد أصبح الفقراء على حافة المجاعة، بينما تقلّصت فئة متوسطي الدخل لتصبح ضمن الفئة الفقيرة بل انضم بعضهم للأشد فقرا التي لا تتمكن من توفير الغذاء والماء والسكن.
وحذرت منظمات دولية، الاثنين الماضي، من خطر تفاقم أزمة الغداء في اليمن وانتقال الطبقة الوسطى إلى مستوى تحت خط الفقر.
وقال المدير الإقليمي لبرنامج الغذاء العالمي، مهند هادي، "إن الطبقة المتوسطة في اليمن أصبحت في عداد أولئك الأشخاص غير القادرين على وضع الأكل على موائد أطفالهم".
وذكر هادي، خلال جلسة مجلس الأمن الدولي أن بعض الأشخاص باتوا غير قادرين على شراء الطعام لأطفالهم لأنهم لم يتحصلوا على رواتبهم، مشيرا إلى أن الجوع في اليمن تحول إلى وباء.
من جانبه، أعلن منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، ستيفن أوبراين، أن اليمن باتت على بعد خطوة واحدة من المجاعة، وأن حوالي 80% من اليمنيين باتوا بحاجة للمساعدة ويعانون من سوء التغذية.
وحذر في كلمته خلال جلسة مجلس الأمن يوم 31 أكتوبر/تشرين الأول، من أن 7.6 ملايين شخص في اليمن يواجهون نقصا حادا في الغذاء وهم على بعد "خطوة واحدة" من المجاعة.
وأضاف أن "كل يوم حرب يكلف المدنيين كثيراً، وهناك 3 ملايين مشرد والجوع يشمل أغلبية اليمنيين، بالإضافة إلى مليوني يمني يحتاجون للمساعدة".
ويوضح تقرير للبنك الدولي أن الطبقة المتوسطة الصاعدة كانت تزداد تعاسة وتمزقا في اليمن، وأدى مزيج من الانقسامات الحادة وضآلة الطبقة المتوسطة وتقلصها إلى توفير الظروف المواتية لانعدام الاستقرار.
وقالت الخبيرة الاقتصادية الأولى في مكتب منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالبنك الدولي، إيلينا يانتشوفيتشينا: "في مصر واليمن، تقلص حجم الطبقة المتوسطة بدرجة كبيرة".
وتفاقم عدد الفقراء في اليمن خلال أكثر من عام ونصف العام من الحرب التي تشهدها البلاد، ليزحف الفقر إلى نحو 80% من إجمالي سكان البلاد البالغ عددهم 24 مليون نسمة، حسب تقارير دولية.
وبحسب تقرير حديث للبنك الدولي، فإن عدد الفقراء زاد من 12 مليون نسمة في أبريل/نيسان 2015 إلى أكثر من 20 مليوناً حالياً.