الجولة الرابعة من مفاوضات "النهضة": توافق شكلي وخلافات جوهرية

09 يناير 2020
تنتهي المباحثات اليوم الخميس في إثيوبيا (الأناضول)
+ الخط -
بدأ الاجتماع الرابع لوزراء الموارد المائية والوفود الفنية من الدول الثلاث (مصر، السودان، إثيوبيا)، وبمشاركة البنك الدولي، أمس الأربعاء، في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، لاستكمال المباحثات بخصوص قواعد الملء والتشغيل لسد النهضة، على أن ينتهي الاجتماع اليوم، الخميس. وقال مصدر مصري في وزارة الري، لـ"العربي الجديد"، إن الاجتماع يشهد صعوبة في فتح مجال المفاوضات لتشمل عملية تشغيل السد على المدى الأطول، لافتاً إلى أن إثيوبيا ما زالت تتمسك بأن تقتصر المفاوضات في الوقت الراهن على عملية ملء خزان السد. وأكد المصدر أنه على صعيد عملية ملء خزان السد، ما زالت هناك خلافات واضحة في مسار المفاوضات، مشدّداً على أن مصر ما زالت تتمسك باستمرار الصرف من النيل الأزرق، أثناء فترة الملء والجفاف الممتد، بما لا يقل عن 40 مليار متر مكعب. وأضاف: "نحن نتمسك أيضاً بالتوصل لحل متكامل لعمليات الملء والتشغيل وإعادة الملء والتعامل مع فترات الجفاف والجفاف الممتد، مع إنشاء آلية ثابتة للتعاون بين الدول الثلاث، وهو ما تتهرب منه أديس أبابا حتى الآن".

من جهته، اعتبر وزير الموارد المائية والري محمد عبد العاطي، في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية للاجتماعات، أنه من الأفضل أن ننتقل مباشرةً إلى مناقشاتنا الفنية، التي يجب أن تمضي بروح من حسن النية والتعاون من أجل التوصل إلى اتفاق بشأن ملء وتشغيل سد النهضة، موضحاً أنه تم تحديد المكونات الأساسية لهذا الاتفاق، في الاجتماعات الثلاثة السابقة التي عقدت في أديس أبابا والقاهرة والخرطوم. وأضاف أن المكونات الفنية الأساسية للاتفاقية النهائية، تتضمَّن مرحلة ملء سد النهضة، التي تُمكّن إثيوبيا من توليد الطاقة الكهرومائية وتحقيق التنمية وتدابير تخفيف الجفاف لمواجهة حالات الجفاف أو الجفاف الممتد، والتي قد تتزامن مع فترة ملء سد النهضة والقواعد التشغيلية العادلة والمتوازنة، وتسمح لإثيوبيا بتوليد الطاقة الكهرومائية بشكل مستدام، مع الحفاظ على تشغيل السد العالي وإنشاء آلية تنسيق فعالة لتسهيل تنفيذ الاتفاقية.


وتابع عبد العاطي: "أشعر بأننا اتفقنا على هذه المكونات الأساسية، وتكمن اختلافاتنا في نهج التعبير عن هذه العناصر، وفي بعض القيم العددية المرتبطة ببعض التعريفات، مثل حدود الجفاف، وبعض الاختلافات في ما يتعلق بالتصريفات الخارجة من سد النهضة في الظروف الهيدرولوجية المختلفة". واستطرد قائلاً: "نستطيع سدّ الفجوة بيننا في هذه القضايا، وجولة المفاوضات الحالية في أديس أبابا تهدف لتبادل بعض الأفكار والمفاهيم، التي نأمل أن تساهم في التوصل إلى اتفاق شامل وتعاوني ذي منفعة متبادلة في ما يخص ملء وتشغيل سد النهضة، وفقاً لاتفاق إعلان المبادئ لعام 2015".

وشدّد الوزير على أن هذا الاتفاق يجب أن يحمي دول المصبّ من الأضرار الجسيمة التي يمكن أن يسبّبها سد النهضة، قائلاً: "يجب أن يتكامل سد النهضة بوصفه منشأً مائياً جديداً في نظام النيل الشرقي في عملية إدارة مشتركة مع السد العالي في أسوان؛ للحفاظ على مرونة المنظومة المائية لمواجهة الظروف القاسية التي قد تنشأ عن ملء وتشغيل سد النهضة". وأضاف: "نحتاج أيضاً إلى الاتفاق على تدابير تخفيف الجفاف بناءً على التنسيق والتعاون بين سد النهضة والسد العالي، وهو ما يعد ضرورياً بالنظر إلى حقيقة أن مصر تعاني بالفعل من نقص كبير في المياه يصل إلى 21 مليار متر مكعب في السنة".

وأشار عبد العاطي إلى أن مصر تعالج هذا العجز في الوقت الحالي عن طريق إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي والصحي المعالجة على نطاق واسع، قائلاً: "نقوم بإعادة تدوير المياه بنسبة تصل إلى 10 آلاف جزء في المليون؛ ما يعني أن كفاءة استخدام المياه في مصر تتجاوز 85 في المائة". وأشار إلى أن هناك فرصة حقيقية "لتحقيق تقدم في اجتماعنا، من أجل التغلب على هذه الاختلافات، ونأمل في الخروج بمسودة اتفاقية لملء وتشغيل سد النهضة".

وتعد الجولة الرابعة من المباحثات، التي انطلقت أمس الأربعاء في أديس أبابا، الأخيرة بين وزراء الري والخبراء من مصر والسودان وإثيوبيا، منذ اتفاق وزراء الخارجية في واشنطن في 6 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي على خريطة عمل، تنتهي باجتماع في واشنطن في 13 يناير الحالي لواحد من أمرين: إما وضع اللمسات الأخيرة لاتفاق شامل ودائم بين الدول الثلاث حول ملء بحيرة سد النهضة وقواعد تشغيله، والآلية التي ستتم من خلالها مراقبة تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه، أو الاتفاق على تمديد المفاوضات بطلب من الراعي الأميركي لها، لفترة محددة أخرى، بعد تقييم ما تم إنجازه خلال المفاوضات الفنية.