قال مسؤول بارز في وزارة الصناعة والتجارة الخارجية المصرية، إن رفض الجيش للبنود الخاصة بطرح الأراضي ومنح التراخيص الخاصة بها، كان سبباً رئيسياً في استبعاد مشروع قانون الاستثمار الموحد، الذي كان يجري العمل على إعداده، والاستقرار على إجراء تعديلات فقط على قانون الاستثمار القائم حالياً والصادر قبل نحو 18 عاماً.
وأوضح المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه، في تصريح لمراسل "العربي الجديد" في القاهرة، أن "مشروع قانون الاستثمار الموحد واجه رفضاً كبيراً من جانب الجيش، وكذلك الهيئات التي يقع تحت ولايتها منح التراخيص والموافقات الخاصة بالأراضي".
وأضاف "الجيش ينظر للأراضي باعتبارها مصدر دخل إضافي له، ولا يمكن أن يتخلى عن ذلك.. لقد واجه مشروع القانون مقاومة كبيرة من جانب مراكز القوى في الدولة".
وتخضع مساحات واسعة من الأراضي في مصر لسيطرة الجيش، الذي يجب الحصول على موافقته لطرح الأراضي للاستثمار، فيما كان مشروع قانون الاستثمار الموحد الذي اطلعت "العربي الجديد" على مسودته ينص على أن "يقتصر عرض الأراضي المتاحة للاستثمار على الهيئة العامة للاستثمار من خلال الشباك الموحد، الذي يضم مفوضين من جهات الولاية على الأراضي".
كما يلزم القانون الجهات صاحبة الولاية على الأراضي بموافاة هيئة الاستثمار بخرائط تفصيلية محدداً عليها جميع الأراضي المتاحة للاستثمار تحت ولايتها على مستوى الجمهورية، بالاضافة إلى قاعدة بيانات كاملة تتضمن المساحات والأسعار والمرافق ونظم التصرف وغيرها من الإجراءات، كما تلتزم جهات الولاية بتحديث هذه البيانات بصفة مستمرة.
ويجمع الجيش المصري منذ عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، الذي أطاحت به ثورة يناير/كانون الثاني 2011، أنشطة اقتصادية واسعة في مجالات متنوعة.
وخرج دور الجيش من الظل إلى العلن بعد الإطاحة بالرئيس محمد مرسي الذي وصل إلى الحكم عبر انتخابات رئاسية في العام التالي للثورة، عندما أعلنت شركة "أرابتك" الإماراتية في مارس/آذار 2014، أنها وقعت صفقة بـ 40 مليار دولار مع الجيش المصري لبناء مليون وحدة سكنية في مصر، لكن المشروع تم تحويله في ما بعد إلى وزارة الإسكان ولم يتم اتخاذ خطوات ملموسة بشأنه.
وأثار حصول الجيش خلال العام ونصف العام الأخير على مشروعات تنموية وإنشائية، مخاوف لدى المستثمرين وخبراء اقتصاد من سيطرة الجيش على أنشطة اقتصادية عدة، ما يزيد من صعوبة تمكن مصر من جذب استثمارات جديدة لإنعاش الاقتصاد العليل، خلال مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري المقرر عقده في مارس/آذار المقبل.
وتقول الحكومة المصرية إنها تستهدف جذب استثمارات بنحو 20 مليار دولار خلال المؤتمر الذي سيقام في شرم الشيخ شمال شرق البلاد، عبر طرح 30 مشروعاً في قطاعات مختلفة.
ويبدو أن إفساح المجال للقطاع الخاص بشكل أكبر يعد من المطالب الرئيسية للمانحين الدوليين.
وقال المسؤول في وزارة الصناعة والتجارة الخارجية إن البنك الدولي طلب من الحكومة ضرورة استكمال برامج الخصخصة لشركات قطاع الأعمال المملوكة للدولة حتى 2020، بالإضافة إلى وقف برامج دعم الطاقة والسلع التموينية.
لكن المسؤول تابع "لا أتوقع حدوث صدام حالياً بين وجود الجيش في الاقتصاد، وخطط البنك الدولي خلال الفترة المقبلة .. البنك يعتمد على سياسة التدرج في السياسات الاقتصادية في ظل الوضع المصري والظروف الشائكة".
وبحسب المسؤول، لا تزال شركات قطاع الاعمال المملوكة للدولة من النقاط محل الخلاف مع البنك الدولي بضرورة التخلص منها وعدم منافسة الدولة للقطاع الخاص.