24 يناير 2019
الحب وغدر الحبيب
سيلا الوافي (سورية)
نعتقد أنّ قصص الحب رائعة للوهلة الأولى، إلا أنها، مع مرور الوقت، قد تنتهي بالفراق أو الطلاق، إنها قصص الحب التي توّهمناها مثالية، ومن أجلها بذلنا الغالي والرخيص، لكن تبيّن أنّها كذبة كبيرة وخيبة أمل هائلة في قصتنا هذه.
على خلاف قصص الحب التي قرأنا عنها أو سمعنا بها، والتي كانت تنتهي بنهايات سعيدة، ففي قصة "مهند" من أول عاصفة هبّت على زواجه بـ "سلمى"، انهارت جدران حبهما، ليس فقط بالانفصال، ولكن باللجوء لقاعات المحاكم.
بدأت قصة حبهما (مهند، سلمى) قبل بدء الثورة بقليل، حين أنهى مهند دراسته في معهد الكهرباء، وبدأ رحلة بحثه عن العمل ولكن للقدر رأي أخر بأن يجد حبيبته التي حلم بها قبل إيجاده ما يبحث عنه.
أحب مهند أميرة أحلامه وعمره، وأخلص لها منذ الوهلة الأولى، ودليلا على إخلاصه، أراد الزواج منها، إلا أنّ عائلته عارضته بشدة، ووقفوا بوجهه بسبب الفوارق المعيشية والبيئية التي بينهم، إلا أنه لم يرضخ لأهله ولآرائهم، وبعد مجابهة أهله وإقناعهم بفتاة أحلامه، اكتملت مراسم الخطبة والزواج، ومضت الأيام بهدوء مشبوه يهدد بإنذار لعاصفة محتملة.
كان مهند مثالا للزوج الصالح الذي يحرص على سعادة زوجته وحبيبته، دائم الحرص على أن يفعل كل ما في وسعه لتلبية مطالبها لتكون سعيدة غير نادمة على زواجها منه في يوم ما، تفانى بالعمل، لكي لا يدع ثغرة أو نقص تعكّر صفو حياتهم الهادئة. وبعد شهور، وضعت سلمى مولودها الأول، لتكون الدليل على الحب الكبير الذي عاشوه سويا، ومن ثم جاء المولود الثاني ليكلل حبهم وزواجهم بالحياة الكريمة، وكدليل أخر على نجاح علاقتهم.
ولكن هل يشفع الحب لنا من غدر الحبيب؟ أو هل يكون الأطفال الرابط القوي لاستمرار علاقة الحب؟
بدون سابق إنذار، وبدون أي مبررات طلبت سلمى الطلاق من حبيبها وزوجها مهند. وعلى الرغم من أنّ سلمى لم تفصح عن سبب طلبها إلا أنه اتضح فيما بعد أن سلمى تريد الزواج من رجل آخر، أكثر جاها ومالا، ضاربة بعرض الحائط قصة الحب الكبيرة التي أثمرت بإنجاب طفلين.
كانت صدمة قوية تعرّض لها مهند، فلم يكن مدركا لما هو عليه أمام طلب زوجته المفاجئ وصدمته الأكبر بمغادرتها المنزل غير مكترثة لأمره أو لأطفالها وصوت بكائهم، ولكن حبه لها دفعه إلى المحاولة لإصلاح العلاقة بشتى الطرق وطلب المساعدة من الأهل والأقارب، علها بكلامهم معها تعدل عن قرارها لكن من دون جدوى. وقف مهند متخبطا لا يعلم ماذا عساه يفعل، وهو يظن أنه أمام كابوس سوف يستيقظ منه قريبا.
مضت سنة على هذا الحال من دون تغيير، ليستيقظ في أحد الأيام ويجد سلمى جالسة بالقرب منه تحتسي القهوة، أصابه الجمود وتلبدت مشاعره، كان إحساسا ما في داخله يخبره بأنها آتية لتضع حدا تنهي به العلاقة التي تربطهم، وكان له ما توقع، إذ قالت له أتيت لننفصل وأخبرك بأنني ذاهبة إلى دار القضاء، لرفع دعوى خلع عليك، ويجب أن تكون حاضرا معي.
أدرك حينها أن الكلام لم يعد يجدي نفعا معها، ولا مع قسوتها، فإذا كانت لم تسأل عن فـلذات كبدها، فمن هو لترأف به؟ وكان لها ما أرادت، ودعته غير مبالية بألمه وحزنه، مؤكدة أنها سوف تغادر سورية قريبا.
في الطلاق، يبقى الحلقة الأضعف الأطفال، فما ذنبهم أن يعيشوا محرومين من حنان أمهم؟ ما ذنب الطفل في خطأ أبيه أو أمه؟
معروف أنّ الطفل بحاجة لكلا والديه في جميع الأحوال، حتى لو حاول أحد الطرفين تعويضه عن الطرف الآخر، فهذا لا يعوضه عن فقده أحدهما.
لم يتوقف الأطفال يوما عن السؤال عن أمهم، بينما أبيهم يقف عاجزا عن الإجابة، ومع اشتداد مرض طفله الأكبر، قرّر الاتصال بها ليطمئن على حالها، ويطلب منها التكلم مع أطفالها ظنّا منه أنها خارج سورية، ولا تستطيع القدوم. كان خطها مقفلا، فأرسل يسأل عنها لتكن صدمته بأن طليقته تزوجت من رجل أكبر منها بكثير، إلا أنه يملك الكثير من المال، وهبها بيتا باسمها وغمرها بنقوده الكثيرة، ولكنه بعمر والدها ويعاني من عدّة أمراض، إذ قبلت أن تكون خادمة وممرضة لمسن مقابل حفنة من المال وبعض الجدران والأثاث التي من الممكن أن تتحول إلى ركام في أي لحظة بفعل الغارات الجوية.
زواجها الجديد والمال الوفير الذي أغدق عليها، أنساها فلذات كبدها، كان عزائه الوحيد في محنته هو وجود أطفاله وتفهمهم للوضع رغم صغر سنهم، كفكفوا دمع والدهم بأيديهم الصغيرة، وقالوا له: لا تحزن، نحن معك، لن نتركك وسنتغلب معا على شوقنا لأمنا وننساها كما فعلت هي.
لم يتوقع ردة فعلهم الطفولية البريئة إلا أن كلامهم كان بلسما شافيا لجراحه البليغة. وما زال مهند يعيش مع أطفاله بدور الأم والأب، ويغمرهم بكل ما أوتي من حب وعطف وحنان. ومع ذلك يمكن للحب أن ينجح ويستمر الزواج للأبد، بحال أراد الزوج والزوجة ذلك، وعندما تكون العلاقة المبنية من الطرفين من دون استثناء على الصدق والإخلاص، لا على المنافع الشخصية والأهواء.
على خلاف قصص الحب التي قرأنا عنها أو سمعنا بها، والتي كانت تنتهي بنهايات سعيدة، ففي قصة "مهند" من أول عاصفة هبّت على زواجه بـ "سلمى"، انهارت جدران حبهما، ليس فقط بالانفصال، ولكن باللجوء لقاعات المحاكم.
بدأت قصة حبهما (مهند، سلمى) قبل بدء الثورة بقليل، حين أنهى مهند دراسته في معهد الكهرباء، وبدأ رحلة بحثه عن العمل ولكن للقدر رأي أخر بأن يجد حبيبته التي حلم بها قبل إيجاده ما يبحث عنه.
أحب مهند أميرة أحلامه وعمره، وأخلص لها منذ الوهلة الأولى، ودليلا على إخلاصه، أراد الزواج منها، إلا أنّ عائلته عارضته بشدة، ووقفوا بوجهه بسبب الفوارق المعيشية والبيئية التي بينهم، إلا أنه لم يرضخ لأهله ولآرائهم، وبعد مجابهة أهله وإقناعهم بفتاة أحلامه، اكتملت مراسم الخطبة والزواج، ومضت الأيام بهدوء مشبوه يهدد بإنذار لعاصفة محتملة.
كان مهند مثالا للزوج الصالح الذي يحرص على سعادة زوجته وحبيبته، دائم الحرص على أن يفعل كل ما في وسعه لتلبية مطالبها لتكون سعيدة غير نادمة على زواجها منه في يوم ما، تفانى بالعمل، لكي لا يدع ثغرة أو نقص تعكّر صفو حياتهم الهادئة. وبعد شهور، وضعت سلمى مولودها الأول، لتكون الدليل على الحب الكبير الذي عاشوه سويا، ومن ثم جاء المولود الثاني ليكلل حبهم وزواجهم بالحياة الكريمة، وكدليل أخر على نجاح علاقتهم.
ولكن هل يشفع الحب لنا من غدر الحبيب؟ أو هل يكون الأطفال الرابط القوي لاستمرار علاقة الحب؟
بدون سابق إنذار، وبدون أي مبررات طلبت سلمى الطلاق من حبيبها وزوجها مهند. وعلى الرغم من أنّ سلمى لم تفصح عن سبب طلبها إلا أنه اتضح فيما بعد أن سلمى تريد الزواج من رجل آخر، أكثر جاها ومالا، ضاربة بعرض الحائط قصة الحب الكبيرة التي أثمرت بإنجاب طفلين.
كانت صدمة قوية تعرّض لها مهند، فلم يكن مدركا لما هو عليه أمام طلب زوجته المفاجئ وصدمته الأكبر بمغادرتها المنزل غير مكترثة لأمره أو لأطفالها وصوت بكائهم، ولكن حبه لها دفعه إلى المحاولة لإصلاح العلاقة بشتى الطرق وطلب المساعدة من الأهل والأقارب، علها بكلامهم معها تعدل عن قرارها لكن من دون جدوى. وقف مهند متخبطا لا يعلم ماذا عساه يفعل، وهو يظن أنه أمام كابوس سوف يستيقظ منه قريبا.
مضت سنة على هذا الحال من دون تغيير، ليستيقظ في أحد الأيام ويجد سلمى جالسة بالقرب منه تحتسي القهوة، أصابه الجمود وتلبدت مشاعره، كان إحساسا ما في داخله يخبره بأنها آتية لتضع حدا تنهي به العلاقة التي تربطهم، وكان له ما توقع، إذ قالت له أتيت لننفصل وأخبرك بأنني ذاهبة إلى دار القضاء، لرفع دعوى خلع عليك، ويجب أن تكون حاضرا معي.
أدرك حينها أن الكلام لم يعد يجدي نفعا معها، ولا مع قسوتها، فإذا كانت لم تسأل عن فـلذات كبدها، فمن هو لترأف به؟ وكان لها ما أرادت، ودعته غير مبالية بألمه وحزنه، مؤكدة أنها سوف تغادر سورية قريبا.
في الطلاق، يبقى الحلقة الأضعف الأطفال، فما ذنبهم أن يعيشوا محرومين من حنان أمهم؟ ما ذنب الطفل في خطأ أبيه أو أمه؟
معروف أنّ الطفل بحاجة لكلا والديه في جميع الأحوال، حتى لو حاول أحد الطرفين تعويضه عن الطرف الآخر، فهذا لا يعوضه عن فقده أحدهما.
لم يتوقف الأطفال يوما عن السؤال عن أمهم، بينما أبيهم يقف عاجزا عن الإجابة، ومع اشتداد مرض طفله الأكبر، قرّر الاتصال بها ليطمئن على حالها، ويطلب منها التكلم مع أطفالها ظنّا منه أنها خارج سورية، ولا تستطيع القدوم. كان خطها مقفلا، فأرسل يسأل عنها لتكن صدمته بأن طليقته تزوجت من رجل أكبر منها بكثير، إلا أنه يملك الكثير من المال، وهبها بيتا باسمها وغمرها بنقوده الكثيرة، ولكنه بعمر والدها ويعاني من عدّة أمراض، إذ قبلت أن تكون خادمة وممرضة لمسن مقابل حفنة من المال وبعض الجدران والأثاث التي من الممكن أن تتحول إلى ركام في أي لحظة بفعل الغارات الجوية.
زواجها الجديد والمال الوفير الذي أغدق عليها، أنساها فلذات كبدها، كان عزائه الوحيد في محنته هو وجود أطفاله وتفهمهم للوضع رغم صغر سنهم، كفكفوا دمع والدهم بأيديهم الصغيرة، وقالوا له: لا تحزن، نحن معك، لن نتركك وسنتغلب معا على شوقنا لأمنا وننساها كما فعلت هي.
لم يتوقع ردة فعلهم الطفولية البريئة إلا أن كلامهم كان بلسما شافيا لجراحه البليغة. وما زال مهند يعيش مع أطفاله بدور الأم والأب، ويغمرهم بكل ما أوتي من حب وعطف وحنان. ومع ذلك يمكن للحب أن ينجح ويستمر الزواج للأبد، بحال أراد الزوج والزوجة ذلك، وعندما تكون العلاقة المبنية من الطرفين من دون استثناء على الصدق والإخلاص، لا على المنافع الشخصية والأهواء.