وأوردت الصحيفة أن فعالية ترسانة أميركا من الأسلحة الإلكترونية كانت مخيبة للآمال في مواجهة تنظيم "داعش"، الذي يلجأ لشبكة الإنترنت بشكل مكثف لتجنيد مقاتلين جدد، ونشر البروباغندا، واستخدام الاتصالات المشفرة. أما السر وراء هذا الفشل، بحسب الصحيفة، فهو قدرة "داعش" على استعادة الوضع السابق بعد تجميد فرق المهام الأميركية حواسيبها، أو التلاعب ببيانات التنظيم.
وفي التفاصيل، أوضحت "نيويورك تايمز" أنه مر أكثر من عام على إعلان وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) خوض حرب جديدة ضد "داعش" من خلال شن هجمات إلكترونية على التنظيم، بهدف ضرب قدرته على نشر رسائله، واستقطاب عناصر جدد، وإرسال المال للمقاتلين، وكذا نشر الأوامر من القادة.
بيد أنه، كما تورد الصحيفة، بات واضحا بعد الهجمات الأخيرة التي تبناها "داعش" ببريطانيا وإيران ،أنه استطاع مواصلة استقطاب مقاتلين جدد وإقامة شبكات تواصل جديدة لعناصره تظهر بمجرد ما يتم نسف الشبكات القائمة. وأضافت أنه أمام هذا الوضع ينكب المسؤولون الأميركيون على إعادة النظر في تقنيات الهجمات الإلكترونية، التي تم وضعها في الأساس لاستهداف أهداف ثابتة مثل المنشآت النووية، وبأنه يتعين تطويرها لمحاربة التنظيمات المتطرفة التي أصبحت قادرة على تحويل شبكة الإنترنت إلى سلاح.
في المقابل، قالت الصحيفة إن إحدى العمليات النادرة الناجحة ضد "داعش" تمت جزئيا بفضل إسرئيل، بعدما نجح عملاء الأخيرة على الشبكة العنكبوتية قبل أشهر في اختراق خلية صغيرة للتنظيم بسورية كانت مكلفة بصنع العبوات الناسفة. وبحسب "نيويورك تايمز"، فإنه بفضل تلك العملية انتبهت الولايات المتحدة إلى أن التنظيم المتطرف يطور متفجرات قادرة على المرور من خلال أجهزة الكشف بالمطارات دون الانتباه إليها، لأنها تبدو مثل بطاريات شحن الحواسيب المحمولة.
وكشفت الصحيفة عن أن المعلومات التي تم الحصول عليها كانت شاملة، وأنها ساهمت في الحظر الذي تم فرضه على حمل المسافرين أجهزتهم الإلكترونية إلى داخل الطائرات على الرحلات الجوية من عشر دول إسلامية في اتجاه أميركا وبريطانيا.
كما أضافت أن ما تم كشفه خلال تلك العملية هو جزء من المعلومات الاستخباراتية السرية التي يُتهم الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بتسريبها لنظيره الروسي، فلاديمير بوتين، حينما استقبله بالبيت الأبيض الشهر الماضي.
وفي ما يتعلق بأسباب فشل الحرب الإلكترونية التي تشنها واشنطن على "داعش"، أشارت "نيويورك تايمز" إلى أن أجندة التنظيم، والتكتيكات التي يلجأ إليها، تجعل منه عدوا لا يستهان به بالفضاء الإلكتروني. فقد أبان التنظيم عن قدرته على استخدام أجهزة الكمبيوتر وشبكات التواصل الاجتماعي في تجنيد عناصر جديدة، وجمع الأموال، وتنسيق الهجمات.
وأضافت الصحيفة أن مثل هذه الأنشطة لا ترتبط بمكان واحد محدد، كما هو الحال بالنسبة لأجهزة الطرد المركزي بإيران، وأن عناصر التنظيم بإمكانهم اللجوء إلى تقنيات التشفير المتطورة والمتوفرة بمبالغ مالية زهيدة.
كما أشارت إلى أن الهجمة الإلكترونية الأكثر تعقيدا التي شنتها الولايات المتحدة ضد "داعش" كانت تهدف إلى تدمير قدرة التنظيم على نشر أشرطة الفيديو والدعاية على الإنترنت، موضحة أن أميركا نجحت في اختراق حسابات التنظيم على الإنترنت، وقامت بوقف تواصل المقاتلين وحذف أشرطة التنظيم.
لكن نتائج تلك العملية كانت مؤقتة، كما توضح الصحيفة، بعدما انتبه المسؤولون الأميركيون في وقت لاحق إلى أن ما تم حذفه إما جرت استعادته أو نقله إلى خوادم إلكترونية جديدة.