وقرر مجلس النواب بأغلبية أعضائه، تكليف المكتب الدائم بتشكيل لجنة تحقيق تتكون من رؤساء اللجان النيابية خلال جلسة، اليوم الثلاثاء، خصصت لمناقشة فاجعة البحر الميت، وعقدت بقاعة المؤتمرات الرئيسية في مسجد الملك عبد الله المؤسس، بسبب أعمال الصيانة في مجلس النواب بحضور جميع الوزراء، للبحث في أوجه التقصير الحكومي في الحادثة.
وأعلن رئيس المجلس، عاطف الطراونة، عقب رفع الجلسة التي استغرقت نحو 3 ساعات، أن المكتب الدائم سيجتمع اليوم لتشكيل اللجنة، على أن تقدّم تقريرها خلال 10 أيام، مشيراً إلى أن اللجنة النيابية ستكون ملزمة بتقديم تقريرها خلال عشرة أيام اعتباراً من اليوم الثلاثاء.
وقال رئيس كتلة الإصلاح النيابية، عبد الله العكايلة، إنّ ما جرى هو جريمة يجب أن تستقيل عليها الحكومة، مشدداً على أن المسؤولية الجنائية يحددها القضاء، لكن المسؤولية السياسية تتحملها الحكومة، مطالباً النواب بسحب الثقة من الحكومة في حال لم تقم بتقديم استقالتها.
ودعا النائب مصلح الطراونة وزيري التربية والتعليم عزمي محافظة والسياحة والآثار لينا عناب إلى تقديم استقالتهما قبل كل شيء، متسائلاً عن نتائج لجان التحقيق في أحداث سابقة مثل الكرك ولجنة مراقبة ارتفاع الأسعار.
من جهته طالب النائب، خالد البكار، أن تقوم اللجنة القانونية بالتحقيق في الحادثة وليس تشكيل لجنة حكومية، مضيفاً بأن خطاب الحكومة لم يرتق لمستوى الفاجعة.
وأشارت النائبة رنده الشعار بوصفها شاهدة على فاجعة البحر الميت، إلى انهيار في سد ماعين، مؤكدة أن كميات المياه المتدفقة لم تكن مياه أمطار، وإنما مياه السد، وكانت رائحتها نتنة جداً لدرجة أن الأطفال الذين كان يتم إنقاذهم يجدون صعوبة في التنفس لشدة رائحة المياه الآسنة.
وقال النائب خليل عطية، إنّ حادثة البحر الميت منظورة أمام القضاء ولا يجوز لأي جهة التحقيق فيها.
واعتبر النائب صوان الشرفات، أن ما حدث في البحر الميت غضب رباني، مضيفاً "يومياً تخرج 150 حافلة، اشكروا الله لتعرُّض حافلة واحدة لحادث".
واستهجن النائب محمد نوح القضاة مطالبة النواب الحكومة بتقديم استقالتها، قائلاً إن الحلّ والربط هو بيد النواب أنفسهم.
وقال القضاة خلال جلسة النواب الصباحية، الثلاثاء: "الحكومة قدمت ما لديها، وأرى أن الحقّ والمسؤولية يقعان على مجلس النواب، فكل الحديث الآن هو نبش للجراح لا فائدة منه، الحلّ والربط بيد النواب، إما أن نسحب الثقة أو نتوقف عن تقاذف الاتهامات".
وكانت اللجنة القانونية، طالبت بتشكيل لجنة تحقيق للاطلاع على كافة التفاصيل المتعلقة بهذه الحادثة، من أجل الوصول إلى الحقائق بكامل الشفافية والوضوح، وتحديد المسؤولية القانونية والأخلاقية والأدبية للجهات ذات العلاقة، ومتابعة الإجراءات العملية الواجب اتخاذها لمنع تكرار ما حدث.
بدوره، قال رئيس الوزراء الأردني، عمر الرزاز، خلال الجلسة إنّ الحكومة تتحمل المسؤولية الأخلاقية والإدارية، وواجب الحكومة ليس البحث عن كبش فداء، ولكن المطلوب أن تتحقق من الحيثيات بدقة ووضوح، وتتعرف على أوجه القصور والخلل حتى لا تتكرر هذه المأساة.
وأكد الرزاز خلال الجلسة، أنه ستتم محاسبة المقصرين بالحادثة، داعياً إلى الالتفات لمكامن الخلل لتلافي الوقوع فيه مرة أخرى.
وأضاف أن الدول الناجحة ليست تلك التي لا تخطئ، بل التي تستفيد من العبر وتحاسب المقصرين دون تردد، مشيراً إلى أن المقصرين أنواع، فمنهم من خالف القوانين والتعليمات والأنظمة ولم يقم بتطبيقها، وهذا تتوجب إحالته إلى القضاء، والنوع الثاني من لم يخالف القوانين والتعليمات والأنظمة، لكن جهوده لم ترق إلى مستوى المسؤولية وهذا عليه التنحي من موقعه، أما النوع الثالث من المقصرين فهو من تصدى للأزمة بكل كفاءة لكن لم يستطع تغيير النتائج وهذا يستحق الشكر.
وأعرب الرزاز خلال الجلسة عن تعازيه لذوي الضحايا وتمنياته للمصابين بالشفاء العاجل، كما عبر عن حزنه تجاه ما جرى، مقدّراً مشاعر الأردنيين الذين انفطرت قلوبهم تجاه ما حدث في البحر الميت.
وفي سياق متصل، تراجعت وزارة التربية والتعليم الأردنية عن قرارها بتعليق دوام مدرسة فكتوريا لمدة أسبوع حتى استكمال التحقيقات في القضية المنظورة حالياً لدى مدعي عام عمان، وأعلنت عن استئناف الدراسة اعتباراً من اليوم الثلاثاء.
وقال أمين عام وزارة التربية والتعليم للشؤون التعليمية، محمد العكور، في تصريح صحافي، إنّ الوزارة ستتولى إدارة مدرسة فكتوريا الخاصة اعتباراً من اليوم الثلاثاء، وذلك حفاظاً على استقرار واستمرار العملية التدريسية فيها، مشيراً إلى أن الوزارة سترسل فريقاً من المشرفين والمرشدين لتقديم الدعم النفسي لطلاب المدرسة، في ضوء الآثار النفسية الكبيرة التي خلفتها الحادثة الأليمة التي تعرض لها الطلاب خلال رحلة الأسبوع الماضي إلى منطقة البحر الميت.
يشار إلى أن فاجعة البحر الميت وقعت الخميس الماضي، بعد أن داهمت السيول العارمة منطقة البحر الميت غرب الأردن، وتسببت بوقوع 21 قتيلاً و35 مصاباً، جلّهم من الأطفال الذين كانوا في رحلة مدرسية في منطقة زرقاء ماعين القريبة من البحر الميت.