موجة جديدة تضرب بالجمعيات "الأهلية الإسلامية" في مصر، برعاية من الحكومة الحالية برئاسة إبراهيم محلب، تشمل تضييق الخناق على الجمعيات الأهلية بدعوى تمويلها لجماعة الإخوان المسلمين كما تشمل حظر المجلات الدينية التي تصدرها تلك الجمعيات، ويصل الأمر إلى حل الجماعة بشكل كامل من خلال حكم قضائي.
فقد أعلنت مديرية التضامن الاجتماعي بالسويس عن مصادرة ممتلكات 15 جمعية أهلية والتحفظ على أرصدتها البنكية، بناء على قرار وزارة التضامن الاجتماعي.
القرار شمل جمعيات "نماء للتنمية الاجتماعية، رابطة دعاة السويس، بلال بن رباح، علي بن أبي طالب، جند الرضوان، نهضة بلدنا، القدس الخيرية، أئمة الأوقاف، أبو الإسلام، الجمعية المصرية لرعاية الكلى، أنس بن مالك، الصفا للرعاية"، وجميعها جمعيات أهلية تقدم خدمات ورعاية اجتماعية وصحية لمحدودي الدخل.
وأعلنت بعض الجمعيات الصادر بحقها قرار المصادرة، أنها تتعرض لما أسمته "حملة تصفية" إذ تعتمد هذه الجمعيات في مصادر تمويلها على التبرعات، وبقرار مصادرتها ستتوقف التبرعات وسيتم تعيين مجالس إدارات جديدة لها من قبل الحكومة.
وكانت حكومة حازم الببلاوي التي تشكلت في أعقاب الانقلاب العسكري، قد أصدرت قراراً من خلال وزارة التضامن الاجتماعي المصرية، بوقف وتجميد أموال 1055 جمعية أهلية على مستوى الجمهورية، في أعقاب حكم محكمة الأمور المستعجلة المصرية بالتحفظ على أموال جماعة الإخوان المسلمين، حيث قام مساعد وزير العدل المصري، بإعداد 72 كشفًا تضم أسماء 1055 جمعية لتجميد أموالها لارتباطها بشكل أو بآخر بالإخوان، وبعدها تم إعلان جماعة الإخوان المسلمين جماعة "إرهابية".
الجمعيات الأهلية الكبرى التي تمكنت من توفيق أوضاعها مع الحكومات المصرية المتعاقبة منذ قرار الحظر، لا تجد نفس المعاناة في الحظر أو التجميد، بل على العكس، فتشيد بـ"تشديد الرقابة"، كما جاء على لسان أمين عام جمعية أنصار السنة الإسلامية، أحمد يوسف "لسنا من الجمعيات المتضررة من الحظر والتجميد والحمد لله، كمقر رئيسي للجمعية، وحتى فروعنا التي اندرجت تحت قرار التجميد لم تتأثر بالمرة، فالتجميد يعني تشديد الرقابة على الجوانب المالية والإدارية".
في سياق متصل، أصدرت وزارة الأوقاف المصرية، قرارا منذ أيام، بوقف إصدار المجلات الدينية من قبل الجمعيات الأهلية والدعوية.
وجاء في نص البيان الصادر عن وزير الأوقاف "من خلال خبرتي الطويلة في مجال العمل الدعوي أستطيع أن أؤكد أن المجلات الدينية التي تصدر عن جمعيات أهلية تعمل في مجال العمل الاجتماعي، ويسيطر عليها غير المتخصصين في العلوم الشرعية أو بعض المتخصصين المنتمين بوضوح إلى تيار الجماعات الإرهابية أو المحظورة أو المتشددة أو غير المتخصصة على أقل تقدير، تعد من أهم روافد التشدد وإثارة البلبلة في مجال الفتوى بترويجها لفتاوى لغير المتخصصين، مما يشكل خطرًا داهمًا على الثقافة الإسلامية الصحيحة، والأمن والسلام المجتمعي، بل إن بعضها قد يتضمن من طرف جلي أو خفي نبرات تحريضية وغطاءً للعنف الفكري، وترويجًا لأفكار جماعات متشددة".
في السياق ذاته، أجلت الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإداري في مجلس الدولة، صباح الثلاثاء، نظر 5 دعاوى قضائية تطالب بحل جماعة الإخوان المسلمين، وإغلاق جميع مقارها في كل المحافظات، وتجميد جميع أنشطتها وحساباتها المصرفية، لجلسة 24 يونيو/حزيران المقبل للاطلاع.
يذكر أن تلك الجمعيات تلعب دورا كبيرا في تنمية المجتمعات المحلية، اقتصاديا وصحيا وثقافيا، ويستفيد منها الفقراء وذوو الحاجة، وبالتضييق عليها تتفاقم معاناة الملايين من المصريين، الذين يواجهون الفقر والعجز الصحي وغلاء المعيشة وارتفاع أسعار الخدمات التعليمية، ومن تلك الأمثلة الجمعية الطبية الإسلامية التي تعالج سنويا أكثر من 2.2 مليون مريض في مستشفياتها المنتشرة في أنحاء الجمهورية ، منهم نحو 65 ألف فقير بالمجان، وفق ما صرح به د. مدحت عاصم رئبي مجلس إدارة الجمعية الطبية الإسلامية لـ"العربي الجديد"، مضيفا تبلغ قيمة الكشف على المريض في حده الأقصى نحو 30 جنيها مصريا، فيما يتقاضى نفس الطبيب نحو 200 جنيه عن الإجراء نفسه في عيادته الخاصة.