أثارت سيطرة المتمردين الحوثيين الشيعة في اليمن أمس، على مدينة الحديدة الاستراتيجية على البحر الأحمر، قلقا متزايدا إزاء زحف الحوثيين من أجل السيطرة على الملاحة في البحر الأحمر والتحكم في حركة التجارة عبره، لتمتد المخاوف إلى دول عدة بالمنطقة.
وقالت مصادر يمنية لوكالة الأنباء الفرنسية أمس، إن جماعة أنصار الله (الحوثيين) سيطروا على الحديدة، التي تعد من أكبر مدن اليمن، بدون مقاومة تذكر من السلطات، وباتوا منتشرين في مطارها ومينائها ومرافقها الحيوية.
وتأتي هذه الخطوة، لتعزيز الشبهات بسعي المتمردين الحوثيين للحصول على منفذ بحري مهم على البحر الأحمر، مما يؤمن لهم سيطرة على مضيق باب المندب، الأمر الذي قد تستفيد منه إيران المتهمة من قبل السلطات في صنعاء بدعم الحوثيين.
وتقع الحديدة على مسافة 226 كيلومترا إلى الغرب من صنعاء، ويقطنها أكثر من مليوني نسمة، وهي ثاني أكبر المدن في اليمن بعد مدينة تعز في وسط البلاد.
شبح صنعاء
تُذكِّر السيطرة على الحديدة، بسيطرة الحوثيين على صنعاء في 21 أيلول/سبتمبر من دون مقاومة تذكر من السلطات، إذ سيطر المتمردون على القسم الأكبر من مقار الدولة، من دون مواجهات، وفي ظل وجود تعليمات من عدد من الوزراء بعدم مقاومة الحوثيين.
وبحسب مصادر سياسية في صنعاء، وضع الحوثيون نصب أعينهم مؤخرا هدف السيطرة على ميناء الحديدة على البحر الأحمر، حيث فتحوا قبل أكثر من أسبوعين مقرا لهم.
وقال مسؤول عسكري قريب من أنصار الله لـ"فرانس برس" في وقت سابق، إن "الحديدة مرحلة أولى في طريق توسيع وجودهم عبر اللجان الشعبية على طول الشريط الساحلي وحتى باب المندب" على مدخل البحر الأحمر وخليج عدن.
ويعد مضيق باب المندب، من أهم الممرات في العالم، حيث يربط بين البحر الأحمر وخليج عدن، الذي تمر منه كل عام 25 ألف سفينة تمثل 7% من الملاحة العالمية.
وظلت أهمية باب المندب محدودة حتى افتتاح قناة السويس عام 1869، وربط البحر الأحمر وما يليه بالبحر المتوسط، فتحول إلى واحد من أهم ممرات النقل والمعابر على الطرق البحرية بين بلدان أوروبا والبحر المتوسط، والمحيط الهندي وشرق أفريقيا.
وقد ازدادت أهميته بوصفه واحداً من أهم الممرات البحرية في العالم، مع ازدياد أهمية نفط الخليج العربي.
قلق مصري
أثار تقدم الحوثيين نحو باب المندب قلقا متزايدا لدى دول الجوار، لا سيما مصر، التي شرعت في توسعات في مجرى قناة السويس العالمي.
وتدر قناة السويس نحو 5.6 مليار دولار لمصر سنوياً، وبما يعادل نحو 10% من إيرادات النقد الأجنبي للبلاد.
ولا تقتصر هيمنة الحوثيين على البحر الأحمر، وإنما يسعون إلى التقدم باتجاه محافظة مأرب في الشرق، حيث منابع النفط اليمني، حيث أكد مصدر قبلي "وصول مسلحين حوثيين إلى مأرب جوا من مطار صنعاء".
وقال مصدر مسؤول في مؤسسة موانئ البحر الأحمر اليمنية لمراسل "العربي الجديد"، إن سيطرة الحوثيين على ميناء الحديدة سيؤثر بشكل مباشر على الحركة الملاحية وحركة البضائع والسفن في الميناء.
وأوضح المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن سيطرة مسلحي الحوثيين ستخلق حالة من القلق والخوف في أوساط القطاع التجاري اليمني، الذي يستقبل أكثر من 60% من وارداته عبر ميناء الحديدة، فضلا عن الصادرات.
وبحسب المصدر، من المتوقع توقف خطوط ملاحية عالمية عن القدوم إلى الميناء.
وقال عميد كلية علوم البحار بجامعة الحديدة، الدكتور عارف الزغير، لـ"العربي الجديد"، فإن ميناء الحديدة يمثل نحو 40% من الإيرادات الجمركية لليمن، كما أن محافظة الحديدة تمثل 60% من ساحل البحر الأحمر.