وأعلن الحوثيون، أمس الأربعاء، عن إدخال منظومة صواريخ أرض - جو جديدة، إلى ميدان المعركة، وأنها "مطورة محلياً بخبرات وكفاءات وطنية بحتة"، مشيرين، إلى أن المنظومة تمكنت الأيام الماضية، من إسقاط طائرة حربية تابعة للتحالف من طراز "تورنيدو" في محافظة صعدة، كما تمكّنت من إصابة مقاتلة حربية أخرى نوع F-15، في سماء العاصمة صنعاء. وكان التحالف اعترف بسقوط الأولى، وقال إنه أنقذ طياريها، إلاّ أنه لم يصدر تعليقاً بالنفي أو التأكيد، على الطائرة الأخرى، التي عرضت الجماعة مقطع فيديو قالت إنه يوثّق استهدافها في سماء صنعاء.
ووفقاً للبيان الصادر عن القوات الجوية والدفاع الجوي الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن وحدة الدفاع الجوي اليمنية، "وعلى الرغم من تعرّضها للتدمير ومحاولة إخراجها عن الخدمة، قد استعادت قدراتها تدريجياً وأصبحت أقوى وأقدر على المواجهة والتصدي لسلاح الجو المعادي"، وتعهّدت بأنها "ستضاعف الجهود على المستويات كافة وبكل الوسائل المتاحة ومواصلة التطوير، حتى تتحقق القدرة الوطنية الواجب امتلاكها"، لمواجهة ما وصفته بـ"العدوان الغاشم"، مضيفةً أن ما تمتلكه وما تسعى لامتلاكه من سلاح جوي وقدرات دفاعية "حق مكفول" لكل الشعوب.
وتعدّ هذه المرة الأولى التي يعلن فيها الحوثيون عن إدخال منظومة صواريخ دفاع جوي إلى العمل، فيما أكدت مصادر قريبة من الجماعة في صنعاء لـ"العربي الجديد"، أن "جهود تشغيل منظومة الدفاع الجوي، كانت منذ بدء العمليات العسكرية للتحالف، الهم الأول الشاغل لعسكريي الجماعة"، والذين سعوا إلى تفعيل منظومات الدفاع الجوي اليمني التقليدية التي كانت شبه معطلة مع بدء عمليات التحالف، وتعرّضت مواقعها لقصف جوي مكثف، أكثر من مرة.
وبعد ساعات من إعلان الحوثيين عن إدخال منظومة صواريخ أرض - جو، صعّدت مقاتلات التحالف من ضرباتها الجوية في العاصمة صنعاء، وقصفت معسكر "الاستقبال" الواقع شمال العاصمة، وتحديداً في منطقة "ضلاع همدان"، بأكثر من 30 غارة جوية. ولم تستبعد مصادر محلية في العاصمة، أن يكون القصف، مرتبطاً بإعلان الحوثيين عن المنظومة، بحال كان لدى التحالف، اعتقاداً أن المواقع المستهدفة لها علاقة بالصواريخ التي تم الإعلان عنها. من جهة أخرى، فُسرت الضربات الجوية بأنها استفزاز للحوثيين للكشف عن منظومتهم، التي قال الحوثيون إنها استهدفت طائرتين بأقل من 24 ساعة، خلال الأسبوع الجاري.
وفي ظلّ اعتماد قوات التحالف بقيادة السعودية والإمارات على المقاتلات الحربية، يمكن لدخول منظومة دفاع جوي تهدّد طائرات التحالف، أن يمثّل تحولاً محورياً في مسار المعركة، الأمر الذي يعتمد على مدى قوة وفاعلية الصواريخ التي أعلن عنها الحوثيون، باستهداف الطائرات، خصوصاً أنها في كل الأحوال، وكما يقول خبراء عسكريون، لن تكون قادرة على القيام بمهام الدفاعات الجوية الحديثة التي تمتلكها الدول، بقدر ما تكون قادرة على الوصول إلى بعض الطائرات، وتعتمد على الأرجح، تقنية تطوير صواريخ (سام - أرض - جو)، التي كانت بحوزة الجيش اليمني، ووقعت في أيدي مسلحي الجماعة.
ومنذ الساعات الأولى لعملياته في اليمن في 26 مارس/آذار 2015، تمكّن التحالف من تعطيل القوات الجوية اليمنية التي يسيطر عليها الحوثيون وحلفاؤهم بشكل كامل، كما استهدف مختلف مواقع الدفاع الجوي التي استخدمت في الأشهر الأولى الدفاعات الأرضية (مضادات الطائرات)، بدون جدوى في الوصول إلى المقاتلات الحربية، لتتوقّف عن استخدامها في وقتٍ لاحق.
وقبل نحو عشر سنوات، كان هناك صواريخ مضادة للطائرات منتشرة حتى خارج حوزة الأجهزة الرسمية، إلاّ أنّ الولايات المتحدة الأميركية مارست ضغوطاً على السلطات اليمنية لتدمير وبيع صواريخ دفاع جوي، بمبرّر أنها تمثّل تهديداً للطائرات الأميركية بدون طيار، والتي بدأت التحليق وتنفيذ ضربات جوية في اليمن بعد هجمات 11 سبتمبر /أيلول 2001. إلاّ أن الضربات الأميركية، دخلت مرحلة جديدة منذ أواخر العام 2009. ووفقاً لوثائق "ويكيليكس" المسربة في سنوات سابقة، قام خبراء أميركيون بالإشراف على تعطيل منظومات الدفاع الجوي، مقابل تعويضات للحكومة اليمنية، إذ جرت عملية تدمير الصواريخ بين عامي 2004 و2007. وأشارت إحدى الوثائق إلى أن وزارة الدفاع اليمنية أنكرت امتلاكها مزيداً من الصواريخ، إلاّ أنها وفقاً لمسؤول آخر، كانت تحتفظ بها، وتطالب بمنظومة دفاع جوي حديثة مقابل تسليمها.
ويبدو أن عملية تعطيل الدفاع الجوي اليمني وإخراجها عن الجاهزية، استمرت خلال المرحلة الانتقالية، وهو ما أشار إليه البيان الصادر عن الحوثيين، إذ ذكر أنّ "وحدة الدفاع الجوي للجمهورية اليمنية، رغم تعرّضها للتدمير ومحاولة إخراجها عن الخدمة من قبل رموز العمالة والخيانة خدمة لأسيادهم الصهاينة، قد استعادت قدراتها تدريجياً".
الجدير بالذكر، أن الحوثيين وعلى الرغم من الضربات الجوية الكثيفة منذ نحو ثلاث سنوات، تمكنوا من تحقيق مفاجآت عسكرية، كان أبرزها، إعادة منظومة الصواريخ البالستية إلى العمل، بما فيها تلك التي استهدفت العاصمة السعودية الرياض في الأشهر الأخيرة، قاطعةً مدى غير مسبوق، أو معروف لدى الجيش اليمني بامتلاكه. وقال التحالف إن إجمالي الصواريخ التي استهدفت السعودية حتى اليوم بلغ 86 صاروخاً بالستياً.
وكان التحالف أعلن بعد 27 يوماً من انطلاق عملياته في اليمن وتحديداً في أبريل/نيسان 2015، أنه تمكّن من حدّ خطر الصواريخ البالستية. وبعد أشهر من إعلانه، عادت تدريجياً إلى أرض المعركة، بل وتطورت بشكل ملحوظ. وهو ما يشير إلى سعي الحوثيين المستمر لتطوير قدراتهم العسكرية، ومنها الدفاع الجوي. كما أعلنت الجماعة العام الماضي عن "طائرات بدون طيار"، وقالت إنها ستكون قادرة على القصف. ويبقى الدفاع الجوي، الذي يمثّل تهديداً للطائرات، تحوّلاً هو الأهم، إذا ما أثبت فاعلتيه في المرحلة المقبلة.