تصاعدت في الآونة الأخيرة عمليات الخطف وسط العاصمة العراقية بغداد، وشهدت تطوراً خطيراً لم يستثنِ مواطناً أو مسؤولاً حكومياً على حد سواء. فالجميع معرّض للخطف على أيدي المليشيات المسلحة التي تجوب الشوارع ولا يستطيع ردعها أحد.
وطاولت عمليات الخطف مسؤولين كباراً وشيوخ عشائر ورجال أعمال ورجال دين ومواطنين، ووقع أغلبها أمام أنظار قوات الجيش والشرطة أو قرب نقاط التفتيش التابعة لها، فيما تقف أجهزة الأمن عاجزة عن وضع حد لتلك العمليات.
وشكل اختطاف وكيل وزارة العدل ومدير عام التحقيقات في الوزارة، عبد الكريم فارس، وسط العاصمة بغداد، إحراجاً كبيراً لرئيس الوزراء حيدر العبادي وحكومته في ظل الإصلاحات التي أطلقها أخيراً.
ووفقاً لتقارير أمنية عراقية صادرة عن وزارة الداخلية، فإن ما لا يقل عن 6 أشخاص يتم اختطافهم يومياً في بغداد، وقد ارتفعت عمليات الخطف منذ مطلع أغسطس/ آب الماضي. وبلغ عدد المخطوفين 127 مواطناً ومسؤولاً، أبرزهم وكيل وزير العدل، وعمال أتراك، وموظف بمجلس الوزراء، وضابط بالجيش، ومحقق مساعد بلجنة سقوط الموصل.
اقرأ أيضاً: العبادي يحذّر من حملة لإسقاط السلطات ويتوعد عصابات الخطف
وقال الخبير الأمني صادق الحسيني، إن "أكثر من 30 مليشيا مسلحة تتجوّل في العاصمة بغداد، ولديها مقرات معروفة، وتسيطر على مناطق بأكملها، وتنصب حواجز تفتيش وهمية للخطف بدوافع سياسية أو طائفية".
وأوضح الحسيني لـ"العربي الجديد"، أنَّ "رئيس الوزراء السابق نوري المالكي رسّخ نفوذ المليشيات في بغداد وأطلق أذرعها ودعمها بشكل كبير، وما اختطاف وكيل وزير الداخلية إلّا محاولة لضرب آخر محاولة لإصلاح العملية السياسية من قبل العبادي".
وتشمل عمليات الخطف الأطفال ورجال الأعمال ورجال الدين وأصحاب الشركات بدوافع طائفية أو بهدف المساومة والحصول على مبالغ مالية. ويكتفي المسؤولون العراقيون بالاستنكار دون القدرة على منع تلك العمليات التي أحالت العاصمة بغداد إلى بؤرة لعصابات ومليشيات الخطف المسلح.
اقرأ أيضاً:خطف عمال أتراك في بغداد واتهامات للمليشيات
وكشف ضابط رفيع في وزارة الداخلية، فضّل عدم الكشف عن اسمه، أنَّه "لا يستطيع ضابط في الجيش أو الشرطة ملاحقة مليشيات أو عصابات الخطف في بغداد خشية التصفية الجسدية، فتلك المليشيات تلقى دعماً من أحزاب وكتل سياسية كبيرة في الحكومة، والأخطر أنها مدعومة إيرانياً وكل من يعترض نهجها وتصرفاتها يواجه القتل"، مبيّناً أن "رئيس الوزراء حيدر العبادي نفسه غير قادر على ردع تلك المليشيات أو على الأقل الحد من نفوذها في الشارع وحصر السلاح بيد الدولة".
ويرى مراقبون أنَّ رفض قادة وزعماء المليشيات المسلحة لقانون الحرس الوطني يأتي لمنع أي محاولة للحد من نفوذ المليشيات التي تحاول السيطرة والاستيلاء على السلطة في البلاد وفرض أحكامها العرفية وعدم الاعتراف بسلطة القانون والدولة.
ويقول المحلل السياسي مرتضى العامري، إنَّ "العبادي أمام خيارات صعبة للغاية بعد إطلاقه حزمة الإصلاحات، ويجب عليه بأية طريقة الحد من نفوذ المليشيات المسلحة في العاصمة بغداد، فقد ضاق الناس ذرعاً بجرائمها من اغتيال وخطف وتفجير ونهب وسلب في وضح النهار، لكنه يتعرّض لضغوط إيرانية كبيرة".
اقرأ أيضاً:خدع وحيل عصابات السرقة في بغداد