الخلافات السياسية اللبنانية تحطّم الاقتصاد: النمو صفر %

13 مارس 2014
السوق اللبنانية طاردة للإستثمارات
+ الخط -

تنتهي يوم الإثنين المقبل، المهلة الدستورية للحكومة اللبنانية التي تشكلت منذ شهر، لإعداد بيان وزراي تحمله إلى البرلمان لتنال الثقة وتبدأ بممارسة مهامها.
وحتى اللحظة، لم يتم الإتفاق على عدد من بنود هذا البيان، وسط معلومات تشير إلى أن رئيس الحكومة تمام سلام يتجه الى إعلان استقالته خلال أيام، ومعلومات أخرى تشير إلى أن انتهاء المهلة الدستورية من دون الاتفاق على البيان الوزراي سيودي إلى بدء مشاورات جديدة لتشكيل حكومة جديدة.

وتأتي هذه التطورات، وسط غياب الانفجارات عن لبنان منذ 19 شباط/ فبراير الماضي، بعد ما وقع في هذا التاريخ الانفجار الأخير قرب المستشارية الإيرانية في بيروت.
وبذلك، شهد الاقتصاد اللبناني ارتياحاً كبيراً من جراء الهدوء الأمني. ارتياح لم ينسحب على الواقع السياسي المأزوم، الذي يزيد قتامة عند الحديث عن استحقاق انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية في أيار/ مايو المقبل.

الاقتصاد يشكو الحكومة

وتشهد أروقة الوزارات اللبنانية حراكاً واسع النطاق، بحيث يعقد ممثلو الهيئات الإقتصادية في لبنان اجتماعات متواصلة مع وزراء يعتبرون مفاتيح الحلول السياسية في لبنان، لمعرفة مصير البيان الوزراي، وبالتالي مستقبل القطاعات الإقتصادية.

"شعرنا ببصيص من الأمل بعد تشكيل الحكومة الجديدة وشعرنا بعودة الحياة الى السوق اللبنانية التي كانت ردة فعلها إيجابية وسريعة إثر هذا التشكيل التوافقي، لكن للأسف الشديد سرعان ما عدنا إلى واقعنا المحزن وها نحن أمام حاجز صياغة البيان الوزاري لحكومة مدة حياتها الدستورية 3 أشهر فقط". بهذه العبارة عبّر رئيس تجمع رجال الأعمال اللبنانيين فؤاد زمكحل عن واقع الإقتصاد اللبناني في ظل الأزمة السياسية المستفحلة، وفق بان وزعه بعد انتهاء الاجتماع مع سلام.

ويشرح زمكحل في حديث مع "العربي الجديد" أن رجال الأعمال هم رؤوساء الشركات العاملة في لبنان، وبالتالي فإن حالة اللاإرتياح التي يعيشها الإقتصاد تؤثر مباشرة على الإستثمار وتطوير وزيادة عدد المؤسسات الاقتصادية في لبنان.
ويضيف زمكحل أن أساس الإستثمار هو الثقة بالأسواق، إلا أن لبنان عبر أزماته السياسية المتواصلة ضيّع هذه الثقة، وضيع معها عدد كبير من الإستثمارات التي كانت تبحث عن سوق تحط فيها رحالها.
ويشير زمحكل إلى أن التراجع الإستثماري لا يتعلق فقط بالمشاريع الأجنبية، وإنما حتى المشاريع الإقتصادية المحلية تشهد تدهوراً ملحوظاً.

السياحة شهيدة السياسة

أما الأمين العام لاتحاد المؤسسات السياحية جان بيروتي فيؤكد في حديث مع "العربي الجديد" أن القطاع السياحي وبرغم توقف الإنفجارات منذ حوالي الشهر، إلا أنه لم يصل بعد إلى وضعه الطبيعي. إذ يلفت إلى أن الإنفجارات الأمنية تستهدف منطقة من المناطق، في حين أن الإنفجار السياسي يهدد لبنان كله.

ويقول بيروتي أن أسعار الغرف الفندقية تراجعت كثيراً، وأصبحت تسعيرة الغرفة في فندق 5 نجوم توازي كلفة الغرفة في فندق من نجمتين في بلد آخر. كذلك، يشير بيروتي إلى أن أكثر من 5 فنادق أقفلت جزئياً وتم صرف مئات العمال.
ويضيف أمين عام إتحاد المؤسسات السياحية أن السياسيين لم يتفقوا بعد على اعتبار الإقتصاد اللبناني أولوية الأولويات، ما ادى إلى تراجع كبير في كل القطاعات الإقتصادية وليس فقط السياحية. وشدد على ضرورة المطالبة برؤوساء يحملون خططاَ إقتصادية كبيرة تنتشل لبنان من واقعه المرير.
وقال بيروتي: "لا بد من الإعلان اليوم أن السياحة شهيدة السياسة".

النمو صفر في المئة

وبين الإستثمارات والسياحة والقطاعات التجارية والصناعية التي تعاني من تراجع كبير في انتاجها، يؤكد الخبير الإقتصادي والمالي وليد بو سليمان في حديث مع "العربي الجديد" ان السوق اللبنانية تعاني أولاً من انعدام الثقة من قبل المستهلك والمستثمر على حد سواء.
ويشرح بو سليمان أن التجاذب السياسي والتصريحات النارية بين السياسيين خلال الأسابيع الماضية أدت إلى امتصاص الصدمة الإيجابية الناتجة عن توقف الإنفجارات.

ويلفت الخبير اللبناني إلى أن لبنان يواجه هذا العام استحقاقات مالية كبيرة ومديونية مرتفعة جداً، وبالتالي لا بد من الوصول الى مرحلة تمارس فيها الحكومة اللبنانية مسؤولياتها وتقر الموازنة العامة للبلاد لإعادة نوع من الرؤية الإقتصادية والمالية إلى لبنان.

ويشرح بو سليمان أن الموازنة تضم الكثير من الاعتمادات المالية المتعلقة بالإنفاق الإستثماري، إضافة إلى خطط تتعلق بالشراكة بين القطاعين العام والخاص التي من المفترض أن تخلق الكثير من فرص العمل. ومن دون بيان وزاري ولا موازنة لا يمكن لهذه المشاريع أن تتحقق.

ويضيف الخبير الإقتصادي أن المصرف المركزي اللبناني ضخ العام الماضي حوالي مليار و200 مليون دولار كسيولة للمحافظة على النمو الإقتصادي، وبالتالي لا يمكن الإستمرار في تحميل مصرف لبنان أعباء الأزمة السياسية القائمة.
ويشدد على أن الأزمة السياسية التي تضاف إلى الأزمة الإقتصادية والمالية البنيوية، أوصلت النمو الإقتصادي لملامسة الصفر في المئة، مع عجز اقتصادي تخطى حاجز الـ 11 في المئة من الناتج المحلي.

المساهمون