وأوضح الدغيم، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه "بموجب القانون الدولي، فإن تلك الشهادات مُعّدة من جانب أطراف في النزاع، ولا تؤخذ على محمل المصداقية والثقة، خاصةً أنها تأتي من قبل متورطين باستخدام الأسلحة الكيميائية، بشهادات من المنظمات الدولية، على مدار خمس سنوات".
ووصف مدير المركز الشهود، الذين قدمتهم روسيا بالتعاون مع النظام، بأنهم "شخصيات مُبرمَجة من قبل، لتأدية دورٍ طُلب منهم في مسرحية، لعرضها أمام المراقبين الدوليين، بهدف كسب الرأي العام الدولي ضدّ الضربات التي نفذها الحلف الثلاثي الغربي".
وأوضح الدغيم أنه "من الناحية التقنية للتحقيقات الدولية، فإن الأشخاص الذين عرضتهم روسيا على شاشات التلفزة في لاهاي، لم يعودوا صالحين لتقديم الشهادة أمام الفِرق الدولية، بسبب كشف وجوههم وأسمائهم، الأمر الذي يسقط آلية حماية الشهود الصارمة والمتبعة من قِبل آلية التحقيق المختصة، حتى لو تم الاستماع لشهادات هؤلاء الأشخاص من قِبل بعثة تقصي الحقائق المُكلفة بمتابعة الملف الكيميائي السوري". ولفت أيضاً إلى "تعارض شهاداتهم مع شهادات عشرات الشهود الذين أدلوا بشهاداتهم سابقاً". وأكد من جهته، أن مركز التوثيق الذي يرأسه "يواصل عمله لتقديم مزيد من العينات والشهود خلال الأيام المقبلة".
وحول هوية وظروف الشهود المزعومين الذين جرى تقديمهم في لاهاي، قال الدغيم: "لا نملك أي خلفية حتى الآن عنهم، ونحن بصدد البحث عن ملابسات هذا الحدث"، معرباً عن اعتقاده بأن هؤلاء الشهود "لعبوا هذا الدور بناءً على وعود معينة قدمتها لهم روسيا، ستظهر خلال الأيام المقبلة".
وكانت روسيا والنظام السوري قد دفعا إلى مدينة لاهاي بما قالا إنهم "شهود عيان" لنفي وقوع هجوم كيميائي في مدينة دوما بريف دمشق.
وقال أحد الأطباء المزعومين، خلال مؤتمر صحافي عقد في لاهاي، إنه "نتيجةً لفتح المعابر الآمنة وخروج الكثير من الكوادر الطبية إلى خارج المدينة، كان هناك نقص في الأفراد المدربين على التعامل مع الحالات الطبية المختلفة، ما اضطرهم للاستعانة بعدد من الكوادر غير المهنية لسد النقص، وغير القادرين على تقييم الموقف وبيان حقيقة الإصابات وخطورتها".
وزعم الشهود أن الحالات التي فحصوها أغلبها لأشخاص "اختنقوا بسبب الغبار ودخان المعارك، خاصة أن استخدام المواطنين لإطارات السيارات والبلاستيك في التدفئة وتسخين المياه والطعام تسبب بحالات اختناق بغاز ثاني أكسيد الكربون نتيجة الظروف السيئة للمعيشة وفقدان التهوية الصحيحة في بعض الأماكن"، على حدّ قولهم.
وادّعى بعض "الأطباء" ممن أدلوا بشهاداتهم أنهم لم يصادفوا أي حالة تسمم بغاز الكلور أو السارين، أو أي غازات سامة أخرى، خلال فترة عملهم في المستشفى.
وفي السياق ذاته، قال مندوب روسيا لدى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، ألكسندر شولغين، إن موسكو على ثقة بأن ما حدث في مدينة دوما كان "تمثيلية"، مضيفاً أن بوسع بلاده "إثبات زيف فيديو القبعات البيضاء"، في إشارة إلى عناصر الدفاع المدني السوري.
وقال شولغين، خلال المؤتمر الصحافي ذاته، إن روسيا "على ثقة من أن الادعاء باستخدام السلاح الكيميائي هو استفزاز". ولم يستبعد المندوب الروسي وقوع حوادث أخرى مشابهة "لأن الأميركيين يهددون من جديد باستخدام القوة ضد سورية، لكننا لن نسمح بذلك".
وحول غياب ممثلي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وعدد من الدول الأوروبية الأخرى عن الاجتماع مع الشهود في لاهاي، قال شولغين إنهم "يخشون الحقيقة".
من جهته، قال نائب مندوب النظام السوري لدى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية غسان عبيد، إن كل الاتهامات الموجهة إلى نظامه بشأن استخدام الكيميائي "مبنية على فبركات من قبل المنظمات التي تمولها الدول الغربية، وهدفها تشويه صورة الجيش السوري الذي يحارب الإرهاب منذ سبع سنوات".
يشار إلى أن النظام السوري قطع الاتصالات عن مدينة دوما بعد دخوله إليها بأيام، وقسّم المدينة إلى مربعات أمنية يصعب التنقل بينها، بهدف التعتيم على سياساته داخل المدينة وممارسات عناصره، حيث حظر نشر معلومات عن تلك التحركات، خاصة في محيط المنطقة المستهدفة بالكيميائي، خشية أن تستخدم كدليل ضده.
من جهته، أعرب مسؤول العلاقات الخارجية في مركز توثيق الانتهاكات الكيميائية في سورية، نضال شيخاني، عن اعتقاده بأن الشهود الذين تم تقديمهم في المؤتمر الصحافي لممثل روسيا لدى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، يوم أمس، تمّ التغرير ببعضهم، بينما أجبر آخرون على الإدلاء بشهادات مزورة بعد اعتقال أفراد من عائلاتهم.
وأضاف شيخاني، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه لو كانت لدى الشهود معلومات قيّمة حقيقة تثبت عدم استخدام الأسلحة الكيميائية في دوما، لما استخدمتهم روسيا بهذه الطريقة وحرقتهم على الشاشات في لاهاي.
وتابع: "من خلال متابعة شهادات لاهاي بدقة، فمن السهل على المختصين اكتشاف الكثير من الثغرات والتناقضات بين أقوال الشهود، وتأكيدهم الموحد لعبارة عدم وجود آثار لاستخدام أسلحة كيميائية، حتى من قبل أحد اللوجستيين، المقيم في المشفى منذ شهر، حسب ما ورد في أقواله".