يعتبر الدوري الإنجليزي لكرة القدم، إحدى أقوى البطولات الأوروبية، حيث يتميز بالسرعة والأداء المتنوع والقوة، وهو ما جذب إليه العديد من نجوم العالم، الأمر الذي أثر على قوة منتخب البلاد الأول على المدى البعيد.
عندما يلعب المنتخب الإنجليزي مبارياته الدولية ماذا يحصل؟ الأمر الذي يمكن مشاهدته أن منتخب "الأسود الثلاثة" لا يقدم الكثير كروياً، ومنذ عام 1966 لم يكن من المنتخبات الأوروبية المرعبة، رغم أنه يملك أقوى دوري في العالم بشهادة الخبراء المحللين الكرويين، وربما لو تمت مقارنة التجربة الإيطالية والإسبانية والألمانية، يمكن معرفة الأسباب وراء تراجع نتائج المنتخب الإنجليزي.
بدايةً من تجربة الدوري الإيطالي، أيام الزمن الجميل، عندما كان الدوري الإيطالي من أقوى البطولات الأوروبية، ليس لأن الأندية الإيطالية كانت تدفع الأموال وهناك حماس ومنافسة كبيرة، بل العنصر الأهم يكمن في كيفية التعامل مع اللاعبين المحليين، الأمر الذي جعل منتخب "الأزوري" عملاقاً ومرعباً لا يمكن تخطيه بسهولة، فإن تملك أندية مثل ميلان وانتر ميلان وروما ويوفنتوس، أكثر من 11 لاعباً إيطالياً في صفوف الفريق كافياً لتشكيل منتخب واعد يحقق الألقاب وينافس بكل قوة.
والتجربة الألمانية يمكن أن تعكس مدة أهمية انخراط اللاعبين المحليين في الدوري الألماني، ولو حتى اقتصر الأمر على توزع أبرز لاعبي منتخب "المانشافت" بين بايرن ميونيخ وبوروسيا دورتموند، إلا أن هذين الفريقين هما قاعدة الكرة الألمانية، وهما حاملا الراية الألمانية في القارة الأوروبية، ورغم أن النادي "البافاري" خسر قليلاً قوامه "الألماني" عبر إدخال عناصر أساسية من خارج ألمانيا، في السنوات الأخيرة، إلا أنه ما زال يملك 12 لاعباً ألمانياً، في حين أن دورتموند يملك 15 لاعباً من الجنسية الألمانية، ويبقى هذا مقياس مصغر لحالة الدوري الإنجليزي.
الآن وبالانتقال إلى الدوري الإنجليزي، يتم اكتشاف مشكلة كبيرة في هيكلية الأندية الإنجليزية، فعندما تجد أن أبرز خمسة أندية في "البريمييرليج" تملك عدداً صغيراً جداً من اللاعبين الإنجليزيين، فعندها تظهر المشكلة على العلن التي يعاني منها الدوري الإنجليزي، والأهم أن "البريمييرليج" ليس قوياً بمواطنيه الذين ولدوا في إنجلترا بل هو الأقوى في أوروبا بفضل الغرباء الذين اخترقوا هذه الأندية وأصبحوا نجومها في الملاعب.
فتشيلي، مثلاً، متصدر "البريمييرليج" حالياً وأفضل نادي إنجليزي في السنوات الأخيرة، يملك ثلاثة لاعبين إنجليزيين فقط، وهذا الأمر كارثة بالنسبة لفريق إنجليزي هو من بين الأفضل حالياً في أوروبا، أما مانشستر سيتي الذي ينافس "البلوز" على اللقب وتحول في السنوات الماضية إلى فريق يجب احترامه، يملك ستة لاعبين إنجليزيين من بينهم على سبيل الإعارة، وأربعة لاعبين مع الفريق حالياً، اثنان منهم يلعبان بشكل أساسي.
أما أرسنال فهو يملك ثمانية لاعبين من إنجلترا، أربعة منهم يلعبون في التشكيلة الأساسية فقط، وبالنسبة لمانشستر يونايتد وليفربول، فهذان الفريقان لديهما تسعة لاعبين إنجليز فقط، في "اليونايتد" يلعب منهم أربعة في التشكيلة الأساسية، أما في "الريدز" هناك خمسة لاعبين يشاركون بصفة دائمة، وأحياناً يصل إلى أربعة لاعبين إنجليز فقط في التشكيلة الأساسية "للريدز"، في وقت أن الأندية الإنجليزية الأخرى في "البريمييرليج" تملك كحد أدنى 11 لاعباً إنجليزياً وكحد أقصى 19 لاعباً من أرض الوطن.
لذلك فإن الدوري الإنجليزي ليس قوياً باللاعبين الذين ولدوا في بريطانيا ويلعبون في الدوري، بل إن اللاعبين الأجانب إن صح القول، يشكلون 70% من قوة "البريمييرليج"، وهذا الأمر يؤثر سلباً على مردود المنتخب الإنجليزي في المنافسات الأوروبية والدولية، وربما هذا الأمر تعاني منه معظم الدوريات الأوروبية، بسبب عدم مراعاة نظام الاحتراف بدقة وعناية.
في المقابل، مثلاً، برشلونة الإسباني يملك عشرة لاعبين إسبانيين، سبعة أو ثمانية لاعبين يلعبون في التشكيلة الأساسية، وهذا الأمر يستفيد منه المنتخب الإسباني بشكل مؤكد، فما هي فائدة أن يكون لديك أقوى دوري في العالم وأغنى البطولات الأوروبية، من دون النظر إلى قيمة الدوري الإنجليزي الوطنية، فإنه يصنع اللاعبين الغرباء، الدوري، ويتحول بفضل أقدامهم إلى الأقوى والأغنى، فهناك مشكلة في هيكلية الكرة الإنجليزية.