24 يناير 2019
الدين والإصلاح في السعودية
محمود البازي (سورية)
علماء السلطان، مصطلح يطلق على الذين لديهم قدر من العلم الشرعي، يستعملونه بشكل أو بآخر لخدمة مصالح أمير أو قائد أو زعيم أو سلطان معين، بما لا يتماشى مع أخلاقيات ذلك العلم أو مع النصوص الشرعية، إذ يلوون أعناق النصوص لتناسب مصالح حكامهم ومن فوقهم. فعلماء السلطان هم الذين يلبسون على الأمة من أجل دراهم السلاطين والملوك على حساب الشعوب.
تشهد السعودية اليوم عمليات إصلاحية عديدة في بنية المجتمع السعودي، بدأها ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، إلا أن أسئلة كثيرة تدور بشأن هذا الإصلاح، ومن أهم هذه الأسئلة: هو ما دور علماء الدين في هذه العملية؟ وكيف يتم توظيف النص الديني في تحقيق مصالح السلطة السياسية في التشدد والتحرر؟
تبدأ القصة من حصار قطر، وحشد علماء الدول الأربع لتأييد هذا الحصار ضد دولة عربية ومسلمة، فقد انبرى مفتي العربية السعودية، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، لتقرير أن الحصار لمنفعة القطريين أنفسهم، بينما حذر إمام الحرم المكي، الشيخ عبد الرحمن السديس، من التعامل مع ما وصفها بـ"الفئة الضالة والجهات الإرهابية".
ولعل من المفارقات في استخدامات هؤلاء المشايخ والدعاة أنها جاءت من حكومات ووسائل إعلام كانت تتهم قطر دائما بدعم جماعات الإسلام السياسي التي تخلط السياسة بالدين، لكن الحكومات نفسها وآلاتها الدعائية استخدمت هؤلاء المشايخ وفتاويهم لشرعنة الحصار وخدمة مواقفها السياسية.
من ناحية أخرى، جاء تصريح هيئة كبار العلماء في السعودية عن تأييدها كل ما يراه ولاة الأمر في المملكة مصلحة للبلاد والعباد، وذلك في أول تعليق منها على الأمر الملكي القاضي بالسماح للنساء بقيادة السيارات لأول مرة في تاريخ المملكة، الأمر الذي شكل صدمة، وأطلق أسئلة من نوع: هل كانت قيادة المرأة للسيارة حراما أحله ولاة الأمر، أم أنه كان حلالاً منذ البداية وولاة الأمر أخفوه؟ والسؤال الأهم: أليس وظيفة علماء الدين هي المطالبة بإحقاق الحقوق وإقرار الحلال من الأمور، بل وفرضها على السلطة السياسية؟ فلماذا انتظر علماء السعودية كل هذه الفترة؟ وألا يستوجب ذلك توبة علنية وطلب المعذرة من النساء السعوديات عن إهدار حقوقهن طول تلك الفترة؟
وها هو شيخ المنابر، الشيخ محمد العريفي، يصعد منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ويروي عن المسلحين المعارضين في سورية رؤيتهم الملائكة تقاتل في صفهم في المعارك ضد الجيش السوري. وقد دعا العريفي نفسه الرئيس السوري بالخير في أحد مساجد مدينة حلب قبل اندلاع الحرب في سورية، وهو نفسه من دعا لرئيس ليبيا القتيل، معمر القذافي، قبل اندلاع الأحداث في ليبيا ليعود مرة أخرى، ويهاجم القذافي في أكثر من حادثة.
إن زج الداعية الشيخ سلمان العودة في السجن مظهر آخر من مظاهر أخطاء السلطة في السعودية. فهذا الشيخ على سبيل المثال مثل العريفي تماما، هذا قبل العملية الإصلاحية. أما بعدها، فيتم زج الشيخ الثاني في السجن وتكريم الأول والمحافظة على مكانته في المملكة، أليس السبب هو مخالفة السلطة السياسية هناك؟ كل ذلك يضر بالمملكة العربية السعودية، وهي قرارات متناقضة وليست عملية إصلاحية أبدا.
تتعلق هذه الأعمال الإصلاحية بالقشور في بنية المجتمع السعودي، وعندما نتحدث عن عمليات إصلاحية، فلا بد لنا من التحدث عن المساواة والحرية والعدالة والانتخابات الحرة والتمثيل الشعبي في السلطة السياسية والمساواة بين الأمراء وعامة الشعب وعدم التفريق بين الشعب على أساس ديني أو عرقي. فإذا ما قرر علماء السلطان الابتعاد عن النفاق، فلا بد لهم من الدعوة إلى هذه الإصلاحات الحقيقية، والتي تشمل كل أركان المؤسسات السعودية والمجتمع السعودي، وأن يخضع الجميع لسلطة القانون، القانون وحده الذي ينظم روابط الناس لا حسبهم ولا نسبهم، فالناس سواسية كأسنان المشط، بحسب قول رسولنا الكريم.
تعاني السلطة الدينية، بأركانها المتمثلة بالكهنة المتأسلمين، من نفاق سياسي مستمر، وتوظف النص الديني لخدمة السلطة السياسية، وهو أمر يضر بديننا الإسلامي، ويضر حتى بالعملية الإصلاحية التي يزعم ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، أنه يقودها.
تشهد السعودية اليوم عمليات إصلاحية عديدة في بنية المجتمع السعودي، بدأها ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، إلا أن أسئلة كثيرة تدور بشأن هذا الإصلاح، ومن أهم هذه الأسئلة: هو ما دور علماء الدين في هذه العملية؟ وكيف يتم توظيف النص الديني في تحقيق مصالح السلطة السياسية في التشدد والتحرر؟
تبدأ القصة من حصار قطر، وحشد علماء الدول الأربع لتأييد هذا الحصار ضد دولة عربية ومسلمة، فقد انبرى مفتي العربية السعودية، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، لتقرير أن الحصار لمنفعة القطريين أنفسهم، بينما حذر إمام الحرم المكي، الشيخ عبد الرحمن السديس، من التعامل مع ما وصفها بـ"الفئة الضالة والجهات الإرهابية".
ولعل من المفارقات في استخدامات هؤلاء المشايخ والدعاة أنها جاءت من حكومات ووسائل إعلام كانت تتهم قطر دائما بدعم جماعات الإسلام السياسي التي تخلط السياسة بالدين، لكن الحكومات نفسها وآلاتها الدعائية استخدمت هؤلاء المشايخ وفتاويهم لشرعنة الحصار وخدمة مواقفها السياسية.
من ناحية أخرى، جاء تصريح هيئة كبار العلماء في السعودية عن تأييدها كل ما يراه ولاة الأمر في المملكة مصلحة للبلاد والعباد، وذلك في أول تعليق منها على الأمر الملكي القاضي بالسماح للنساء بقيادة السيارات لأول مرة في تاريخ المملكة، الأمر الذي شكل صدمة، وأطلق أسئلة من نوع: هل كانت قيادة المرأة للسيارة حراما أحله ولاة الأمر، أم أنه كان حلالاً منذ البداية وولاة الأمر أخفوه؟ والسؤال الأهم: أليس وظيفة علماء الدين هي المطالبة بإحقاق الحقوق وإقرار الحلال من الأمور، بل وفرضها على السلطة السياسية؟ فلماذا انتظر علماء السعودية كل هذه الفترة؟ وألا يستوجب ذلك توبة علنية وطلب المعذرة من النساء السعوديات عن إهدار حقوقهن طول تلك الفترة؟
وها هو شيخ المنابر، الشيخ محمد العريفي، يصعد منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ويروي عن المسلحين المعارضين في سورية رؤيتهم الملائكة تقاتل في صفهم في المعارك ضد الجيش السوري. وقد دعا العريفي نفسه الرئيس السوري بالخير في أحد مساجد مدينة حلب قبل اندلاع الحرب في سورية، وهو نفسه من دعا لرئيس ليبيا القتيل، معمر القذافي، قبل اندلاع الأحداث في ليبيا ليعود مرة أخرى، ويهاجم القذافي في أكثر من حادثة.
إن زج الداعية الشيخ سلمان العودة في السجن مظهر آخر من مظاهر أخطاء السلطة في السعودية. فهذا الشيخ على سبيل المثال مثل العريفي تماما، هذا قبل العملية الإصلاحية. أما بعدها، فيتم زج الشيخ الثاني في السجن وتكريم الأول والمحافظة على مكانته في المملكة، أليس السبب هو مخالفة السلطة السياسية هناك؟ كل ذلك يضر بالمملكة العربية السعودية، وهي قرارات متناقضة وليست عملية إصلاحية أبدا.
تتعلق هذه الأعمال الإصلاحية بالقشور في بنية المجتمع السعودي، وعندما نتحدث عن عمليات إصلاحية، فلا بد لنا من التحدث عن المساواة والحرية والعدالة والانتخابات الحرة والتمثيل الشعبي في السلطة السياسية والمساواة بين الأمراء وعامة الشعب وعدم التفريق بين الشعب على أساس ديني أو عرقي. فإذا ما قرر علماء السلطان الابتعاد عن النفاق، فلا بد لهم من الدعوة إلى هذه الإصلاحات الحقيقية، والتي تشمل كل أركان المؤسسات السعودية والمجتمع السعودي، وأن يخضع الجميع لسلطة القانون، القانون وحده الذي ينظم روابط الناس لا حسبهم ولا نسبهم، فالناس سواسية كأسنان المشط، بحسب قول رسولنا الكريم.
تعاني السلطة الدينية، بأركانها المتمثلة بالكهنة المتأسلمين، من نفاق سياسي مستمر، وتوظف النص الديني لخدمة السلطة السياسية، وهو أمر يضر بديننا الإسلامي، ويضر حتى بالعملية الإصلاحية التي يزعم ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، أنه يقودها.
مقالات أخرى
09 نوفمبر 2018
18 أكتوبر 2018
30 يوليو 2018