ليست المرة الأولى التي يثير فيها الرئيس إيمانويل ماكرون الجدل بتصريحاته. وبعضها أصبح يلاحقه، وينغص عليه لقاءاته الشعبية. وعلى الرغم من أنه يستدرك ويؤكد أنه لم يُفهم كما يجب، أو حين يعترف ببعض أخطائه، وبأنه قد يكون صدم بعض الفرنسيين، إلا أنه سرعان ما يعود من جديد لفعلته.
وآخر كلماته التي أثارت الجدل ولا تزال، حديثه عن السيدة السبعينية، جينيفييف ليغاي، وهي من متظاهري السترات الصفراء، وأيضاً عضوة في حركة أتاك وفي نقابة "سي جي تي"، التي أصيبت يوم السبت الماضي في تظاهرات السترات الصفراء، وهي في وضعية صحية حرجة للغاية.
ولا تزال حقيقة ما جرى بين أيدي التحقيق والقضاء، فالشرطة تلومها لأنها كانت في تظاهرة غير مرخصة في مدينة نيس، وفي مكان يشمله الحظر.
وفي لقاء أجرته معه صحيفة نيس-ماتان، أعرب الرئيس إيمانويل ماكرون، في البداية، عن تمنياته بالشفاء العاجل لجينيفييف ليغاي، بحيث "تغادر المستشفى"، وتمنى "السكينة" لعائلتها. لكنه أضاف، في دور من يمنح دروساً في الأخلاق، لهذه السيدة السبعينية: "ولكن من أجل تحقق السكينة، يجب توفر سلوك مسؤول"، وأضاف في نفس المنطق: "أتمنى لها شفاء عاجلاً، وربّما شَكلاً من الحكمة". وواصل: "حين يكون المرء هشّاً، ويمكن أن يتعرَّض للدفع، فلا يجب ارتياد الأماكن التي يتم تحديدها باعتبارها محظورة، ولا يجب أن نضع أنفسنا في مثل هذه الحالات".
وقد أثارت تصريحات الرئيس ماكرون، التي تعتبر الأولى إزاء جرحى السترات الصفراء، في الوقت الذي يشيد فيه بتضحيات قوى الأمن، ردوداً غاضبة من قبل الكثيرين من الساسة ومن المواطنين، سرعان ما انضمت إليهم ابنة السبعينية الجريحة، التي تقدمت بشكوى ضد الشرطة وضد محافظ الأمن، والتي قالت إن "كلمات هذا السيد"، في إشارة إلى الرئيس ماكرون، "لا أهمية لها"، وهي "تصريحات غير جديرة برئيس جمهورية".
وغرّد ميلانشون: "السيد ماكرون، إن جينيفييف ليست في حاجة إلى دروسكم في الحكمة. ويمكن أن تتعلموا منها كثيراً. فهي تناضل من أجل الآخرين. وأنتم تضربونها، باسم ماذا؟".
وفي لهجة قريبة غرد رئيس قائمة الحزب الشيوعي في الانتخابات الأوروبية، ايان بروسات: "سيدة في الثالثة والسبعين من عمرها، تجد نفسها جريحة في تظاهرة. والرئيس قاب قوسين أن يشرح بأنها هي من جنت على نفسها. كيف يجرؤ؟".
وفي علاقة بالموضوع، عبَّر عمدة نيس، كريستيان إيستروزي، الذي كان وراء حظر التظاهرات في مدينة نيس، عن دعمه بكل قواه لقوى الأمن، وعن غضبه من تقديم شكاوى ضد الشرطة، واعتبرها "تصرفات لا تحتمل". وتُعرَف عن هذا العمدة علاقاته الحميمة مع إسرائيل، حيث يمتدح، باستمرار، ما يقول إنه "نجاح في محاربة الإرهاب"، ويطالب باستيراد فرنسا للتكنولوجيا الإسرائيلية، وسبق له أن نظّم ندوة في مدينته، في هذا الصدد.
كما سبق لعمدة نيس، ينتمي لحزب "الجمهوريون"، والذي تربطه علاقات وثيقة بماكرون، جعلته يدخل في صراع مفتوح مع زميله في الحزب، إيريك سيوتي، نائب نيس في البرلمان، أن تحدى النقاشات حول خطورة سلاح "إل بي دي-44" (الأكثر تطوراً)، معبراً عن نيته تسليح شرطته البلدية بهذا السلاح "الفعال جداً"، حسب رأيه.