ترمي زيارة البطريرك الماروني الكاردينال، مار بشارة بطرس الراعي، إلى العاصمة السورية، دمشق، لتعزيز رواية النظام السوري، عن حماية الأقليات في ظل معاناته المزيد من الخسارات الميدانية والسياسية.
ورغم البعد الرعوي الذي تقصد الراعي إعطاءه للزيارة، فإنّ المحصلة السياسية تعطي لحكام دمشق دفعة لمزاعم أن المكونات المذهبية، ومنها المسيحيون، يجدون حاضنة في المناطق الخاضعة للنظام.
وأتت الزيارة التي بدأت أمس الأحد على أن تنتهي اليوم الإثنين، تلبية لدعوة من بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، يوحنا العاشر يازجي، للمشاركة في اجتماعي البطاركة الأنطاكيين الخمسة، وهم إلى جانب اليازجي والراعي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق الرئيس الأعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية، مار أغناطيوس أفرام الثاني كريم، وبطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك، غريغوريوس الثالث لحام، وبطريرك السريان الكاثوليك، مار أغناطيوس يوسف الثالث يونان، في لقاء روحي ببطريركية الروم الأرثوذكس (الكاتدرائية المريمية في دمشق) اليوم الإثنين.
وأفادت مصادر كنسية مطلعة في دمشق، لـ"العربي الجديد"، أن "الاجتماع بحث أوضاع المسيحيين في المنطقة بشكل عام، وعلى رأسهم مسيحو سورية، الذين يتعرضون للاضطهاد والتهجير، جراء تدهور الأوضاع الأمنية واتساع رقعة الحرب، إضافة إلى الصعوبات المعيشية، إثر تدهور الاقتصاد وغلاء المعيشة، الأمر الذي يدفع بالسوريين عامة والمسيحيين خاصة إلى هجرة البلاد، فاليوم عائلات مسيحية كاملة تهاجر سورية إلى مختلف أصقاع الأرض، ما بدأ يهدد الوجود المسيحي في المشرق".
وحظي الراعي برعاية أمنية، تحت مبرر حمايته الشخصية، ليتم استقباله شعبيا في ساحة باب توما، أحد الأحياء المسيحية في دمشق، ومن ثم توجه إلى كاتدرائية القديس أنطونيوس المارونية ليترأس قداسا دينيا فيها، كما شارك في تدشين مركز المطران ريمون عيد الاجتماعي في المطرانية.
كما تضمنت زيارة الراعي تدشين المقر البطريركي في بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس في دمشق، وحضور افتتاح سينودس السريان الأرثوذكس في معرة صيدنايا في ريف دمشق، إضافة إلى زيارات أخرى.
وقال الراعي خلال زيارته للمشفى الفرنسي في باب توما، أمس الأحد، إنه "لن يكون للظلم الكلمة الأخيرة في سورية، ونحن ككنيسة نقف ضد الحرب ومع السلام والحلول السلمية فيها"، مضيفاً "جذورنا عميقة في المنطقة ولدينا ثقافتنا وتعايشنا مع إخوتنا السوريين من مختلف الأديان؛ ولذلك ليس من الغريب أننا جئنا إلى سورية للصلاة من أجل السلام وإنهاء الحرب، وكي يستمر المسيحيون والمسلمون في أرضهم، وإننا نشعر بخوف وهواجس، ولكننا يجب أن نظل صامدين بالمحبة والبناء"، منددا بما وصفه "موت الضمير العالمي، وبكل الذين يقدمون السلاح والمال من أجل التخريب والتدمير والقتل والتهجير".
اقرأ أيضاً:الراعي يقترح إيواء اللاجئين السوريّين داخل بلدهم
ورغم غياب اللقاءات الرسمية عن برنامج الزيارة، لكن وزير الأوقاف في النظام محمد السيد وعلى رأس وفد من رجال دين مسلمين، زار الراعي في دار مطرانية الموارنة، مساء أمس الأحد.
واعتبر الناشط المدني في دمشق (جورج م) أنّ "هذا الاجتماع المسيحي في دمشق يصب في مصلحة النظام، حيث تعتبر المؤسسة الدينية المسيحية الدولة هي الضامن الوحيد للوجود المسيحي في سورية، وهذا يرسخ ما يسعى النظام لتظهيره أنه الدولة وأنه حامي الأقليات"، لافتاً إلى أن "الفصائل المسلحة الإسلامية والمعارضة، لم تستطع إلى اليوم أن تكسب الأقليات في ظل حوادث الاعتداء على الكنائس، وفرض العقائد الإسلامية على مناطق الأقليات التي سيطروا عليها، كمناطق طائفة الموحدين الدروز في إدلب".
وسبق للراعي، أن زار دمشق في شباط 2013، للمشاركة في حفل تنصيب بطريرك الروم الأرثوذكس، يوحنا العاشر يازجي، والتي كانت الأولى لبطريرك ماروني إلى سورية منذ نحو 70 عاماً.
اقرأ أيضاً: وثيقة بكركي: الكنيسة في لبنان عاجزة