عُثِر مؤخّراً في مواقع الرسوم الصخرية، في مدينة أبها وضواحيها، في المملكة العربية السعودية، على عدد من الرسوم الآدمية التي يحتمل أن يعود بعضها إلى حقب ما قبل التاريخ، والتي تعتبر دليلاً غنيّاً لدراسة المملكة عبر العصور التاريخية المختلفة. الرسوم العودية تتمايز عن الرسوم الآدمية من حيث الشكل وأسلوب التنفيذ من حقبة لأخرى، وهي تتوزّع على أربعة أنواع، أوّلها الأشكال الآدمية العوديّة، التي تمثّل حقباً تاريخية مختلفة، تدلّ عليها طبقات التقادم.
يتكوّن الرسم العودي من أطراف خطية مرسومة بأقلّ جهد ممكن، وبأدنى حدّ من التفاصيل.
أما النوع الثاني فهو الأشكال ذات الرؤوس المقنّعة دائرية الشكل، التي تخرج من قناعها عصا تشبه الراية.
رأى البعض أنّها الأقنعة التي تنكّر بها الصيّادون، أو الراقصون، أو أنّها آتية من عالم العصر الحجري القديم. ثمّة من يعتقد أن المقنعين الراقصين قد عثر عليهم في مختلف مناطق العالم، وأنّهم يمثّلون صيادين يقومون بوضع هذه الأقنعة شَرَكاً يخدعون به الحيوانات التي كانوا يقومون باصطيادها.
ويقول باحثون أنّ هذه الأقنعة، أو التنكّر بحدّ ذاته، يمثّل قوّة سحرية روحية، استخدمه الانسان في الصيد والطقوس الدينية لمنحه قدرة الانتصار على الطبيعة.
أما الأشكال الآدمية التجريدية، شديدة التخطيط، فهي غالباً ما تكون حصيلة عملية معقّدة، ويمكن تمييزها عن طريق مقارنتها بالرسومات التي تكون مقترنة بها. ولهذا نجد الشكل الإطاري وقسمات الوجه والسمات الجنسية لهذه الأشكال مرسومة بأسلوب تجريدي أو مختزلة، مكبّرة أو ناقصة أو معدّلة إلى أبعد حدّ، مع محافظتها على أوجه الشبه، إما في شكل الجسم أو الجذع والرأس مع الأشكال الآدمية.
على قمّة جبل "السودة"، جنوبي المملكة، تكثر الرســوم الآدمية، وهي في حالات راقصة، وقد استخدم في تنفيذها أسلوب النحت الكلي (engraving)، ويُعدّ من أصعب طرائق الرسم الصخري، ولم تكن الأدوات التي استخدمها الفنان في تنفيذ رسوماته ومصوّراته سوى إزميل بسيط من الحجر، ثم استخدم الحديد بعد ذلك بفترات طويلة، وكانت ترافق الإزميل مكشطة لحذف الأجزاء غير المرغوب فيها، ثم يعمد بعد ذلك إلى تنعيم الصورة عبر حكّها بأداة من الحجارة، ولنا أن نتخيّل الجهد والوقت اللذين بذلهما الفنّان لإنجاز رسوماته.
تمثل الرسوم الحيوانية الغالبية العظمى من الرسوم الحيوانية الصخرية الرمزية، التي عثر عليها في مدينة أبها والمراكز التابعة لها، حيث كانت رسوم الحيوانات تفوق ما عداها من الرسومات، خصوصاً الرسومات البشرية. مما يثبت أنّ الحيوانات كانت تشكّل اهتماماً خاصاً لدى فنّاني عصور ما قبل التاريخ، ولم تكن الرسوم الحيوانية في كثير من الحالات مقرونة بالأشكال الآدمية. أبرز الحيوانات التي وجدت في رسوم المنطقة هي الجمال، تحديداً في موقع "هضبة العروس" وفي المرتفعات المحيطة بقرية "الفية"، وفي موقع "الثعالب".
من المعروف أن الإبل ظهرت بعد الماشية في الجزيرة العربية، وإن كان هناك خلاف بين الباحثين حول تحديد الفترة التي ظهرت فيها قوافل الإبل في الجزيرة العربية. أما رسوم الخيول، فقد عثر عليها في مواقع قرية "الفية" ببلاد "بني رزام"، ووادي"البيح" ببلاد "علكم"، حيث تعدّ رسوم الخيول أكثر الرسوم الحيوانية في هذه المواقع، وقد استخدم الفنان في تنفيذها أساليب مختلفة، ففي بعض مصوّراته استخدم أسلوب النحت الكلي، كما استخدم في بعض لوحاته أسلوب النحت البارز، حيث يقوم بتفريغ الصخرة مما يلي الشكل المراد رسمه ليظهر الشكل بصورة بارزة، وهي عملية مضنية، ويعد هذا النوع من أصعب أساليب النحت، ويحتاج إلى دقة ومهارة فائقتين. وللأبقار نصيب من الرسوم أيضاً، إذ وجدت فوق صخور "الريوليت" وعلى امتداد المرتفعات المطلّة على الوادي الرئيس لقرية "الفية" من الجهة الشرقية، وقد هاجمتها الكلاب ذات الذيول المطوية إلى الأعلى، وهذا النوع من الرسوم وجد في كل من الحناكية والطائف. عُثر أيضاً على رسوم لطائر النعام في عدد من الأماكن، وقد رسمت بمهارة فريدة، مما يوحي أنّ النعام كان موجوداً في هذه المنطقة.
الأسلحة بين الصيد والحرب
أظهرت الرسوم المكتشفة مجموعة من الأسلحة التي استخدمها الإنسان، سواء في عصور ما قبل التاريخ أو في العصور التاريخية من أجل الحصول على غذائه، من خلال صيد الحيوانات، التي كانت تتوافر في بيئته. صُنعت هذه الأسلحة من الأخشاب والنحاس والبرونز والحديد. منها الأقواس والسهام التي تعدّ من أقدم الأسلحة استعمالاً في الجزيرة العربية، ومن أكثرها شيوعاً، وقد وجدت أيضاً في العديد من اللوحات، التي عُثر عليها في منطقة عسير، وقد ظهرت مقرونة بالأشكال الآدمية حيث يُشاهد الرجل عادةً وهو يمسك القوس والسهم في حالة وقوف، وفي بعض الرسومات نرى الرجل وهو يصوّب سهامه باتجاه الهدف المراد، الذي غالباً ما يكون حيوان الوعل أو الغزال. أما الرماح فهي غزيرة في الرسوم الصخرية، وقد ظهرت متأخّرة في رسوم الجزيرة العربية، ويعتقد البعض أنّها ظهرت في العصر الحديث. اقترن هذا النوع من السلاح بشكل كبير براكبي الخيول، وهي واكبتهم في حالتي الحرب والصيد.
ينطبق الأمر نفسه بالنسبة للدروع التي ظهرت مقرونة بالرجال، وتشاهد غالباً والرجال يقبضون عليها بيُسُرهم، ويحملون في أيمنهم أسلحة أخرى، ولكن هذه المناظر لا توحي بالحركة. تندر الخناجر في رسوم مدينة أبها.
عُثر على رسم لرجل يرتدي على خاصرته خنجراً، وقد نفذت هذه اللوحة بأسلوب غاية في الدقة والإتقان، فظهر الخنجر مشابهاً لما يسمى اليوم بالذريع أو الجنبية، كما عُثر على رسم لرجل يتمنطق عند خاصرته بما يشبه السيف، أو الجنبية، وله جراب يظهر منه مقبض السيف، ويتدلّى من الجراب شيء ما قد يكون للزينة، وهو يشبه ما يزيّن به أهل هذه المنطقة في العصر الحالي الجراب الذي يغمدون فيه جنابيهم.
يتكوّن الرسم العودي من أطراف خطية مرسومة بأقلّ جهد ممكن، وبأدنى حدّ من التفاصيل.
أما النوع الثاني فهو الأشكال ذات الرؤوس المقنّعة دائرية الشكل، التي تخرج من قناعها عصا تشبه الراية.
رأى البعض أنّها الأقنعة التي تنكّر بها الصيّادون، أو الراقصون، أو أنّها آتية من عالم العصر الحجري القديم. ثمّة من يعتقد أن المقنعين الراقصين قد عثر عليهم في مختلف مناطق العالم، وأنّهم يمثّلون صيادين يقومون بوضع هذه الأقنعة شَرَكاً يخدعون به الحيوانات التي كانوا يقومون باصطيادها.
ويقول باحثون أنّ هذه الأقنعة، أو التنكّر بحدّ ذاته، يمثّل قوّة سحرية روحية، استخدمه الانسان في الصيد والطقوس الدينية لمنحه قدرة الانتصار على الطبيعة.
أما الأشكال الآدمية التجريدية، شديدة التخطيط، فهي غالباً ما تكون حصيلة عملية معقّدة، ويمكن تمييزها عن طريق مقارنتها بالرسومات التي تكون مقترنة بها. ولهذا نجد الشكل الإطاري وقسمات الوجه والسمات الجنسية لهذه الأشكال مرسومة بأسلوب تجريدي أو مختزلة، مكبّرة أو ناقصة أو معدّلة إلى أبعد حدّ، مع محافظتها على أوجه الشبه، إما في شكل الجسم أو الجذع والرأس مع الأشكال الآدمية.
على قمّة جبل "السودة"، جنوبي المملكة، تكثر الرســوم الآدمية، وهي في حالات راقصة، وقد استخدم في تنفيذها أسلوب النحت الكلي (engraving)، ويُعدّ من أصعب طرائق الرسم الصخري، ولم تكن الأدوات التي استخدمها الفنان في تنفيذ رسوماته ومصوّراته سوى إزميل بسيط من الحجر، ثم استخدم الحديد بعد ذلك بفترات طويلة، وكانت ترافق الإزميل مكشطة لحذف الأجزاء غير المرغوب فيها، ثم يعمد بعد ذلك إلى تنعيم الصورة عبر حكّها بأداة من الحجارة، ولنا أن نتخيّل الجهد والوقت اللذين بذلهما الفنّان لإنجاز رسوماته.
تمثل الرسوم الحيوانية الغالبية العظمى من الرسوم الحيوانية الصخرية الرمزية، التي عثر عليها في مدينة أبها والمراكز التابعة لها، حيث كانت رسوم الحيوانات تفوق ما عداها من الرسومات، خصوصاً الرسومات البشرية. مما يثبت أنّ الحيوانات كانت تشكّل اهتماماً خاصاً لدى فنّاني عصور ما قبل التاريخ، ولم تكن الرسوم الحيوانية في كثير من الحالات مقرونة بالأشكال الآدمية. أبرز الحيوانات التي وجدت في رسوم المنطقة هي الجمال، تحديداً في موقع "هضبة العروس" وفي المرتفعات المحيطة بقرية "الفية"، وفي موقع "الثعالب".
من المعروف أن الإبل ظهرت بعد الماشية في الجزيرة العربية، وإن كان هناك خلاف بين الباحثين حول تحديد الفترة التي ظهرت فيها قوافل الإبل في الجزيرة العربية. أما رسوم الخيول، فقد عثر عليها في مواقع قرية "الفية" ببلاد "بني رزام"، ووادي"البيح" ببلاد "علكم"، حيث تعدّ رسوم الخيول أكثر الرسوم الحيوانية في هذه المواقع، وقد استخدم الفنان في تنفيذها أساليب مختلفة، ففي بعض مصوّراته استخدم أسلوب النحت الكلي، كما استخدم في بعض لوحاته أسلوب النحت البارز، حيث يقوم بتفريغ الصخرة مما يلي الشكل المراد رسمه ليظهر الشكل بصورة بارزة، وهي عملية مضنية، ويعد هذا النوع من أصعب أساليب النحت، ويحتاج إلى دقة ومهارة فائقتين. وللأبقار نصيب من الرسوم أيضاً، إذ وجدت فوق صخور "الريوليت" وعلى امتداد المرتفعات المطلّة على الوادي الرئيس لقرية "الفية" من الجهة الشرقية، وقد هاجمتها الكلاب ذات الذيول المطوية إلى الأعلى، وهذا النوع من الرسوم وجد في كل من الحناكية والطائف. عُثر أيضاً على رسوم لطائر النعام في عدد من الأماكن، وقد رسمت بمهارة فريدة، مما يوحي أنّ النعام كان موجوداً في هذه المنطقة.
الأسلحة بين الصيد والحرب
أظهرت الرسوم المكتشفة مجموعة من الأسلحة التي استخدمها الإنسان، سواء في عصور ما قبل التاريخ أو في العصور التاريخية من أجل الحصول على غذائه، من خلال صيد الحيوانات، التي كانت تتوافر في بيئته. صُنعت هذه الأسلحة من الأخشاب والنحاس والبرونز والحديد. منها الأقواس والسهام التي تعدّ من أقدم الأسلحة استعمالاً في الجزيرة العربية، ومن أكثرها شيوعاً، وقد وجدت أيضاً في العديد من اللوحات، التي عُثر عليها في منطقة عسير، وقد ظهرت مقرونة بالأشكال الآدمية حيث يُشاهد الرجل عادةً وهو يمسك القوس والسهم في حالة وقوف، وفي بعض الرسومات نرى الرجل وهو يصوّب سهامه باتجاه الهدف المراد، الذي غالباً ما يكون حيوان الوعل أو الغزال. أما الرماح فهي غزيرة في الرسوم الصخرية، وقد ظهرت متأخّرة في رسوم الجزيرة العربية، ويعتقد البعض أنّها ظهرت في العصر الحديث. اقترن هذا النوع من السلاح بشكل كبير براكبي الخيول، وهي واكبتهم في حالتي الحرب والصيد.
ينطبق الأمر نفسه بالنسبة للدروع التي ظهرت مقرونة بالرجال، وتشاهد غالباً والرجال يقبضون عليها بيُسُرهم، ويحملون في أيمنهم أسلحة أخرى، ولكن هذه المناظر لا توحي بالحركة. تندر الخناجر في رسوم مدينة أبها.
عُثر على رسم لرجل يرتدي على خاصرته خنجراً، وقد نفذت هذه اللوحة بأسلوب غاية في الدقة والإتقان، فظهر الخنجر مشابهاً لما يسمى اليوم بالذريع أو الجنبية، كما عُثر على رسم لرجل يتمنطق عند خاصرته بما يشبه السيف، أو الجنبية، وله جراب يظهر منه مقبض السيف، ويتدلّى من الجراب شيء ما قد يكون للزينة، وهو يشبه ما يزيّن به أهل هذه المنطقة في العصر الحالي الجراب الذي يغمدون فيه جنابيهم.