تبددت فرحة الطالبة الفلسطينية جنات أبو زبيدة بعد حصولها على معدل 97.4% في الثانوية العامة المؤهل للمرحلة الجامعية، بسبب عدم مقدرة أسرتها المادية على تسجيلها في أي من الجامعات في قطاع غزة.
ومع مرور عدة أسابيع على إعلان نتائج الثانوية العامة على مستوى قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة، إلا أن أبو زبيدة لم تلتحق بأي من الجامعات نظراً للظروف الصعبة التي تمر بها عائلتها ورغبتها في دراسة طب الأسنان.
وفي فلسطين توجد جامعتان حكوميتان بالإضافة لعدد من الجامعات والكليات الأهلية والخاصة، إلا أنّ الدراسة بها مدفوعة الثمن مع كونها أقل تكلفة من باقي المؤسسات الجامعية، في حين لا يقل متوسط تكلفة الفصل الدراسي الواحد في الجامعات بغزة عن 250 إلى 300 دينار أردني، (الدينار= 1.4 دولار أميركي).
وبعد إعلان نتائج الثانوية العامة، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي لا سيما "فيسبوك" الأكثر استخداماً بين الفلسطينيين بعشرات المناشدات لطلبة متفوقين بحاجة لمنح دراسية تمكنهم من الالتحاق بالجامعات فيما تمنعهم ظروفهم الاقتصادية من ذلك.
وشهدت الأعوام التي تلت العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة 2014 تراجعاً واضحاً في أعداد الطلبة الملتحقين بالدراسة الجامعية، لأسباب من أبرزها تدهور الأوضاع المعيشية، ما أدى إلى ارتفاع نسب البطالة في صفوف الخريجين.
وتقول أبو زبيدة، لـ "العربي الجديد"، إنّ البهجة التي أعقبت تفوقها في امتحان الثانوية العامة تلاشت مع صعوبة تسجيلها في أي من الجامعات المحلية في القطاع، وعدم توفر الإمكانات المادية لذلك بسبب ظروف أسرتها.
وكانت الشابة الفلسطينية تطمح للالتحاق بتخصص طب الأسنان، إلا أنّ ارتفاع كلفته في الفصل الدراسي الواحد إلى جانب المتطلبات المتعلقة به يجعل منه أمراً مستحيلاً، وهو ما سيدفعها لاختيار تخصص آخر يتناسب مع ظروفها.
وتضيف أبو زبيدة أنها في ظل تدهور أوضاع عائلتها المعيشية فإنها ستؤجل دراستها لفصل أو عام كامل إلى حين توفر الإمكانات المادية لالتحاقها بالدراسة الجامعية، لا سيما مع وجود 3 من أخوتها يدرسون في جامعات القطاع.
وتشير الشابة الفلسطينية إلى أنّ الأمر لا يقتصر عليها وحدها، إذ إن هناك مجموعة من صديقاتها في المدرسة اللواتي حصلن على معدلات مرتفعة سيؤجلن دراستهن الجامعية بسبب تردي الأوضاع المعيشية لعوائلهن.
ويعاني القطاع من تراجع حاد في مستوى السيولة النقدية المتوفرة لدى المواطنين، إذ تشير الإحصائيات الرسمية إلى اعتماد أكثر من 80% على المساعدات الإغاثية وسط ارتفاع لمعدلات انعدام الأمن الغذائي وزيادة متسارعة في معدلات البطالة خصوصاً في فئة الشباب التي وصلت إلى 68%.
في الأثناء، يقول منسق "الحملة الوطنية لتخفيض الرسوم الجامعية" إبراهيم الغندور، إنّ نسب التسجيل في الجامعات للعام الدراسي المقبل متدنية جداً، وما يؤكده ظهور عشرات المناشدات اليومية من طلبة متفوقين بالتدخل من أجل التكفل بتوفير منح دراسية لهم.
ويوضح الغندور، لـ "العربي الجديد"، أنّ الأوضاع الاقتصادية التي تأزمت كثيراً مع اشتداد الحصار الإسرائيلي بالإضافة لأزمة رواتب الموظفين العموميين وعدم انتظام صرفها بشكلٍ كامل، إلى جانب تداعيات جائحة كورونا على القطاعات الاقتصادية، فاقمت أوضاع آلاف العائلات.
ويتوقع منسق "الحملة الوطنية لتخفيض الرسوم الجامعية"، أن تتراجع نسبة التسجيل بشكل أكبر داخل الجامعات والكليات المختلفة للعام الدراسي الجديد، في ظل عدم تخفيض أسعار الرسوم الدراسية التي لا تتناسب مع طبيعة الأوضاع الاقتصادية.
ووفقاً لإحصائية "الحملة الوطنية لتخفيض الرسوم الجامعية"، فإنّ عام 2018 شهد تأجيل 35% من الطلبة لدراستهم الجامعية بسبب أوضاعهم، فيما التحق، خلال عام 2019، نحو 35% من خريجي الثانوية العامة بالجامعات.