الروهينغا في الهند مهددون أيضاً: مساعٍ لترحيلهم بحجج أمنية

نيودلهي

فايز الحق

فايز الحق
فايز الحق
صحفي هندي في نيودلهي.
18 أكتوبر 2017
5E35337D-D8AD-4F4D-A8D4-47A60CD4B965
+ الخط -
لم تتوقف معاناة الروهينغا الهاربين من ميانمار، إذ إن اللاجئين منهم في الهند يجدون أنفسهم وسط مستقبل غامض، مع سعي الحكومة الهندية لترحيلهم من البلاد، ليصبحوا محاصرين بين الخوف من طردهم من البلاد التي يعيشون فيها في وضع صعب، وبين العودة لبلادهم التي أعلنت سلطاتها بشكل واضح عدم ترحيبها بهم.

ومنذ تصاعد الاعتداءات بحق الروهينغا في ميانمار، لجأ كثيرون منهم إلى الهند عبر حدود بنغلادش، ليصبح عددهم نحو 40 ألف لاجئ، وفق إحصائيات حكومية هندية. وهم يعيشون في مخيمات قرب نيودلهي، وإقليم اتربرديش، وهاريانا، وجامو وكشمير، وبنغال الغربية، وآسام. وفيما تم تسجيل نحو 10 آلاف منهم في مفوضية الأمم المتحدة للاجئين، إلا أن معظمهم لا يتمتعون بأية مساعدة حكومية أو أي دعم من المفوضية، كما يقولون.

ولتزداد المخاطر على هؤلاء، أعلنت وزارة الداخلية الهندية أخيراً أنها ستقوم بترحيل الروهينغا إلى ميانمار لأنهم "يشكّلون تهديداً للأمن في الهند". وقال وزير الداخلية الهندي راجناث سينغ، إن الحكومة لن تنتهك أي قانون دولي عبر ترحيل اللاجئين الروهينغا، لأن الهند لم توقّع الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين لسنة 1951. وعلى العكس من ذلك، قالت وزارة الخارجية الهندية في تصريح، إن نيودلهي قلقة من الوضع الإنساني الذي يسبّبه تدفق اللاجئين الروهينغا وستتعامل مع الأمر وفق ذلك.

قرار الحكومة الهندية بترحيل الروهينغا، قوبل بمسيرات احتجاجية في مدن هندية مختلفة لهنود مسلمين وناشطين، شارك فيها المئات، واعتُبرت أكبر تظاهرات من نوعها في السنوات الأخيرة. كذلك بدأ النائب عن حزب "المؤتمر"، الناشط السياسي شاشي ثارور، حملة توعية في الهند حول حق الروهينغا بالحياة. وبثّت منظمة العفو الدولية مقاطع فيديو له كجزء من حملتها التوعوية. أما التحرك الأبرز لمواجهة قرار الحكومة المركزية بترحيل اللاجئين إلى ميانمار، فكان عبر رفع المحامي براشانت بوشان قضية في المحكمة العليا لإبقاء هؤلاء في الهند، ومن المتوقع أن يصدر الحكم النهائي فيها خلال الأيام المقبلة.

وشرح المدير العام لمركز جنوب آسيا لتسجيل حقوق الإنسان، رافي ناير، في حوار مع "العربي الجديد"، أنه ليس لدى الهند إطار قانوني ووطني للتعامل مع قضايا اللاجئين. غير أن المحاكم الهندية اعترفت بالحق في عدم الإعادة القسرية لهم، لكن هناك خلافات واضحة بين وزارة الخارجية الهندية ووزارة الداخلية الهندية. ففي سبتمبر/ أيلول الماضي أيّدت الهند قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لإجراء تحقيق في العنف في ولاية راخين في ميانمار، لكن سياسة الوزارة الداخلية تناقض هذا القرار، كما قال ناير.

وأصدرت محاكم هندية قرارات تحذر الحكومة من الإعادة القسرية للاجئين. وعن هذا الأمر، قال ناير إن المادة 51 (ج) من الدستور الهندي تنص على أن الدولة تعمل على تعزيز احترام القانون الدولي والالتزامات الدولية، وهذا يشمل التزامات عدم الإعادة القسرية، على الرغم من أن الهند لم توقّع على اتفاقيات دولية، وخصوصاً اتفاقية اللاجئين لعام 1951. وأضاف أن الدستور الهندي يوفر إطاراً قانونياً مفيداً للمطالبة بحق اللاجئين في عدم الإعادة القسرية.


وحول إمكان توجّه السلطات الهندية لتنفيذ قرار طرد الروهينغا إلى ميانمار، رأى ناير أن وزارة الداخلية في الهند تتجاهل القانون المحلي وأيضاً القانون الدولي بالنسبة للاجئين، مضيفاً: "لا يمكنها إعادة أي لاجئ من الروهينغا إلى أي مكان حتى تتخذ المحكمة العليا في الهند قراراً بشأن القضية التي تم رفعها أخيراً ضد ترحيلهم". وأشار إلى أن "حكومة ميانمار لا تعترف بالروهينغا كمواطنين لها، لذا لا يمكن إعادتهم إلى ميانمار التي لن تقبلهم، وإذا قبلتهم سيكون عليها الموافقة على عودة نصف مليون لاجئ من بنغلادش". وتابع: "من غير الواضح ما إذا كان سيُرحّل اللاجئون الروهينغا في حال فازت وزارة الداخلية الهندية بالقضية في المحكمة العليا".

واعتبر ناير أن "الحكومة الهندية الحالية استبدادية وتُعامل المسلمين الهنود بشكل غير عادل، فكيف نتوقع منها معاملة اللاجئين الروهينغا بشكل مختلف، وهي ترسل رسالة إلى المسلمين الهنود بأنهم مواطنون من الدرجة الثانية"، مضيفاً: "في السنوات الثلاث الماضية، ساد الخوف بين المسلمين الهنود بسبب الهجمات عليهم وحظر لحوم البقر، والحكومة المركزية لا تمثّل قيم الحضارة الهندية".

وأتاحت الهند المأوى لمهاجرين من التبت وسريلانكا، من بين لاجئين آخرين من البلدان المجاورة في الماضي. ووفق إحصائيات منظمة "ريفيوجي انترناشيونال" الأميركية، فإن هناك نحو 330 ألف لاجئ من مختلف الجنسيات في الهند، منهم 143 ألفاً من سريلانكا و110 آلاف من التبت، وآخرون من ميانمار وبوتان وأفغانستان. كما أن هناك عدداً كبيراً من الهندوس الذين جاؤوا إلى الهند من بنغلادش، ومنهم من نيبال بعدما غادروا بلدهم خوفاً من الماويين. ولا توجد حماية من الحكومة الهندية للاجئين باستثناء تلك التي ينص عليها مبدأ عدم الإعادة القسرية.

وأوضحت مديرة جنوب آسيا في منظمة "هيومن رايتس وواتش"، مانيشا غانغولي، لـ"العربي الجديد"، أنه "على الرغم من أن الهند لم توقّع على اتفاقية دولية تتعلق باللاجئين، فإن الملايين لجأوا إليها في العام 1947، وكان الدالاي لاما أيضاً لاجئاً في الهند، ومنذ ذلك الحين، أصبح عشرات الآلاف من التبتيين لاجئين في الهند، كما أن البلاد قدّمت على مر السنين، المأوى للاجئين من سريلانكا وميانمار وأفغانستان وبلدان أخرى". وأضافت أنه "من المستغرب أن تعلن السلطات الهندية فجأة أنها ترغب في ترحيل الروهينغا، خصوصاً حين شن جيش ميانمار حملة التطهير العرقي"، متابعة: "عملنا في كل أنحاء العالم، ونادراً ما سمعنا عن مثل هذه الاعتداءات الوحشية في ميانمار، من ذبح الأطفال والنساء واغتصاب الفتيات".

وطالبت غانغولي الهند بقبول المبادئ الدولية، "فلا يمكنها أن ترحّل الناس إلى مكان تكون حياتهم فيه بخطر، فالسلطات في ميانمار رفضت منذ فترة طويلة قبول الروهينغا كمواطنين، وسيكون من الصعب إرسال هؤلاء الأشخاص إلى الوراء". وعن ربط الحكومة الهندية قرار ترحيل الروهينغا بوجود مخاطر أمنية بسببهم، تساءلت غانغولي: "هل يمكن أن يشكّل جميع هؤلاء تهديداً للأمن؟ وفي هذه الحالة، كيف لا توجد تحقيقات للشرطة في هذا الملف؟".

ذات صلة

الصورة
متظاهرون يطالبون باستقالة الشيخة حسينة، داكا 4 أغسطس 2024 (محمد راكيبول حسن رافييو/Getty)

سياسة

فرّت رئيسة الوزراء الشيخة حسينة من بنغلادش الاثنين، لينتهي حكمها الذي استمر 15 عاماً بعد أكثر من شهر على تظاهرات أوقعت مئات القتلى.
الصورة
اليوتيوبر المغربي، آدم توفيق، المعروف بلقب "نيو بطوطة"

منوعات

اختفى اليوتيوبر المغربي، آدم توفيق، المعروف بلقب "نيو بطوطة" في ظروف غامضة بعدما توجّه إلى آسيا ليصنع محتوى حول المغاربة المختطفين في ميانمار.
الصورة

منوعات

أثارت الرئيسة الهندية دروبادي مورمو جدلاً حاداً خلال دعوتها لعشاء قادة مجموعة العشرين، حيث استخدمت عبارة "رئيس بهارات" بدلاً من "رئيس الهند". هذا الخبر أثار تساؤلات ونقاشاً حول تغيير اسم البلاد.
الصورة

سياسة

تأسست مجموعة "بريكس" كجبهة اقتصادية وسياسية طموحة تعكس تحولاً جذرياً في النظام العالمي. جمعت البرازيل وروسيا والهند والصين في بادئ الأمر لتشكيل هذه المنظمة في عام 2006، تحت اسم "بريك"، وتم انضمام جنوب أفريقيا إليها في عام 2011، ليصبح الاسم "بريكس".