يشير الباحثون إلى أن جذور الزخرفة في الحضارة العربية الإسلامية تأثرت بالثقافات المجاورة، البيزنطية والفارسية تحديداً، لكنها أخذت هويتها من تلاق عناصر عدة أهمّها الخط العربي والزخارف النباتية والأبعاد الهندسية التي أنتجتها قوانين رياضية، والأشكال والأنماط الجمالية التي ابتكرت تباعاً.
وقد لجأ المعمار الإسلامي إلى الزخرفة باكراً باعتبارها معالجة معمارية وليست مبدأ فكرياً، حيث مكّنته من إظهار عمق الفضاء الذي يعمل فيه، فاختلفت زخارف المساجد عن تلك المستخدمة في الأسواق أو المدارس أو المباني العامة، كما ساهمت تقنياً في تقسيم السطوح الكبيرة إلى شبكة من أجزاء صغيرة، ولطالما اعتبر التجريد ضمن التمثيل إحدى أبرز خصائص الفنون الإسلامية، إلى جانب تعبيرها الموازي عن العقيدة الجديدة.
لم تكن صناعة النسيج معزولة عن هذه السياق، فظهرت الأعمال تمزج بني عناصر إسلامية وأخرى قبطية في مصر أو هلنستية في الشام خلال الفترة الأولى من العصر الأموي، وتنوعت الزخارف المطرزة على تلك الأنسجة بين كتابة عربية وتكوينات هندسية، ونباتية، مع وجودٍ لزخارف كائنات حية آدمية أو طيور وحيوانات، أو كائنات خرافية.
"تغاير الزخرفة العربية الإسلامية بين النسيج والعمارة" عنوان المحاضرة التي تلقيها الباحثة والأكاديمية اللبنانية سلام يونس فقيه عند السادسة من مساء بعد غدٍ الخميس في "مركز توفيق طبارة" في بيروت، بتنظيم من "تجمع الباحثات اللبنانيات".
تلقي الباحثة الضوء على "تظهّر ملامح النسيج في أعمال الفنانين المعماريين الرياديين، وتقدّم الزخرفة كصورة مرافقة لعصر التكنولوجيا الرقمية. ولفهم الاصول التاريخية للعلاقة بين النسيج والعمارة ولتغاير الزخرفة بينهما، وضعت هذه المحاصرة/ الدراسة كحجر أساس تبنى عليه مفاهيم مستقبلية"، بحسب بين المنظّمين.
ترصد فقيه تطوّر الزخرفة خلال العصور الإسلامية، وصولاً إلى ظهور أمثلة لزخارف جديدة اليوم تنفّذ بتقنيات جديدة، وآلية إنتاجها على مستويي الوحدة الواحدة والزخرفة الكلية، وما تعطيه من معانٍ حديثة حيت بدأت تظهر الوحدات الزخرفية كبيرها وصغيرها كاملة من دون تجزئة أو تشطير، الأمر الذي لم يكن ممكناً في الزخارف التقليدية.
كما تستحضر العديد من تجارب الفنانين المعماريين وإبداعاتهم في استدخال الزخارفة العربية وفق رؤى تجديدية، ومعالجات فنية غير مبتكرة سابقاً.