أكد رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، فائز السراج، استعداد حكومته للتعاون مع الاتحاد الأوروبي من أجل وقف سيل الهجرة غير الشرعية.
وقال السراج، الذي أجرى زيارة إلى بروكسل، في حديث مقتضب لـ"العربي الجديد"، إنه أكد لقادة الاتحاد الأوروبي أن "بلاده مستعدة للتعاون والتنسيق مع دول الاتحاد، للحيلولة دون موت المزيد ممن يجازفون بأرواحهم عبر قوارب الهجرة".
وتابع "أطلعنا قادة الاتحاد على جهودنا في محاربة الإرهاب في بلادنا، والذي قطعنا فيه شوطا كبيرا. وحان الوقت للحديث عن مرحلة أخرى تتعلق بأمننا، وهي مسألة المهاجرين".
وأوضح السراج، بعدما أنهى لقاءاته مع المسؤولين في حلف شمال الأطلسي، يوم الخميس الماضي، أن "قادة الاتحاد تفهّموا أن ليبيا بلد عبور للمهاجرين، ولذا فهم سيساعدوننا على بناء قدراتنا في ضبط الحدود وتدريب عناصر خفر السواحل والبحرية الليبية، بدلا من الحديث عن توطين المهاجرين لدينا، وهو الأمر الذي عارضناه بشدة خلال هذه الزيارة".
وقال إن "إنجازات حكومتنا أصبحت واضحة لدى الجميع، فنحن هزمنا الإرهاب في أكبر معاقله في سرت، وفرضنا سيطرتنا على أكثر من موقع. وجهودنا في تسيير دوريات مراقبة الشواطئ والتنسيق مع عملية صوفيا بدت واضحة، وكل هذا أقنع الأوروبيين بضرورة التعاون معنا".
وعن المباحثات مع قادة حلف شمال الأطلسي في بروكسل، قال: "هذا أمر نبتّ فيه بالتشاور داخل المجلس الرئاسي، لكننا لم نقدم أي طلب حتى الآن في أي جانب"، موضحا أن الحلف "جدد وعده بالمساعدة في بناء القدرات الدفاعية، وعلى رأسها المساعدة في ضبط الحدود بالتنسيق معنا"، نافيا وجود أي اتفاق للسماح للحلف ببناء مراكز داخل الأراضي الليبية.
وأكد أن "بإمكان الحكومة توفير المراكز والأماكن الخاصة بالتدريب، وخبراء الأطلسي سيكونون ضيوفا لدينا للمساعدة فقط".
وعن أنباء زيارته إلى العاصمة الروسية موسكو، قال: "روسيا دولة صديقة ولنا تواصل معها، وسفيرها يزور طرابلس، ونحن منفتحون على الجميع. وسألبي دعوة روسيا في حال وصلتنا، فأي سبيل يمكننا من لملمة شتات الوطن والتواصل مع أي طرف سنسلكه".
والتقى السراج في بروكسل عدداً من قادة الاتحاد الأوروبي، من بينهم رئيس المجلس الأوروبي، دونالد توسك، والممثلة العليا للسياسة الخارجية الأوروبية، فيدريكا موغريني، ورئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، ورئيس المجلس الأوروبي مفوض سياسة الجوار الأوروبية، يوهانس هان، ومفوّض شؤون الهجرة في الاتحاد، ديميترس افراموبولوس.
ومن أبرز أعمال السراج خلال زيارته، توقيع اتفاق مع إيطاليا بشأن وقف تدفق الهجرة المنطلقة من ليبيا. وذكرت مصادر إعلامية، أن السراج طلب من قادة الاتحاد الأوروبي ضمانات بشأن مساهمة دول الاتحاد في تمويل وتنفيذ اتفاقات تدريب خفر السواحل الليبي وضبط الحدود الليبية.
وأوضحت المصادر ذاتها، أن السراج طالب برفع قيمة التمويل الأوروبي لعملية وقف الهجرة غير الشرعية، على اعتبار أن المبلغ المعلن عنه، والمقدر بنحو 200 مليون يورو، لخمس دول هي ليبيا وتونس ومصر وتشاد والنيجر، غير كافٍ، مقابل 6 مليارات يجري الحديث عن تخصيصها لتركيا في مجال الهجرة.
لكنّ مسؤولي الاتحاد الأوروبي طالبوا حكومة الوفاق، في المقابل، ببذل المزيد من الجهود للتواصل مع كل الأطراف من أجل ضبط الساحل الليبي، ومراقبة خطوط الهجرة غير الشرعية عبر الصحراء، لا سيما أن الكثير من مراكز إيواء المهاجرين في ليبيا تسيطر عليها مجموعات مسلحة خارج سيطرة حكومة الوفاق، وأجزاء أخرى تحت سيطرة قوات البرلمان في شرق البلاد.
ويرى مراقبون للشأن الليبي، أن الضغط الأوروبي على سلطات ليبيا في ملف الهجرة غير الشرعية، والمطالبة بتسريع الحلول لها، يأتي ضمن نشاط الحملات الانتخابية في ألمانيا وإيطاليا وغيرها من دول الاتحاد. إذ تعي تلك الدول جيدا أن حكومة الوفاق ضعيفة داخليا، ولا يمكن الحديث عن إنجاز الكثير من تلك التفاهمات، وهو جانب تدركه حكومة الوفاق أيضا، وتسعى من خلال هذه الزيارات واللقاءات إلى زيادة رصيدها وقبولها الدولي، الذي يبدو أنه بدأ في التراجع مؤخرا.