يعدّ موسم الحج حدثاً استثنائياً وحساساً في السعودية. خلال هذه الفترة، تستقبل المملكة نحو المليون ونصف المليون مسلم من جميع أنحاء العالم، لأداء شعائر خامس أركان الإسلام. هذا بالإضافة إلى نحو نصف مليون أو 700 ألف حاج من داخل المملكة، ليصل المجموع إلى نحو مليوني حاج يجتمعون لأداء هذه الفريضة المقدسة، والتي تستغرق نحو أسبوع.
وتتعاون قطاعات حكومية مختلفة سنوياً تحت مظلة لجنة الحج العليا، التي يترأسها ولي العهد ووزير الداخلية الأمير محمد بن نايف، بهدف إدارة موسم الحج.
وعادة ما تولي البلاد اهتماماً بالرعاية الصحية للحجاج، الوقائية والعلاجية، علماً أن استضافة مئات الآلاف من البشر يتطلب عملاً كثيراً لتأمين سلامتهم من الناحية الصحية، وخصوصاً في ظل تفشي فيروس كورونا في المملكة، وإيبولا في أفريقيا، كما هو الحال في موسم الحج الماضي، والذي مر من دون مشاكل تذكر.
وكان وكيل وزارة الصحة للمختبرات وبنوك الدم إبراهيم العمر، قد أعلن خلال مؤتمر صحافي عن بعض استعدادات الوزارة لموسم الحج هذا العام. وتحدث عن ثلاثة مسارات لعمل لجنة المختبرات وبنوك الدم. الأول يتعلق بالمختبرات المعدة للكشف عن الأوبئة، والثاني بالمختبرات المجهزة للفحوصات الاعتيادية، والأخير بالمختبرات المعدة لكشف السموم والكيمياء الشرعية. هذا بالإضافة إلى توفير الدم للحجاج لمواجهة أي طارئ.
ووفرت الوزارة نحو 17 ألف وحدة دم، بالإضافة إلى 8 آلاف وحدة أخرى من خارج المنطقة في حال حدوث أي طارئ. وعادة ما لا يستهلك أكثر من 25% منها، بحسب وزارة الصحة. أما برنامج الكشف عن السموم والكيمياء الشرعية، فيشمل ما تطلق عليه الوزارة اسم برنامج "يقظ"، الذي يتولى فحص سائقي الحافلات بالتعاون مع إمارة مكة وجهات حكومية أخرى، للتأكد من عدم تعاطيهم أي مواد مخدرة، قد تؤثر في سلامة الحجاج. ووفرت الوزارة هذا العام مختبرات متنقلة لفحص السائقين.
وكانت وزارة الصحة السعودية قد أعلنت قبل أسابيع عن إتمام جميع الإجراءات اللازمة لتقديم الخدمات الصحية الوقائية والتشخيصية والعلاجية وغيرها للحجاج خلال موسم الحج هذا العام.
وتضع وزارة الصحة سنوياً شروطاً عدة تفرض على الراغبين في أداء فريضة الحج، توزع على الدول من خلال السفارات السعودية في الخارج، وتعمم عن طريق منظمة الصحة العالمية، من أجل ضمان وصولها إلى جميع دول العالم. وتتضمن الحصول على لقاحات ضد الأمراض الوبائية وغيرها.
وتجدر الإشارة إلى أن وزارة الصحة أطلقت برنامج التطعيم الوقائي قبل بدء موسم الحج، وذلك في مكة المكرمة والمدينة المنورة، على أن يشمل أيضاً العاملين في قطاعات خدمة الحجاج.
أيضاً، جهزت وزارة الصحة 15 مركزاً للرقابة الصحية في المنافذ الحدودية البرية والبحرية والجوية، من أجل تقديم خدمات صحية علاجية ووقائية ومواجهة أي طارئ صحي. ومن أهم وظائف هذه المراكز الصحية، التأكد من سلامة الحجاج الوافدين إلى المملكة، وحصولهم على اللقاحات اللازمة، وسلامة وسائل النقل والمواصلات، وسلامة الأغذية التي يجلبها الحجاج معهم.
وهناك 25 مستشفى لخدمة الحجاج (5 آلاف سرير، و500 سرير في قسم العناية المركزة، و550 سرير طوارئ)، و155 مركزاً صحياً، و16 مركز طوارئ، وثلاثة مراكز إسعافية في الحرم المكي، مزودة بمائة سيارة إسعاف. وجهزت الوزارة 232 غرفة عزل.
ويقدر عدد الأطباء الوافدين خلال موسم الحج بنحو 800 طبيب وممرض (من مختلف التخصصات)، ليساهموا مع 25 ألف كادر طبي مكلف من المنطقة بتقديم الخدمات الطبية للحجاج. وتستفيد وزارة الصحة من المركز العالمي لطب الحشود، وخصوصاً في مجال الأبحاث والتبادل العلمي والتدريب، والذي يحظى بثقة منظمة الصحة العالمية.
وبالإضافة إلى كل ما سبق، تنفذ وزارة الصحة خطة للتوعية الصحية وتثقيف الحجاج، تتكون من ثلاث مراحل رئيسية: الأولى تستهدف الراغبين في أداء فريضة الحج قبل قدومهم إلى المملكة، من خلال التعاون مع وزارة الخارجية بهدف تزويد السفارات والممثليات السعودية في الخارج بنشرات طبية بلغات مختلفة، وتضمن الإرشادات الطبية اللازمة لسلامة الحجاج. فيما يتضمن الجزء الثاني خطة التوعية الصحية التي تتضمن التواصل مع الحجاج بشكل مباشر عند المنافذ الحدودية. كما تستخدم وسائل توعوية مختلفة لنشر تلك الإرشادات أثناء موسم الحج.
إلى ذلك، هناك خطوات استثنائية يتوقع اتخاذها لمواجهة فيروس "كورونا" خلال موسم الحج لهذا العام، تتمثل في منع دخول الإبل إلى الأماكن المقدسة، وذلك بعدما توصلت وزارة الصحة إلى قناعة مفادها أن الإبل ساهمت في وصول المرض وليس تفشيه أو انتشاره على نطاق واسع. وأكد المجلس العلمي الاستشاري المنبثق عن مركز القيادة والتحكم في الوزارة على أهمية إبقاء الإبل بعيداً عن الحجاج لسلامتهم. ولا يتوقع أن تثير المسألة جدالاً دينياً.
اقرأ أيضاً: نسويات سعوديات يخضن معركة الانتخابات في وجه المحافظين