السفير الفلسطيني يطالب الجامعة العربية بمواجهة الإعلان "الأميركي الإسرائيلي الإماراتي"
أكد السفير المناوب لمندوبية دولة فلسطين لدى جامعة الدول العربية، مهند العكلوك، أن القضية الفلسطينية تقف اليوم ومعها جامعة الدول العربية، على مفترق طرق جديد لم تجرّبه سابقاً، حيث إن هذه القضية ظلت على مدى أكثر من 72 عاماً، منذ نكبة فلسطين عام 1948، تعطي المعنى الحقيقي لمصطلح الجامعة العربية، بمعنى أن هذه القضية ظلت القضية المركزية الجامعة، وظل العرب مجتمعين على دعمها دولاً وشعوباً.
وأضاف السفير الفلسطيني، في مداخلته أمام أعمال الدورة (154) لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين التي انطلقت بجامعة الدول العربية اليوم برئاسة فلسطين، أنه في عام 2002 تبنت القمة العربية "مبادرة السلام العربية" التي تتألف عملياً من ثلاث كلمات: إنهاء الاحتلال، قيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس على حدود 1967، وحل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين.
وأشار رئيس وفد فلسطين في الاجتماع، إلى أن هذا يعني أن أكثر من 70 دورة لمجلس الجامعة منذ ذلك الحين أكدت التمسك بمبادرة السلام العربية، التي مثّلت الحد الأقصى الذي يمكن أن تدفعه الأمة العربية ثمناً للسلام، وهو ثمن باهظ فعلاً، لم تكن الأمة العربية لتدفعه في مراحل تاريخية مختلفة.
وقال السفير العكلوك في مداخلته: "إننا نقف اليوم أمام حدثٍ مؤلم، ليس فقط للشعب الفلسطيني بل للأمة العربية جمعاء، ولقد هز هذه المنظومة العربية، المتمثلة بالجامعة، وهو ما سُمي بالإعلان (الأميركي الإسرائيلي الإماراتي)، ولأن أحد أطراف هذا الإعلان هو دولة عربية عضو في الجامعة".
وأشار إلى أن "فلسطين عبّرت بوضوح عن موقفها الرافض للإعلان الثلاثي، ولكن اليوم جاء دور جامعة الدول العربية لتُظهر موقفها من هذا الإعلان الذي تخطى مجموعة من الحدود والثوابت العربية، نلخصها لكم في التالي: خروج دولة عربية عن الخط الذي رسمته قرارات القمم العربية على مدار العقدين الماضيين والمتمثل في مبادرة السلام العربية، وذلك من خلال إعلانها التطبيع الكامل مع دولة الاحتلال الإسرائيلي وفي كل المجالات من دون أن تقدم إسرائيل أي ثمن لذلك، وهذا يعني التخلي عن الالتزام بالمبادرة العربية للسلام، التي باتت منذ قرار مجلس الأمن 1515 لعام 2003، واحدة من المرجعيات الدولية لعملية السلام. ليس هذا فقط بل التخلي عن أحد أهم المبادئ المؤسسة لعملية السلام، وهو مبدأ الأرض مقابل السلام".
وأوضح الدبلوماسي الفلسطيني أن الإعلان الثلاثي تضمن نصاً يقول بأنه بناء على طلب من الرئيس ترامب ودعْم من الإمارات، فإن إسرائيل "ستؤجل إعلان السيادة على المناطق المشار إليها في رؤية الرئيس ترامب للسلام"، مشيرا إلى أن الإعلان لم يذكر مصطلح الضم بل "إعلان السيادة"، وهذا يعني أن دولة عربية تطبع علاقاتها مع الاحتلال بشكل كامل، ليس مقابل إنهاء الاحتلال وقيام دولة فلسطين على حدود 1967 وإيجاد حل عادل للاجئين، بل فقط مقابل "تأجيل أو تعليق إعلان السيادة".
وبيّن أن الإعلان الثلاثي تضمن ذكر صفقة القرن (رؤية الرئيس الأميركي للسلام) ثلاث مرات: المرة الأولى عند الحديث عن تأجيل إعلان السيادة الإسرائيلية، والمرة الثانية أتت لامتداح موقف الإمارات من حضور سفيرها إعلان الصفقة في البيت الأبيض، وبياناتها الداعمة والحديث عن جهود تحقيق السلام، وهو ما يوحي باعتماد صفقة القرن، التي رفضتها القرارات العربية كمرجعية لعملية التفاوض.
وأوضح العكلوك أن المرة الثالثة التي ذُكرت فيها صفقة القرن في الإعلان وهي الأكثر خطورة وإيلاماً، لأنها تنتهك المكانة القانونية لمدينة القدس وتنتهك الوضع القانوني والتاريخي القائم في المسجد الأقصى المبارك، حيث نص الإعلان على ما يلي: "كما ورد في رؤية السلام (صفقة القرن) فإن جميع المسلمين الذين يأتون مسالمين يمكن لهم زيارة المسجد الأقصى والصلاة فيه"، وهذا يعني أن مرجعية الصلاة في المسجد الأقصى هي صفقة القرن، التي اعتبرت القدس الموحدة عاصمة لما يُسمى بـ"الشعب اليهودي"، وأن السيادة على المسجد الأقصى هي سيادة إسرائيلية.
وقال إن الإعلان الثلاثي ينص أيضا على ما يلي: "إسرائيل والإمارات العربية المتحدة ستنضمان للولايات المتحدة لإطلاق أجندة استراتيجية للشرق الأوسط لتوسيع التعاون الدبلوماسي والتجاري والأمني، فهل نقبل أن تقوم إسرائيل برسم استراتيجية جديدة للشرق الأوسط بشأن التعاون الدبلوماسي والتجاري والأمني؟".
وأشار العكلوك إلى أنه بالنسبة لموضوع الضم، فإن سلطات وجيش الاحتلال الإسرائيلي بدأت مباشرة بعد إعلان صفقة القرن في يناير 2020، بإجراءاتها العدوانية على الأرض لضم تلك المناطق وفرض السيادة الإسرائيلية عليها، حيث قامت بالمصادقة على بناء 4179 وحدة استعمارية استيطانية جديدة، ويجري استكمال إجراءات المصادقة على 6408 وحدات استيطانية حتى آخر السنة (المجموع 10587)، وأنشأت 5 بؤر استيطانية جديدة يمكن أن تتحول إلى مستوطنات متكاملة في المستقبل القريب. وفي المقابل فقد جرفت سلطات الاحتلال آلاف الدونمات والمنشآت الزراعية الفلسطينية، وهدمت فعلياً 313 منشأة وبناية سكنية فلسطينية، ووزعت إخطارات بهدم 351 منشأة وبناية سكنية أخرى، وقامت سلطات الاحتلال بتهجير 737 مواطنا فلسطينيا من أماكن سكنهم. كل هذا وأكثر يجري في المناطق الفلسطينية المستهدفة بالضم الإسرائيلي منذ يناير 2020، فهل يبدو لكم أن إسرائيل قد أوقفت الضم؟".