وفي يوم الخميس، وهو اليوم الثاني للانتخاب، خسر المستثمرون في سوق السندات قرابة 450 مليار دولار، وذلك حسب البيانات التي نشرها يوم الجمعة مصرف "بنك أوف أميركا ـ ميريل لينش" الاستثماري الأميركي.
ويتخوف المستثمرون في السندات السيادية، أي تلك التي تصدرها الحكومات لتمويل العجز في الميزانيات تحت مسمى سندات الخزينة، من تداعيات سياسات الرئيس ترامب المالية والتجارية، خاصة تلك الخاصة بزيادة الإنفاق واحتمالات ارتفاع معدل التضخم.
ويقلل التضخم عادة من العائد على السندات بالنسبة لحملتها، إذ كلما ارتفع معدل التضخم قل العائد الحقيقي من السندات.
ولا يستبعد خبراء مال ومصرفيون في أميركا، أن يلجأ دونالد ترامب إلى سياسات "التيسير الكمي" خلال العام المقبل.
وحسب مصرف ميريل لينش الاستثماري، فإن ارتفاع التضخم يعني عملياً زيادة دخل الشركات، وهو ما يعني زيادة أسعار الأسهم الأميركية.
ونفذ المستثمرون في السندات الأميركية والعالمية خلال الثلاثة أيام الأولى من فوز ترامب عمليات بيع مكثفة للسندات، ما أدى إلى ارتفاع الفائدة عليها.
ويرى رئيس وحدة أدوات الدين في مصرف "كومونويلث بانك أوف أستراليا" آدم دونالدسون" أن فوز ترامب غير اللعبة الاستثمارية في أسواق المال".
وأضاف " ما يتوقعه المستثمرون حالياً التوسع في الإنفاق الحكومي، وبالتالي ارتفاع معدلات التضخم، وهذا سيفتح الباب أمام ارتفاع نسبة الفائدة".
ويقدر سوق السندات العالمي بحوالي 50 ترليون دولار، من بينها 35 ترليونا في سوق السندات الأميركي.
وتتزامن هذه الخسارة مع ضعف الإقبال على مزادات السندات التي طرحت عطاءاتها خلال الأسبوع المنتهي يوم الجمعة، أي في أعقاب فوز الرئيس دونالد ترامب، حيث انخفضت نسبة التغطية لكل من سندات الخزانة الأميركية أجل 10 سنوات إلى 2.22%، وهي النسبة الأقل منذ العام 2009، كما انخفضت كذلك نسبة التغطية على السندات طويلة الأجل مدة 30 عاماً التي طرحتها الخزانة الأميركية يوم الأربعاء.
يذكر أن الحكومة الصينية استقبلت فوز الرئيس ترامب ببيع مليارات الدولارات من حصيلة السندات الأميركية التي تملكها وتقدر بأكثر من 1.5 ترليون دولار، ومن المتوقع أن تتوالى عمليات البيع خلال الشهور المقبلة.
وكانت المصارف المركزية العالمية قد تدخلت بشكل مكثف في أعقاب إعلان نتيجة الانتخابات الأميركية خوفاً من هروب الرساميل منها.
ويرى خبراء في آسيا، أن دول الاقتصادات الناشئة في آسيا التي تعتمد بشكل كبير في تجارتها على السوق الأميركي تتخوف من انخفاض حجم صادراتها إلى أميركا في حال تطبيق ترامب لسياسته الحمائية للسلع الأميركية وفرض ضرائب باهظة على السلع القادمة من آسيا، وهو ما سيعني عملياً أن حصيلة الدولارات التي كانت تحصل عليها من فائض التجارة مع أميركا ستقل، وبالتالي تتزايد شحة الدولارات في أسواقها.
وفي أوروبا ارتفعت الفائدة على السندات السيادية في العديد من الدول، وسط الضبابية التي تلف مستقبل تجارة دول الاتحاد الأوروبي مع أميركا.
وفي ختام الأسبوع ارتفعت الفائدة على السندات الإيطالية فوق 2.0% كما ارتفعت الفائدة على السندات الألمانية.
وفي سويسرا بدأت بعض المصارف السويسرية فرض رسوم على الودائع فوق مليون دولار، وذلك بسبب التدفقات النقدية الهائلة المتدفقة من الحسابات المصرفية الأميركية على الدولار.
ويذكر أن العديد من كبار الأثرياء في أميركا يتخوفون من تداعيات فوز الملياردير دونالد ترامب على ثرواتهم، خاصة أن بعضهم دخل في ملاسنات معه أثناء الحملة الانتخابية.
ولا يخفي العديد من رجالات "وول ستريت" إظهار عدم احترامهم له. ومن هذا المنطلق تتزايد مخاوف رجالات المال في أميركا من تصفية الحسابات خلال دورة رئاسته، خاصة خلال العام الأول.
ورغم أن ترامب أظهر اعتدالاً في خطاب الفوز الذي ألقاه الأربعاء، إلا أنه لم يكشف فيه سوى القليل.
ويشير برنامج ترامب الاقتصادي الذي طرحه فريقه على موقعه يوم الجمعة، إلى أن ترامب المرشح وبما أعلنه من خطط مالية واقتصادية سيعمل على تنفيذها خلال السنوات الأربع المقبلة.
وبالتالي يرى خبراء في الشأن الأميركي سيكون ذات ترامب الرئيس، حيث ذكر البرنامج المخطط تنفيذه حينما يصبح رئيساً، والذي نشره على موقعه أنه سينفذ جميع النقاط التي أعلنها في الحملة الانتخابية، بما في ذلك سياسات الهجرة وبناء حائط يفصل أميركا عن المكسيك.
وظهرت أولى بوادر القلق من فترة رئاسة الملياردير ترامب من الهجمة الشرسة من قبل مقربين منه على مجلس الاحتياطي الفدرالي "البنك المركزي الأميركي"، حيث وصف مقربون من الرئيس الجديد "المركزي الأميركي"، بأنه شوه اقتصاد البلاد.
ويذكر أن ترامب صعد على أكناف" القوى الشعبوية" التي تتألف من العمال البيض وأهل الريف، ويأتي للسلطة مدعوماً بأغلبية في الكونغرس تمكنه من تمرير قراراته بسهولة. وهذا يجعل منه رئيساً مخيفاً، ليس فقط بسبب البرنامج الاقتصادي الصارخ الذي أعلنه، ولكن كذلك لأنه رئيس بدون معارضة تذكر في الكونغرس.