السويداء لا تستفيق من الصدمة... ومهجرو درعا 10 آلاف

29 يوليو 2018
وصل المئات إلى إدلب من درعا (أكرم المصري/ الأناضول)
+ الخط -

لا تزال محافظة السويداء تعيش حالة من الصدمة، جراء المجزرة التي ارتكبها تنظيم "داعش" في المدينة وعدد من قرى المحافظة، مترافقة مع حالة استياء من النظام وتحميله مسؤولية المجزرة، وذلك بالتزامن مع دعوات لتسليح شباب السويداء من أجل الدفاع عنها ودعوة تنظيم "قوات شيخ الكرامة" إلى إعلان النفير العام، بسبب توقع هجمات أخرى لتنظيم داعش. في المقابل، استمرت عمليات القصف من قبل الطيران الروسي وطيران النظام ضد تنظيم "جيش خالد بن الوليد" المبايع لتنظيم "داعش" في منطقة وادي اليرموك، من دون تحقيق أي تقدم على الأرض، بينما استمرت عمليات تهجير رافضي التسوية في كل من ريف درعا الغربي ومحافظة القنيطرة باتجاه الشمال السوري، ولا تزال المحال التجارية مغلقة في كل أرجاء المحافظة حداداً على أرواح ضحايا المجزرة.

بدوره، أعلن فصيل "قوات شيخ الكرامة" في المحافظة حالة النفير العام، من خلال بيان أصدره مساء الجمعة، جاء فيه: "أعلنا نحن قوات شيخ الكرامة النفير العام في كافة أراضي جبل العرب والحرب على إرهابيي تنظيم داعش، الذين لقّنوا دروساً لن ينسوها في معارك الشرف والكرامة، وتكسّرت سطوتهم على صخور البازلت السوداء". وأضاف البيان "نطالب كافة الفصائل المقاتلة في جبل العز والكرامة بمختلف مسمياتها الوقوف صفاً واحداً والابتعاد عن جميع الخلافات ورفع الجاهزية للذود عن الأرض والعرض". كذلك طالب البيان زعماء الطائفة بـ"الوقوف صفاً واحداً لنصرة الجبل ودعمه وتسليحه بكافة الوسائل"، متهماً الجهات التي تدعي حماية المحافظة بـ"التخاذل".

هذا وحاول النظام امتصاص غضب أهالي المحافظة بإرسال تعزيزات عسكرية بعد 36 ساعة من حصول المجزرة، وقام بعملية قصف مدفعي على بعض مواقع التنظيم في بادية السويداء شرقي المحافظة، ردّ عليها التنظيم بقذائف الهاون التي سقط بعضها على قرية الشبكي، التي كان لها النصيب الأكبر من المجزرة. وأكدت مصادر محلية في الشبكي "عثور الفصائل المسلحة المحلية فيها على أربع سيدات على قيد الحياة يوم الجمعة، بالإضافة إلى جثتي سيدتين وست جثث لمسلحين من تنظيم "داعش"، كما تمّ أسر عنصر من التنظيم كان لا يزال على قيد الحياة.

كذلك نشر أبناء قرية الشبكي قائمة تضم أكثر من 30 من أبناء القرية، غالبيتهم من النساء والأطفال، تم اختطافهم من قبل "داعش". كما توجه محافظ السويداء إبراهيم العشي، إلى قرية الشبكي للمشاركة في تشييع قتلى المجزرة، فاستقبله أهالي القرية بهتافات تطالبه بتسليح المنطقة، وقاموا بطرده أثناء التشييع خارج القرية.

وقد حمّل معظم أهالي السويداء النظام مسؤولية المجزرة كونه هو من نقل 1200 عنصر من "داعش" إلى أطراف محافظة السويداء، ضمن اتفاق جنوب دمشق، وسحب قوات النظام المتمركزة على خطوط التماس مع التنظيم إلى مواقع أخرى في درعا وفي البادية. وذهب آخرون إلى حدّ اتهام الروس والنظام بارتكاب المجزرة بسبب توقيتها، الذي جاء بعد رفض مشايخ السويداء العرض الروسي بإعادة نحو 40 ألف متخلّف عن الخدمة في المحافظة إلى صفوف الجيش والمليشيا المدعومة روسياً، من أجل سد النقص في صفوف قوات النظام.



ويبدو أن الوضع في محافظة السويداء لا يزال يسير باتجاه مزيد من التوتر والدعوات لتسليح المحافظة، خصوصاً أن هناك عدداً من النساء والأطفال لا يزالون مخطوفين لدى التنظيم. وهناك شعور عام لدى أبناء المحافظة بحالة من الخذلان من النظام الذي لم يتمكن من الدفاع عن المحافظة من هجمات "داعش"، في ظلّ التوقعات باحتمال حصول هجمات مماثلة في المستقبل. ويرى أهالي المحافظة أن "الطريقة الوحيدة لتجنبها هي تسليح فصائل مقاومة ذاتية في المحافظة من أبنائها لصدّ أي هجوم". وكانت العديد من المدن في أوروبا وأميركا اللاتينية قد شهدت وقفات تضامنية مع ضحايا مجزرة السويداء، نظمها المغتربون واللاجئون من أبناء المحافظة وعدد من الفعاليات في تلك الدول.

وفي محافظتي درعا والقنيطرة لا تزال عمليات تهجير رافضي التسوية مستمرة في كل من ريف درعا الغربي ومحافظة القنيطرة، إذ وصلت، يوم أمس السبت، القافلة الرابعة من مهجري ريف درعا الغربي، إلى مناطق الشمالي السوري. وذكرت مصادر محلية شمالي سورية لـ"العربي الجديد" أن "القافلة التي تضم 16 حافلة، تحمل 252 شخصاً، وانطلقت مساء الجمعة من مدينة نوى في محافظة درعا، قد وصلت صباح أمس السبت، إلى ريف حماة، وتم توزيعهم في قرى وبلدات ومدن إدلب وريف حلب".

ومع وصول هذه القافلة، وهي الرابعة من نوعها، للمهجرين الذين رفضوا الرضوخ للاتفاقية مع ضباط روس، وقضت بتسليم قوات النظام مختلف المناطق التي كانت تسيطر عليها المعارضة السورية، فإن عدد الذين تم تهجيرهم من درعا والقنيطرة بلغ نحو عشرة آلاف شخص.

إلى ذلك، واصلت قوات النظام السوري عملياتها العسكرية، الهادفة إلى طرد مسلحي "جيش خالد" المبايع لـ"داعش" من آخر مناطق نفوذه غربي درعا. وشنّت الطائرات الحربية الروسية والطيران التابع للنظام، أمس السبت، غارات جديدة على القرى والبلدات الخاضعة لسيطرة التنظيم. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن "الغارات تركزت يوم السبت، في مناطق عابدين ونافعة وجمله وغيرها، في وقتٍ تتواصل فيه الاشتباكات بين النظام والتنظيم، على محاور قتال عدة، في حوض اليرموك، خصوصاً عند بلدة حيط". وقصفت طائرات النظام الحربية والمروحية المناطق الخاضعة لـ"داعش" غربي درعا، بمئات الغارات منذ أسبوع، واستطاعت تحقيق تقدمٍ على بعض الجبهات، غير أن التنظيم ما زال يخضع لسيطرته أكثر من 12 قرية غربي درعا.