قبل نحو 4 أشهر من الانتخابات البرلمانية المرتقبة في السويد في سبتمبر/أيلول المقبل، تتجه حكومة يسار الوسط نحو تشديد قوانينها المتعلقة بتعلم لغة البلاد على "القادمين الجدد".
ويأتي مقترح الحزب "الاجتماعي الديمقراطي" بزعامة رئيس الحكومة ستيفان لوفين، على خلفية انتقادات واسعة واجهتها سياسة الدمج المنتهجة في البلد الذي استقبل منذ عام 2015 أكثر من 200 ألف لاجئ. وبينت تقارير صحافية ومتخصصة بالدمج أنه "حتى الأطفال لا يتحدثون اللغة السويدية"، بالإضافة إلى انخفاض أعداد الملتحقين بسوق العمل والدراسة، وبالتالي تزايد من يعيشون على المساعدات المالية المقدمة من الدولة.
وأوضحت وزيرتا المالية ماغدالينا أندرسون، وسوق العمل إيلفا يوهانسون، في مؤتمر صحافي مشترك ظهر اليوم الثلاثاء، أن "اللغة ستكون أمراً إلزامياً حتى لطالبي اللجوء". ويتماشى مشروع القانون الذي تتقدم به حكومة يسار الوسط، انتقادات يمين الوسط المتزايدة لما يسمونه "تراخياً سويدياً مع المهاجرين الجدد". ويحمل صيغة "حزمة اللغة والخدمات للقادمين والمهاجرين الجدد". ويهدف إلى ربط مساعدة البلديات لمن هم خارج سوق العمل بالقدرات اللغوية، بدون أن يكون الأمر مشروطا بامتحان لغة.
ويصبح لزاما على اللاجئين الحاصلين على إقامة في السويد أن يشاركوا في دورات تعليمية وتأهيلية للعمل. وكذلك الأمر بالنسبة للحاصلين على الإعانات الشهرية من الوافدين.
وتتضمن التوجهات السويدية الجديدة أن "على جميع المقيمين في السويد العمل، وكل قادر على ذلك ملزم بدخول سوق العمل، ويجب أن تتاح له الفرصة"، وذلك بعد أن أظهرت أرقام رسمية صادرة عن دائرة التشغيل أن العاطلين من العمل "المولودين خارج السويد" غير المنخرطين في السوق، تصل نسبتهم إلى 6 من كل 10 أشخاص. وإن نصفهم ما زالوا خارج سوق العمل وبعد مرور 8 سنوات على الإقامة. وبينت أرقام شهر مارس/آذار الماضي تزايد أعداد المهاجرين الذين يعيشون على تلقي المساعدات.
ويتبين نيّة يسار الوسط من خلال خطته في الدمج التي عرضها اليوم، في الفترة من 2018 وحتى 2022، بالدفع "لتكون اللغة إلزامية للقادمين حديثا إلى السويد، والولوج إلى سوق العمل، وتلقي إعانة الرفاه المؤقتة".
ويأمل المشرعون بأن "تنتهي حلقة الحجج المفرغة" بأن "اللاجئ لا يجيد اللغة، لذا يعيش على المساعدات"، بحسب دائرة العمل السويدية. وتسعى السويد إلى تخفيض نسبة البطالة بين مواطنيها، ضمن برنامج الاتحاد الأوروبي حتى 2022، لذا تصر على ألا تؤثر البطالة بين المهاجرين على مسعاها.
ترحيب شعبي أقل باللاجئين
ويثير يمين الوسط مسألة غياب "التزامات المقيمين من اللاجئين والمهاجرين تجاه المجتمع"، التي تجد صداها لدى الرأي العام السويدي، الذي عرف في العقود السابقة بانفتاحه على استقبال بلاده للاجئين. وشهدت السنوات الأخيرة تغيرا في نظرة المجتمع، على وقع تقارير رسمية وصحافية عن حالات تلقي مساعدات والعيش دون إجادة اللغة أو الدراسة. ومن بينها قصة لاجئ حضر مع 3 زوجات و16 ابنا منذ 3 سنوات، واضطرت البلدية لصرف الملايين لإسكان أسرته، ورغم ذلك خرج الرجل على وسائل الإعلام ليعبر عن "عدم الرضا" على بعض الأمور في الشقق السكنية.
ولم تمر هذه القصة مرور الكرام، بل تحولت لمادة دسمة في أغلب وسائل الإعلام الاسكندنافية المعارضة لاستقبال مهاجرين، لتؤشر إلى "تكاليف استقبال اللاجئين وصعوبة دمجهم في قوانين تمنع تعدد الزوجات ورضوخ البلديات لمطالبهم بحجة منح الأطفال حياة سعيدة"، وفقا للصحافة السويدية التي قارنت بين "سويديين متشردين يعيشون على مساعدة بعض الكنائس، ولاجئين يحصلون على شقق كبيرة".
انعكست تلك التقارير منذ 2015، في استطلاعات الرأي التي كان آخرها يوم السبت الماضي. إذ أظهر استطلاع لمركز "إيبسوس" أن ثلثي السويديين يودون رؤية لاجئين أقل في بلدهم. وشارك 1030 مواطنا في الاستطلاع، وعبّر 41 في المائة منهم عن رغبتهم باستقبال بلدهم "لاجئين أقل كثيرا"، في حين قال 19 في المائة إنهم يرغبون بلاجئين أقل، و12 في المائة أجابوا بأنهم يوافقون على استقبال بلدهم للاجئين أكثر.
وبالمقارنة مع الاستطلاع الذي أجراه المركز ذاته في فبراير/شباط 2015، بلغت نسبة الراغبين بخفض عدد اللاجئين 36 في المائة، قبل أن يدخل بلدهم في خريف العام ذاته ما يناهز 160 ألف لاجئ. وعبّر 12 في المائة منهم عن موافقتهم باستقبال بلدهم لاجئين أكثر.
وتعتبر أستاذة العلوم السياسية في جامعة غوتيبروغ، ماريا ديمكر، في حديث لـ"العربي الجديد" بأن هذه النتائج "تعبير عن تغير دراماتيكي بعد أقل من 3 سنوات". إذ تبين تراجعا في نسبة من يؤمنون بأن الهجرة عموماً "مفيدة للسويد"، من 63 في المائة إيجابا عام 2015 إلى 44 في المائة هذا العام، في حين ارتفعت نسبة من يرون الهجرة "سيئة للسويد" من 13 في المائة إلى 31 في المائة.