تعيش اللاجئة الفلسطينية "أم سعيد"، من غزة، وضعاً صعباً في وسط السويد. فبعد نحو 9 أعوام من الإقامة، تجد نفسها من بين نحو 40 ألف لاجئ على قوائم الترحيل من البلد. وتذكر أم سعيد، وهي في عقدها السادس، وتعاني من عدة أمراض، أنها تشعر بقلق يومي متزايد. وتضيف لـ"العربي الجديد": "بتّ أخشى يومياً قدوم الشرطة وترحيلي إلى قطاع غزة".
ووجهت الأرملة التي فقدت زوجها، وهي مصابة حرب، نداءً من خلال "العربي الجديد"، أن تستقبلها دولة عربية، قائلة: " أعاني من وضع صحي سيئ، ولا معيل لي في حالة إعادتي إلى غزة، في ظل ظروف صعبة، حيث لا زوج ولا أولاد لي". وتلك المخاوف تأتي بعد أن استأنفت السويد خلال الأيام القليلة الماضية سياسة الترحيل بعد فتح مطار "آرلاندا" في استوكهولم، بتسفير الأفغان الذين رُفضت طلبات لجوئهم منذ أعوام.
ومنذ إبريل/ نيسان الماضي، ورغم انتشار جائحة كورونا، لا تهدأ التحركات الاحتجاجية المعارضة لسياسة ترحيل طالبي اللجوء. بل يشمل الترحيل بعض من حصلوا على إقامة وولد له أبناء في البلد منذ سنوات، بحجة أن "أوضاع بلادهم تسمح لهم بالعودة".
ومنذ عام 2016 بدأت سلطات الهجرة السويدية بالتشدد في اللجوء بعد استقبال نحو 163 ألفاً في 2015، ووصل عدد من حصلوا على رفض الإقامة إلى 40 ألفاً، فيما تقدِّر "دائرة الهجرة"، "ميغراشيون فيركت" في استوكهولم أرقام الذين تجب مغادرتهم البلد بنحو 63 ألف لاجئ.
ويعاني كثيرون في السويد من تشتّت الأسر بين ألمانيا والدنمارك خلال توقيف بعض أفراد الأسرة وأخذ بصماتهم في طريقهم إلى السويد واعتبارهم لاجئين، ومن غير قدرة على لمّ شمل تلك الأسر بسبب القوانين الأوروبية المشتركة للجوء.
وكانت حكومة يسار الوسط، الاجتماعي الديمقراطي، برئاسة ستيفان لوفين، قد توصلت قبل 3 أشهر إلى اتفاق مبدئي مع أحزاب برلمانية، بمن فيهم الليبراليون، على خطة التسريع من عملية ترحيل المرفوضين، بحسب ما نشره موقع الحكومة السويدية في إبريل/ نيسان، وهو ما أثار سجالاً كبيراً ومخاوف لدى مقيمين منذ 10 إلى 13 سنة في السويد، من الذين لم تُمدَّد إقامتهم.
وسببت السجالات حول السياسات الجديدة التي حددت فيها حكومة لوفين سقفاً للأعداد التي يمكن السويد استقبالها، والمدد المسموح فيها للاجئين السياسيين والإنسانيين بالإقامة في البلد، بواقع 3 سنوات قابلة للتجديد للفئة الأولى و13 شهراً للفئة الثانية شرخاً يهدد الحكومة، من خلال رفض حزب "البيئة" (المحسوب يساري إنساني) لتلك السياسات. ويتوقع أن يتبنى البرلمان السويدي في أغسطس/ آب القادم سياسة اللجوء الجديدة في البلد، بعد مفاوضات خلال شهر يوليو/ تموز الحالي.
ورغم أن الأمن السويدي يرفض اتهامات حقوقية ومنظمات داعمة لبقاء اللاجئين في البلد بأنها تنفذ ترحيلاً قسرياً، إلا أن السنوات الماضية شهدت بالفعل محاولات انتحار بعض من كانت الشرطة على وشك ترحيلهم من مطار آرلاندا. وتذكر الشرطة أنها نفذت الثلاثاء الماضي أول عملية ترحيل بعد أزمة كورونا بحق 9 أفغان "بالاتفاق مع سلطات كابول"، وفقاً لما نقل التلفزيون السويدي، اس في تي، عن الشرطة المتهمة بأنها "تجبر الناس على التوقيع على اتفاقية عودة طوعية"، وفقاً لمواقع يسارية تعارض ترحيل المهاجرين/ اللاجئين.
وعادة ما تحصل الشرطة السويدية على قوائم بأسماء وعناوين الأشخاص الذين سيجري تسفيرهم. وقررت السلطات في 2016 أنه خلال 4 أعوام، أي حتى العام الحالي، يفترض تنفيذ عملية التسفير. وواجهت السلطات خلال الأعوام الماضية مصاعب عدة في تنفيذ عمليات التسفير، وخصوصاً لمواطني دول لم تتعاون معها، وغاب أيضاً تعاون آلاف المرفوضة طلباتهم، حيث ينتهي المطاف بالبعض إلى التخفي في البلد، أو السفر بعد سنوات انتظار إلى دول أخرى. وتشكو الشرطة السويدية من قلة حيلتها في الوصول إلى الأشخاص المختفين، حيث تقدّر أن ثلث المرفوضة طلباتهم ينتهي بهم المطاف بالاختفاء عن رادارات الشرطة.
وتشهد مدن غوتيبورغ ومالمو واستوكهولم تحركات مناهضة لسياسة الترحيل، بمشاركة لاجئين وسويديين متعاطفين. ويقطع بعض المحتجين مسافات طويلة من أقصى الشمال السويدي على حدود النرويج، حيث يقيمون مؤقتاً، للمشاركة في بعض الوقفات الاحتجاجية، ومن بينها أمام دائرة الهجرة في استوكهولم وغوتيبورغ.
وكانت مدن جنوب غرب السويد قد شهدت اعتصامات خلال نهاية العام الماضي، شارك فيها في أجواء باردة أشخاص وعوائل أبلغوا بضرورة مغادرة السويد.
ومن بين المهاجرين الذين ترفض السويد منحهم اللجوء، توجد نسبة من دول شمال أفريقيا، وخصوصاً المغاربية، وبعض المصريين، وفلسطينيي غزة وبعض السوريين واللبنانيين. وبعد سنوات انتظار، يؤمّل البعض نفسه بالانتقال إلى ألمانيا لتقديم لجوء، وذلك بأمل أن تكون "البصمة" التي أخذت لطالب اللجوء قد انتهت من نظام اللجوء الأوروبي بعد 6 سنوات.