السيسي في الصين لتمويل العاصمة الجديدة

03 سبتمبر 2017
تضاعفت كلفة مشاريع الإنشاء بنحو 3 مرات(خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

يبدأ الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، خلال ساعات، زيارة، هي الرابعة له منذ توليه منصبه، إلى الصين، للمشاركة في قمة دول مجموعة "بريكس"، التي تضم الدول الخمس ذات الاقتصادات الأسرع نمواً في العالم، وهي الهند، والبرازيل، والصين، وروسيا، وجنوب أفريقيا، وتستضيفها الصين هذا العام في مدينة شيامن.

وأعلنت القاهرة أن حضور السيسي كضيف في هذه القمة يستهدف زيادة التبادل التجاري بين مصر والصين، والذي بلغ نحو 10 مليارات دولار العام الماضي، بالإضافة إلى توقيع عدد من الاتفاقيات التي أجرى الجانبان العام الماضي مفاوضات بشأنها، في إطار تعزيز الشراكة الاقتصادية والاستراتيجية بين البلدين، كمشروعات توسعة المنطقة الصينية في خليج السويس وإنشاء سكة حديد كهربائية بين مدينة العاشر من رمضان والعاصمة الإدارية الجديدة والقاهرة بطول 66 كيلومتراً، وتطوير ميناء الإسكندرية، عبر إنشاء محطة متعددة الأغراض باستثمارات صينية، وكذلك تطوير ميناء سفاجا.

لكن مصدراً حكومياً مصرياً كشف، لـ"العربي الجديد"، أن الملف الاستثماري الأول الذي سيركز عليه السيسي خلال الزيارة هو جذب عدد كبير من الشركات الصينية للاشتراك مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة المصرية، في إنشاء الأحياء الرئيسية في العاصمة الإدارية الجديدة. وأوضح المصدر أنه منذ انسحاب شركة "تشاينا فورتشن لاند فيرمونت" الصينية، في فبراير/شباط الماضي، من الشراكة التي تم توقيعها بمبلغ 20 مليار دولار لتنفيذ حي الوزارات وعدد من الأحياء الرئيسية في العاصمة الإدارية، فإن الهيئة الهندسية للجيش وشركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية تكلفتا مبالغ مالية أضخم بنحو 3 أضعاف مما كان مفترضاً إنفاقه على مشروعات الإنشاء، خلال النصف الأول من العام الحالي، في ظل غياب التمويل ومحدودية الإمكانيات المالية المصرية والأزمة الاقتصادية التي تضرب البلاد، على خلفية قرار تحرير سعر صرف الدولار، في 3 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وانشغال الجيش بالعديد من المشروعات الأكثر إلحاحاً، والتي ينفذها بنفسه أو عبر مقاولي الباطن.


وأوضح المصدر الحكومي أن المشكلة التي تواجه شركة العاصمة الإدارية، والتي تمثل تحالفاً بين الجيش وهيئة المجتمعات العمرانية الحكومية، هي عدم رغبة المستثمرين الأجانب في الاتفاق على أي مبالغ للبناء والتشطيب الداخلي والخارجي وأعمال المقاولات العمومية وأعمال التأمين والسلامة، نتيجة عدم استقرار سعر صرف الجنيه المصري بالنسبة إلى الدولار الأميركي، ما يعني احتمالية زيادة الأسعار المتفق عليها خلال فترة التنفيذ بما يفوق قدرات الجانب المصري. وأشار إلى أن هذه المشكلة ما زالت تواجه المقاولين الإنشائيين الذين يعتمد عليهم الجيش من الباطن في تنفيذ مشروعاته، إلاّ أن المشاكل التي أثارتها شركات المقاولات المصرية حوصرت بإصدار قانون يسمح بتعويضهم عن الخسائر التي تكبدوها نتيجة تحرير سعر الصرف، بناء على توصيات لجنة حكومية، تضم ممثلين لاتحاد الصناعات وشركات المقاولات. لكن الحل نفسه لا يمكن اتباعه مع المستثمرين الأجانب، كما أنه من الممكن في حال حدوث نزاع بين الحكومة والمقاولين الأجانب اللجوء إلى التحكيم الدولي، وهو ما لا تريده مصر إطلاقاً. وذكر المصدر أن المساهمة الصينية في العاصمة الإدارية حتى الآن قاصرة على إنشاء حديقة واحدة فقط، ويحاول السيسي خلال الزيارة تغيير هذا الواقع بجذب عدد من الشركات الصينية لإنشاء فروع لها في مصر، كشركات مساهمة، والمشاركة في الإنشاءات التي كانت ستقوم بها الشركة المنسحبة، بأحجام استثمارات أصغر، ومجزأة، بحيث لن يتم تنفيذ حي الوزارات، الذي يمثل قلب العاصمة الجديدة، بواسطة شركة واحدة، بل تقسيمه على أكثر من مرحلة، بواسطة عدة شركات، لتقليل احتمالات الخسارة والفوارق المحتسبة على أساس تحرير سعر الصرف. وكشف المصدر أيضاً عن دراسة الحكومة وضع قانون خصيصاً للمستثمرين والمقاولين الأجانب، ينظم إجراءات تعويضهم جراء الخسائر المحتملة نتيجة اختلاف أسعار الصرف الفعلية عن المتفق عليه في العقود المبرمة مع الحكومة، بحيث يتم إشراك ممثلين للمتعاقد الأجنبي، أو لحكومة بلاده، وخبراء محايدين لاحتساب قيمة التعويضات، كإحدى صور الحوافز التي تقدمها مصر للمستثمرين الأجانب لتشجيعهم على الاشتراك في الأعمال الإنشائية بالعاصمة الإدارية الجديدة وغيرها من المشروعات.

يذكر أنه سبق وانسحبت شركة "إعمار" الإماراتية، المملوكة لرجل الأعمال محمد العبار، من مشروع العاصمة الإدارية الجديدة، العام الماضي، رغم حضور السيسي وحاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد، مراسم توقيع العقود بين الحكومة المصرية والعبار، خلال المؤتمر الاقتصادي الذي عقد في مارس/آذار 2016 بشرم الشيخ. وحاول المسؤولون المصريون التغطية على فشلهم في التوصل إلى اتفاقيات مرضية مع الشركتين الإماراتية والصينية بادعاء أنهما عرضتا أسعاراً تفوق بكثير أسعار المنافسين المحليين، على الرغم من عدم طرح عمليات الإنشاء في مناقصة رسمية من الأساس. وزعموا أن الشركتين كانتا ستعتمدان على المقاولين المصريين من الباطن في التنفيذ، ما دفعهما إلى زيادة الأسعار بهدف تأمين الربح.