أغلقت المحكمة الدستورية العليا المصرية، الطريق أمام استمرار التنازع القضائي في مجلس الدولة ومحكمة الأمور المستعجلة، حول تبعية جزيرتي تيران وصنافير، وذلك بإصدار رئيسها المستشار عبد الوهاب عبد الرازق أمراً موقتاً بوقف تنفيذ جميع الأحكام الصادرة من مجلس الدولة ومحكمة الأمور المستعجلة في القضية. وفتحت المحكمة بذلك الطريق أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، لإصدار اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، بغض النظر عن أحكام القضاء الإداري التي كان من شأنها منع البرلمان من مناقشة الاتفاقية.
وبحسب مصدر قضائي في وزارة العدل، فإن "قرار رئيس المحكمة الدستورية، صدر بعد تنسيق مع كل من رئيس الجمهورية ووزير العدل، خلال الساعات الأخيرة، وذلك لتخفيف الضغوط المتوقعة على السيسي قبل وبعد إصداره الاتفاقية بعد إقرارها". وأضاف المصدر لـ"العربي الجديد"، أن "السيسي تحدّث في إفطار الأسرة المصرية، مساء الثلاثاء، عن إغلاق ملف تيران وصنافير، بعد تنسيق هذه الخطوة مع المحكمة الدستورية، وأن السيسي سيصدر الاتفاقية قبل عيد الفطر".
ولم تحدد المحكمة الدستورية جلسة نظر دعوى تنازع الأحكام المقامة من الحكومة؛ والتي من المفترض أن الأحكام المتناقضة أوقفت لحين الفصل فيها، لكن هيئة المفوضين في المحكمة أوصت بإلغاء جميع هذه الأحكام المتناقضة. وذكرت هيئة المفوضين أن "أحكام مجلس الدولة تخطت اختصاص سلطة مجلس النواب في الموافقة والتصديق على الاتفاقية، ومن ممارسة الوظيفة الدستورية في مراقبة وتقييم أعمال وإجراءات إبرام الاتفاقية وموضوعها، على النحو الذى عينته المادة 151 من الدستور، تغولاً على هذه السلطة، مع شبهة العدوان على الاختصاص المنفرد للمحكمة الدستورية العليا في الرقابة على أعمال البرلمان".
وأوصى التقرير بأن "تقضي المحكمة الدستورية العليا بعدم الاعتداد بالحكمين المتناقضين، لأنهما خالفا قواعد الاختصاص الولائى، بأن قضى أولهما باختصاص القضاء الإدارى بنظر صحة توقيع ممثل الدولة المصرية على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية، حال كونه ممنوعاً من ذلك بحسبان التوقيع على المعاهدات الدولية من أعمال السيادة الخارجة عن رقابة القضاء، في حين قضى الثاني في منازعة تنفيذ موضوعية بعدم الاعتداد بحكم صادر من جهة القضاء الإدارى، وهو الأمر المحظور عليه دستورياً بنص المادة 190 من الدستور".
وذكر المصدر القضائي أنه "إذا أخذت المحكمة الدستورية بتقرير المفوضين في دعوى التنازع، فإنه لن يكون هناك أي أثر لأي حكم قضائي سابق لمجلس الدولة ومحكمة الأمور المستعجلة. وبالتالي لن يبقى على الساحة إلا الاتفاقية الصادرة من البرلمان، وسيكون أمام معارضيها سلك طريق قانوني وحيد هو الطعن الموضوعي على الاتفاقية أمام المحكمة الدستورية مرة أخرى". وأكد المصدر أن "قرار الدستورية يعتبر ضربة قوية لمعارضي الاتفاقية على المستوى القانوني، خصوصاً أن التحركات الميدانية بالتظاهر والمؤتمرات السياسية في طريقها للخفوت، نظراً لصعوبة الظرف السياسي والاقتصادي الذي تعيشه البلاد".