تكشف مصادر مطلعة بوزارة النفط المصرية عن أن الوزير، طارق الملا، التقى مسؤولين عراقيين وإيرانيين على هامش حضوره معرض ومؤتمر البترول الدولي المنعقد في أبو ظبي. ويأتي ذلك في إطار بحث مصر عن بدائل نفطية لاحتياجاتها المحجوزة لدى السعودية لشهرين متتاليين، بعدما تراجعت شركة "أرامكو" الحكومية السعودية عن الوفاء بتعهداتها لمصر وفق الاتفاق الموقع بين الطرفين في أبريل/نيسان الماضي.
وكانت وكالة "رويترز" قد نشرت، أخيراً، خبراً عن زيارة الملا إلى إيران للبحث عن بدائل لاستيراد البترول. وعلى الفور، أصدرت وزارة النفط المصرية بياناً لتكذيب الخبر، معلنةً عن مشاركة الملا في معرض أبو ظبي. ثم صرح الملا من هناك يوم الأحد، بأنه "لن يسافر إلى إيران"، رداً على استفسارات عن أفق التعاون بين القاهرة وطهران في ظل تردي العلاقات مع الرياض.
وتؤكد المصادر أن وزير النفط المصري سيتواصل أيضاً خلال حضوره معرض أبو ظبي مع مسؤولي الطاقة في دول عربية أخرى بهدف تحسين العروض التي تلقتها مصر من الإمارات والكويت والجزائر، في وقت سابق، لتصدير المنتجات البترولية، لافتةً إلى أن "الأسعار التي تلقتها مصر مرتفعة للغاية، وهناك محاولات لخفضها". وتذكر أنه لا توجد مفاوضات مع أي من الدول الثلاث لتوقيع اتفاقات طويلة الأجل، عدا الجزائر التي ترتبط باتفاق طويل مع مصر لتصدير "البوتاغاز"، وأن الاتفاقات المستهدفة في هذا الصدد، ستكون مؤقتة وبكميات بسيطة وليس كما تستهدف مصر من التحرك على الصعيد العراقي، وفق المصادر.
وحول احتمال الاستيراد من ليبيا مباشرة، تقول المصادر إن "الأوضاع غير المستقرة في ليبيا وبصفة خاصة في مصافي النفط والصراع السياسي عليها، تحول دون الاستيراد المنتظم، على الرغم من ترحيب الجيش الليبي والحكومة الانتقالية بالتعاون مع مصر في هذا المجال، مما لا يجعل التباحث في هذا الأمر الآن أمراً عملياً".
وتكشف المصادر عن أن "مصر لا تزال تتعامل بحذر في هذا الملف، وبالنسبة للسعودية، فإن التوجه إلى العراق ليس كالتوجه إلى إيران، حتى إذا كان التعامل مع حكومة العراق يقتضي تحسين العلاقات الاقتصادية مع طهران"، لافتةً إلى أن "النظام الحاكم في مصر دفع ثمناً باهظاً جراء تقاربه مع إيران بين عامي 2012 و2013 في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، وأدى هذا التقارب الذي لم يتجاوز حد تبادل المجاملات الدبلوماسية وزيارة مرسي لطهران لحضور قمة عدم الانحياز، إلى تأييد الرياض لإزاحته من السلطة".
وتذكر المصادر المصرية أن "هناك شدّاً وجذباً إعلاميّاً قائماً بين القاهرة والرياض منذ واقعة تصويت الأولى لصالح القرارين المتناقضين بمجلس الأمن الشهر الماضي". وتضيف أن "السيسي، من جهة، يحاول استفزاز السعودية للخروج عن صمتها والاعتراف بأهمية مصر الاستراتيجية لها، ومن جهة أخرى تحاول الإدارة السعودية فرض أجندتها على السيسي وإبعاده عن التبعية السياسية لروسيا، وكل طرف يستغل في ذلك الأسلحة المتوافرة لديه"، وفق المصادر التي ترى أن "لا شك في أن أسلحة السعودية أقوى، لأنها تحظى بالبترول الذي تريده مصر، لكن في المقابل تحاول مصر المشاكسة باستخدام الإعلام والتلويح باللجوء لإيران".