يحاول النظام المصري، برئاسة عبد الفتاح السيسي، عبر أذرعه الأمنية والأحزاب الموالية للسلطة، الاستفادة من فلول نظام الرئيس المخلوع، حسني مبارك، خلال انتخابات المحليات المقررة هذا العام، في ظلّ عدم تحديد النظام موعداً مبدئياً للانتخابات حتى الآن، على الرغم من تأكيدات السيسي السابقة بإجرائها بحلول نهاية العام الماضي، إلا أن الأجهزة الأمنية تحدّت هذه الرغبة، حسبما كشفت مصادر خاصة لـ"العربي الجديد". ويواجه النظام الحالي أزمة في انتخابات المحليات، لناحية عدم استعداد الأحزاب الموالية له بشكل كافٍ، مع وصول عدد مقاعد المحليات إلى الآلاف. وتعوّل الأجهزة الأمنية المسؤولة عن الترتيب لانتخابات المحليات، في الاستفادة من إرث مبارك، خصوصاً من أبناء العائلات والقبائل الكبيرة في المحافظات المختلفة، في ظل إغراءات بمزايا لهم.
في هذا السياق، تفيد مصادر سياسية بأن "الأحزاب المكوّنة لتحالف الأغلبية البرلمانية (دعم مصر)، بدأت بشكل موسّع في استقطاب عدد كبير من فلول نظام مبارك، تحديداً من أبناء القبائل والعائلات الكبيرة في مختلف المحافظات، استعداداً لانتخابات المحليات". وتضيف المصادر، لـ"العربي الجديد"، بأن "عدداً من الأحزاب المقرّبة من النظام ضمت فعلياً عدداً من أبناء العائلات إليها، تمهيداً لترشّحهم على قائمة النظام الحالي". وتنوّه إلى أن "أزمة انتخابات المحليات في عدد المقاعد الكبير، وهو ما يحتاج لأعداد كبيرة للغاية، لقائمة النظام الحالي، التي لا تستطيع الأحزاب الموالية للسيسي مجتمعةً، الوفاء بهذا العدد".
وتوضح المصادر ذاتها أن "الأحزاب تحاول أيضاً ضمّ الشخصيات البارزة ورجال الأعمال في المحافظات، لدعم مرشحيها مادياً في مقابل إغراءات بمنح ومزايا في مشاريع مهمة في مختلف المحافظات". وتكشف عن أن "عدم استعداد الأحزاب الموالية للسلطة، أحد أسباب التباطؤ في إجراء انتخابات المحليات، وهو يتوافق مع رغبة الأجهزة الأمنية والسيادية المسؤولة عن ملف الانتخابات".
وفي وقت سابق، نوّهت مصادر خاصة مقربة من دوائر اتخاذ القرار، إلى أن "الأجهزة الأمنية تحدّت وعود السيسي بإجراء الانتخابات بحلول نهاية العام الماضي، باعتبار أن خوض الانتخابات من دون استعداد كافٍ يضعف من السيطرة عليها".
ووفقاً للمصادر، فإنه "من المقرر إجراء انتخابات المحليات بشكل مبدئي في النصف الثاني من العام الحالي، وهذا كله متوقف على انتهاء استعدادات الأجهزة الأمنية من ناحية القوائم وأسماء المرشحين". وسبق أن حاولت الأحزاب المقرّبة من النظام في انتخابات مجلس النواب، عام 2015، استقطاب رجال أعمال وشخصيات محسوبة على نظام مبارك، لخوض الانتخابات تحت مظلة السلطة الحالية، وهو ما تحقق.
من جانبه، يرى خبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "النظام المصري يحاول استنساخ تجربة مبارك في الحكم، والأهم مسألة السيطرة على مفاصل الدولة تماماً، لضمان الهيمنة التامة".
ويلفت إلى أن "هذه الظاهرة التي اعتمد عليها مبارك لسنوات، يسعى السيسي إلى تكرارها بشكل كبير، ولكنه حتى الآن لم ينجح تماماً، وهو تخريب متعمّد للسياسة في مصر". ويُشدّد على أن "الجميع عقب ثورة يناير كان يأمل في إنهاء هذه الظواهر الخاطئة، إلا أن السيسي يتعمد استدعاءها للساحة السياسية، باعتبارها أحد أضلاع السلطة في مصر". ويشير الخبير إلى أن "الاستعانة بفلول مبارك، أدى إلى ظهور المال السياسي في الانتخابات بشكل كبير خلال انتخابات مجلس النواب الماضية، على أعين أجهزة الدولة من دون تدخل يذكر".