لجأ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى إثارة المخاوف حول المخاطر التي قد تواجهها مصر في حال غيابه أو الثورة عليه، في ابتزازٍ معهودٍ بين السياسيين لجلب التأييد والدعم، خاصة في أوساط الدعاة والمؤسسة الدينية التي شاركها الاحتفال بذكرى "المولد النبوي"، اليوم الثلاثاء.
السيسي حذّر من انهيار الدولة المصرية في حال قامت ثورة شعبية، موجهاً رسائل عدّة للشعب والمعارضين، خلال احتفال وزارة الأوقاف "بالمولد النبوي"، بقاعة مؤتمرات الأزهر، قائلاً "لماذا تطالب مجموعة بثورة جديدة في 25 يناير؟، هل تريدون أن تضيّعوا هذا البلد وتدمروا الناس والعباد وأنتم لستم بحاجة لأن تنزلوا؟".
ويأتي حديثه عن الثورات ودورها في تخريب المجتمعات، وسط دعوات لإسقاط الانقلاب العسكري في ذكرى ثورة "25 يناير"، خلال الأيام المقبلة، ليعيد سيناريو الرئيس المخلوع حسني مبارك، الذي لجأ إلى الاستراتيجية ذاتها في تخويف المصريين من إسقاطه في مقولته المشهورة "أنا أو الفوضى".
وأضاف: "لو عايزيني أمشي همشي من غير ما تنزلوا بشرط إنكم تكونوا كلكم عايزين كدا، مش تيجي مجموعة توجه الدعوات نفسها في مناسبة الأعياد التي نحتفل بها".
وتابع: "انظروا حولكم إلى دول قريبة منّا لا أحب أن أذكر اسمها، إنها تعاني منذ 30 عاماً، ولا تستطيع أن ترجع، والدول التي تدمر لا تعود".
وادعى الرئيس المصري أنّه "لا يخاف من أحد، ولكن كل خوفه على المصريين، ومن يحب الله والناس يبني ويعمر ويصبر، فمصر بحاجة إلى العمل ونكران الذات".
وأضاف أنّ "موقع الرئاسة وضعه أمام مسؤوليات جسام، وأنه سيحاسَب أمام الله على سلامة وأمن 90 مليون مصري".
وقال مُوجهاً حديثه للشعب: "وأنتم أيضاً ستحاسبون معي على ماذا فعلتم وإن كنتم أعنتوني، وهل بذلتم الجهد لإعانتي في مسؤوليتي"، معتبراً أنه جاء بإرادة شعبية للحفاظ على البلاد وسلامة أمن المصريين.
غير أنّه لم يتحدث عن مسؤوليته هو في رفع المعاناة عن الشعب المصري الذي يواجه انهياراً حاداً في الخدمات وارتفاعاً في أسعار السلع والخدمات.
ويبدو أن السيسي يواجه مأزقاً داخلياً بانتهاء الهالة السياسية التي رسمها حول نفسه، وهو ما يعكس في وجهة نظر المحللين والسياسيين وجود حالة من انعدام الرؤى في الشارع المصري.
وبحسب خبير سياسي، فإنّ تصريحات السيسي تشير إلى شعور باليأس وأن الهالة الكبرى التي رسمها الإعلام له وبعض القوى السياسية، التي كانت في الأساس تتخوّف من توغل وسيادة جماعة "الإخوان المسلمين" في حكم مصر، لم تعد بمقاس الشماعة التي نصبها النظام لجماعة الإخوان، بل تخطاها إلى حالة من التململ العام انعكست في تصريحات سياسيين وبرلمانيين وحزبيين عن عدم رضاهم عن الوضع المصري وإلى ما ستؤول إليه البلاد في ظل حكم الفرد.
من جانبه، اعتبر أحد أساتذة العلوم السياسية، أن هناك حالة من الرفض العربي والدولي لوجود السيسي، وأن الرهان الوحيد على بقائه كان لمحاربة "الإرهاب"، موضحاً أنّ "الانحياز الضمني باتجاه دعم الرئيس السوري وتفضيل البديل الروسي في السياسات العامة صعّدت من جحم تراجع التأييد الدولي والعربي للسيسي".
وأضاف الأستاذ نفسه، مُتحفظاً على ذكر اسمه، أنّ تصريحات المرشحة الرئاسية الأميركية، هيلاري كلينتون، ووصفها، أخيراً، ما حدث في مصر بالانقلاب العسكري والتراجع عن الديمقراطية، يُعد مُؤشراً إلى رفض استمرار السيسي من قبل واشنطن، ما يبقي محور محاربة "الإرهاب" والتكتل الدولي حوله من جهة أو التكتل "العربي الإسلامي" من جهة أخرى هو المعزز الوحيد لبقائه في الحكم.