وتحمل هذه الزيارة رهانات سياسية واجتماعية متعددة، أهمها ما يتعلق بعمر هذه الحكومة ومدى صمودها أمام هذه الاحتجاجات، التي اتسعت رقعتها في أكثر من مدينة.
ويدرك الشاهد جيدا أنه ربما يراهن ليس على حكومته فقط، وإنما أيضا على مستقبله السياسي، وسيتابع الجميع قدرته على التفاوض مع الشباب وإقناعهم بالمعادلة الصعبة: إمكانيات البلاد المحدودة ومطالب المحتجين المشروعة.
ويذهب الشاهد إلى تطاوين تقريبا وحيدا، أي عاريا من دعم سياسي وحزبي حقيقي، عدا بعض المواقف التي دعت إلى دعم الحكومة والمحتجين في الوقت نفسه.
غير أن المحتجين في تطاوين رفعوا من سقف الاحتجاج، الذي حافظ على سلميته حتى الآن، وأعلنوا، اليوم الخميس، يوم إضراب عام في المدينة.
وقال أحد معتصمي "كامور" في تطاوين، ويدعى علاء الدين الونيسي، لـ"العربي الجديد"، إنّ إقرار الإضراب العام اليوم، رسالة إلى رئيس الحكومة والوفد المرافق له، بأن عدم الإيفاء بمطالب المحتجين يعني مواصلة الاحتجاجات وتصعيدا ممكنا، مبينا أن على الوفد الحكومي الانتقال إلى مقر الاعتصام بـ"كامور" للحديث معهم، لأنهم يرفضون الانتقال إلى مقر محافظة تطاوين.
وقال الونيسي إنهم لا ينتظرون الكثير من الزيارة، حيث سبق لعديد من الحكومات المتعاقبة أن أطلقت وعودا للجهة ولم تطبقها على أرض الواقع، وطلبت مهلة بضعة أشهر ومرت الأعوام ولم يحصل أي شيء.
وأشار إلى أنّ من بين مطالبهم العاجلة تأمين الثروات البترولية، وتخصيص عائدات منها للتنمية والتشغيل، وتحسين البنية التحتية والصحية بالمنطقة، معتبرا أن من يدعي أن مطالبهم تعجيزية فهو يغالط الرأي العام، لأن أضعف حكومة يمكنها تحقيق هذه المطالب متى توفرت الإرادة.
وبيّن المحتج أنّ بعض الأطراف ورؤوس أموال ورجال أعمال استاءت من احتجاجات شباب تطاوين، مشيراً إلى أنّ ما أدى الى الاحتقان هو يأس شباب الجهة، الذين فقدوا الثقة في الحكومات المتعاقبة، ومن الوعود التي لا تطبق.
وأكدّ أحد أعضاء تنسيقية اعتصام تطاوين، لسعد القبسي، لـ"العربي الجديد"، أنّهم "سبق أن أرسلوا مطالبهم إلى رئيس الحكومة وهم ينتظرون تفعيلها على أرض الواقع"، مبينا أنه "بمجرد الموافقة على مطالبهم، فسيتم فك الاعتصامات، ولكن في حال عدم الاستجابة لها سيواصلون التصعيد الذي قد يصل الى حد إغلاق الشركات البترولية بالجهة".
وأضاف القبسي أنّ على رئيس الحكومة أن يتفاوض مع المحتجين في "كامور"، أي في الصحراء التونسية وليس في المكاتب، مبينا أن من سيزورهم عليه أن يحمل برنامجا وحلولا ترضي شباب الجهة، مؤكدا أن معنويات الشباب مرتفعة وأنهم صامدون، وخلافا لما يروج فإن الاعتصام مؤطر وبعيد عن العنف والشغب.
وأفاد بأن أعداد المحتجين في كامور كانت "1500 شاب، ولكنها تتزايد بين الساعة والأخرى، حيث وصل العدد منذ إعلان الإضراب العام إلى ما بين 3000 و3500 محتج في كامور، وهي مرشحة لمزيد من الارتفاع اليوم، حيث ينتظرون المزيد من الإسناد".
وبين أنه "لا توجد مطالب تعجيزية للمحتجين، ومقارنة بالثروات المنهوبة، فإن القليل من التنمية والتشغيل لن يثقل كاهل الحكومة"، معتبرا أن يوم الخميس سيكون يوم الفصل والحسم بالنسبة إليهم.
وأضاف أنّ ارتفاع نسبة المعطلين عن العمل في تطاوين هي التي ساهمت في الاحتقان، وفي تأجيج الأوضاع، وأغلبهم من أصحاب الشهادات العليا، كما أن الأعمال الهشة أدت إلى مزيد من استغلال الشباب.