تظل البطالة واحدة من أكبر المشكلات التي تواجه الكينيين عموما، والفئات الشبابية خصوصا، في بلد تصل نسبة البطالة فيه إلى أكثر من 70%، فيما يعيش نصف سكانه البالغ عددهم 40 مليون نسمة على أقل من دولار واحد في اليوم. وتتفاقم أزمة البطالة وسط شريحة الشباب الذين يشكلون 30% من مجموع سكان كينيا، فيما تشكل نسبة البطالة وسط شريحة الشباب نحو 78% من معدل البطالة في البلاد.
وأشارت دراسات وتقارير إعلامية إلى أن 92% من الشباب يفتقرون إلى التدريب اللازم على المهارات المهنية أو الوظيفية وأغلبهم في المناطق الريفية، كما لا يجد 50% من الشباب العمل المناسب. وعلى الرغم من أن الحكومة الكينية حاولت الحد من ظاهرة البطالة عبر إصدارها قانوناً يقضي بمنح 30% من العقود للشركات التي يملكها الشباب، إلا أن البطالة ما زالت تزداد في الأوساط الشبابية نتيجة لغياب استراتيجية حكومية واضحة في خلق فرص عمل للشباب.
وبسبب التقاعس الحكومي في وضع استراتيجية واضحة للحد من بطالة الشباب هدد منتدى الشباب الكيني الوطني أكثر من مرة بإطلاق تظاهرات واسعة في حالة لم تعتبر الحكومة الكينية بطالة الشباب "كارثة وطنية".
ويبقى العنصر الأهم الذي أسهم في تنامي ظاهرة البطالة لدى شريحة الشباب هو المحسوبية في التوظيف والفساد المستشري في مفاصل البلاد منذ الاستقلال إضافة إلى سوء التدبير الحكومي، بحيث لا يتم توظيف الأشخاص من دون أن يدفعوا مبالغ مالية للمسؤولين، في حين أن معظم الأسر الفقيرة ليس بمقدورها دفع تلك المبالغ، مع العلم أن الفقر لن يشفع لهؤلاء أمام المسؤولين في ظل السجلّ الكيني في مسألة الفساد، إذ تعتبر كينيا واحدة من أكثر الدول في أفريقيا فسادا ومحسوبية وفقا لتقارير منظمة الشفافية الدولية.
وقد أجبرت المعاناة والحياة الصعبة وانعدام فرص العمل الشباب، ولا سيما خريجي الجامعات الانخراط في ممارسة الأعمال التجارية البسيطة والمهن المتدنية اجتماعيا، مثل الحدادة وبيع الخضروات، كما لم يغيبوا عن صفوف الباعة المتجولين بهدف تأمين قوت يومهم أو إعالة أسرهم.
ونتيجة لتفشي البطالة المتزايدة أيضا ارتفعت نسبة الجريمة وإدمان المخدرات في وسط الشباب، فيما توجه الكثير منهم نحو البحث عن بديل آخر، قد لا يكون أفضل من معاناتهم السابقة، مثل الانضمام إلى العصابات الإجرامية المنتشرة أو الحركات الإرهابية، في بلد يقع وسط منطقة تعاني من أزمات وحروب مثّلت حركة الشباب الصومالية أحد لاعبيها الأساسيين.
(كينيا)