وتثني العقبات التنظيمية، وعدم التيقن من حجم التدفقات النقدية خلال الأشهر والسنوات المقبلة، الشركات الأجنبية عن التوسع السريع في عدد الموظفين أو المساحات المكتبية في الرياض.
وقبل عشرة أيام من فتح السوق للاستثمار الأجنبي المباشر، أجّلت معظم الشركات قرارات التوسع الكبير لأعمالها في المملكة. وتعتزم شركات كثيرة إدارة أي عمليات جديدة في السعودية عبر مكاتبها الإقليمية في دبي.
وقال رامي صيداني، رئيس الاستثمارات لدى شرودرز الشرق الأوسط في دبي، التابعة لشركة شرودرز البريطانية، التي تدير أصولاً عالمية تقارب قيمتها 490 مليار دولار، إن شركته تملك الموارد والتغطية التحليلية المطلوبة لإدارة العمليات المتعلقة بالسوق السعودية من دبي.
ولا تمتلك شرودرز مكتباً في المملكة حتى الآن. وأكد صيداني أن شركته لم تتقدم بطلب الحصول على رخصة مستثمر أجنبي مؤهل حتى الآن للاستثمار بشكل مباشر في السوق السعودية، لأنها بالفعل تستطيع شراء الأسهم بشكل مباشر عبر اتفاقيات المبادلة.
وأوضح أن بعض الشركات الأخرى قد تسعى بصورة أكبر للحصول على رخصة للاستثمار المباشر في السوق، لكن المسائل التنظيمية، لا سيما المتعلقة بوضع اتفاقيات المبادلة وكيفية تحويلها إلى حيازات مباشرة للأسهم، قد تثني البعض عن القيام بذلك.
وأضاف: "السعودية حريصة على جذب المستثمرين الدوليين وزيادة تنافسية السوق مقارنة بالأسواق الناشئة الأخرى، ومن أجل القيام بذلك، سيتعيّن عليها مواجهة هذه التحديات".
تراخيص
تستأثر المملكة العربية السعودية بنصيب الأسد من الثروة النفطية الخليجية، ومع ذلك تباطأت وتيرة دخول معظم الشركات المالية الأجنبية للبلاد بسبب العوائق التنظيمية المتعلقة بالسوق وعوامل أخرى من قبيل صعوبة الحصول على تأشيرات للموظفين الأجانب.
وبحسب موقع هيئة السوق المالية على الإنترنت، هناك 30 شركة حاصلة على ترخيص التعامل في الأوراق المالية تضم أقل من 10 بنوك وشركات وساطة عالمية كبرى لديها وحدات يمكنها التعامل في الأسهم السعودية. وتلك الشركات هي اتش.اس.بي.سي وبي.ان بي باريبا وجيه.بي مورغان ودويتشه بنك وكريدي سويس ومورغان ستانلي وميريل لينش ويو.بي.اس.
ومن شأن فتح أكبر سوق للأسهم في الوطن العربي بقيمة 566 مليار دولار، أن يساعد على تغيير ذلك الانعزال، إذ سيعمل على جذب عشرات المليارات من الدولارات من الاستثمارات الأجنبية في الأسهم السعودية خلال السنوات المقبلة، بحسب تقديرات لمحللين.
لكن على المدى القصير، وخلال عام إلى عامين، من المتوقع أن تظل التدفقات النقدية بطيئة نسبياً، إذ يستبعد متخصصون دخول تدفقات بأكثر من عشرات الملايين أو بحد أقصى مئات الملايين من الدولارات إلى السوق شهرياً، وهي مبالغ غير كافية لتشجيع معظم الشركات الأجنبية على التوسع في المملكة.
وقال ماجد كبارة، مدير إدارة الأصول لدى المجموعة المالية ـ هيرميس السعودية: "مع عدم تواجد السوق السعودية حالياً على أي من المؤشرات العالمية، فإن الأجانب الذين سيستثمرون في السوق السعودية في الوقت الراهن سيكونون من الراضين عن تقييمات أسهم معينة".
اقرأ أيضاً: فقاعة الأسهم تثير مخاوف المستثمرين الأجانب من البورصة السعودية
وأضاف: "أخذاً بعين الاعتبار الانتعاش الذي شهدته السوق منذ بداية العام، فإن معظم التقييمات غير جذابة بدرجة كبيرة مقارنة بالمعايير العالمية، لا سيما في ظل انخفاض أسعار النفط، إذ يقارب التقييم الإجمالي للسوق الحد الأعلى للنطاق التاريخي، لهذا لا تتوافر فرص كبيرة تدفع المستثمرين الأجانب للإقبال على الاستثمار في السوق السعودية بكثافة".
ولفت كبارة إلى أن العامل الأهم في جذب المستثمرين الأجانب سيكون إدراج السوق السعودية ضمن مؤشر ام.اس.سي.آي للأسواق الناشئة والذي تقول إم.اس.سي.آي إنها خطوة لن تحدث قبل عامين.
وعلى هذا الأساس، رجح كبارة ألا تشهد البورصة السعودية خلال الفترة من 15 يونيو/ حزيران الجاري وحتى يونيو 2017 تدفقات كبيرة من المستثمرين الأجانب، قبل أن يستدرك: "لكن نتوقع تأثيراً قوياً على السوق... تاريخياً شهدت الأسواق، التي كان من المقرر ضمها لنفس المؤشر، كالإمارات وقطر، انتعاشاً قوياً قبل 12 إلى 18 شهراً من الانضمام الفعلي للمؤشر".
وقال مسكان ثاكر، الرئيس التنفيذي لشركة السعودي الفرنسي كابيتال إنترناشيونال: "كان هناك اهتمام من المستثمرين الأجانب باتفاقيات المبادلة التي يجري العمل بها منذ 2008... نرى الآن اهتماماً متزايداً، لكن بصورة تدريجية مع اعتماد لوائح الاستثمارات الأجنبية المؤهلة".
وتابع: "الجائزة الحقيقية لسوق الأسهم السعودي ستكون الانضمام لمؤشر ام.اس.سي.آي. حينئذٍ سنشهد أعداداً أكبر من المستثمرين الأجانب تُقبِل على الأسهم السعودية، لأنها ستكون جزءاً من مؤشراتهم".
وأسست شركة السعودي الفرنسي كابيتال التابعة للبنك السعودي الفرنسي وحدتها في مركز دبي المالي العالمي للتركيز على تعزيز وجودها في الخارج في ما يتعلّق بالمنتجات والخدمات وتقديم خدمات البحوث الاستراتيجية للأسهم.
ثمة أيضاً عوامل أخرى قد تؤثر على التدفقات النقدية الكبرى إلى السعودية، ومن بينها فرض هيئة السوق المالية حداً أقصى لملكية الأجانب عند 10% من القيمة السوقية للأسهم.
وحتى الساعة، افتتحت شركة كبرى واحدة فقط فرعاً لها في الرياض منذ بدء التحضير لفتح البورصة السعودية أمام الأجانب، وهي مجموعة آشمور لإدارة الأصول ولديها 12 موظفاً في مكتبها بالعاصمة الرياض.
وتعتزم المجموعة التقدم في وقت لاحق من الشهر الجاري للحصول على ترخيص كمستثمر أجنبي مؤهل، لكن شركات أخرى لم تكشف عن نواياها بعد.
ويعتقد مصرفيون أن المملكة قد تمنح نحو 12 ترخيصاً لمستثمرين أجانب.
وتحتفظ الشركات بنظرة إيجابية للسوق السعودية على المدى الطويل، لكن هذه الشركات تؤكد في الوقت ذاته أنها ستراقب أداء السوق قبل التوسع فيه بقوة.
وفي هذا السياق، قال عبد العزيز بن حسن، الرئيس التنفيذي لكريدي سويس السعودية: "ننظر إلى السعودية كسوق مهم جداً لنا من أجل النمو في الشرق الأوسط ومهتمون بالتوسع في عمليات بنوك الاستثمار، لكن ذلك يعتمد على تطور السوق في غضون عامين إلى 3 أعوام".
اتفاقيات المبادلة
في الوقت الحالي، لا يمكن للأجانب من غير المقيمين في السعودية ومواطني الدول الخليجية المجاورة الاستثمار في سوق الأسهم السعودية إلا من خلال وسائل غير مباشرة، مثل اتفاقيات المبادلة وصناديق المؤشرات المتداولة، والتي يقدّر أنها لا تتجاوز 1.5% إلى 2% من السوق.
وما لم توفر السلطات وسيلة رخيصة وسهلة لتحويل اتفاقيات المبادلة إلى أسهم تحت الطلب، فإن الكثيرين سيواصلون الاستثمار في السوق بشكل غير مباشر. وبحسب التقديرات، تبلغ كلفة صفقات اتفاقيات المبادلة 3 أو 4 أضعاف كلفة شراء الأسهم بشكل مباشر، لكن اتفاقيات المبادلة لا تندرج ضمن بعض القيود المفروضة على الملكية الأجنبية من قبل هيئة السوق المالية، ما يجعلها جذابة.
اقرأ أيضاً: الأسهم السعودية تترقب المستثمرين الأجانب