تعمل الدول مهما كان وضعها المالي على تعزيز مكتسبات اقتصادية هامة منطلقة من القطاع الخاص الذي يعتبر الأساس في نجاحات الدول المتقدمة. الأخيرة قامت بالاهتمام بالاستثمار الخاص، ولا تزال تعمل جاهدة لتكون القيادة الاقتصادية من موارد القطاع الأهلي بالدرجة الأولى. في حين تكون الحكومة مسؤولة عن تنفيذ التشريعات أو تعديلها مع البرلمان الذي بدوره ينوب في غالبية تلك الدول عن المساهمين أو حتى عن فئة رجال الأعمال.
ولا يقتصر الدور الحكومي على التنفيذ أو المشاركة بالتشريع إنما يكون على عاتق الحكومات تعزيز الشفافية، وخصوصاً في أن تكون المعلومة المتعلقة بالمصلحة العامة متوافرة للجميع في الوقت ذاته. أو بمعنى آخر أن تقدم كافة ما يؤثر على القرارات لمَن يحتاج أن يتخذ القرار الاستثماري في الوقت المناسب.
أهمية هيئات الرقابة
وكون البورصة مرفقاً عاماً، يجب على الدولة أن تتخذ كل ما يلزم للحفاظ عليه من الفساد أو الاختراق عن طريق الاعتدال والمرونة بالقرارات والتنظيم ووضع لوائح وفق إجراءات تتسم بالعدالة للجميع. وهي معادلة صعبة التطبيق، والأصعب كيفية التنسيق في أسواق تتداخل فيها مصالح وقوى قد تكون وراء تعيين المشرفين عليها.
وهذا الأمر المعقد ينبغي أن يترافق مع وضع كافة السبل لتطبيق الشفافية أولاً في رأس الهرم الرقابي والإشرافي، الذي سيكون العين واليد لحماية مكتسبات المستثمرين الأفراد والمؤسسات المالية على حد سواء. كما يبعد الشك عن أي قرار تم اتخاذه بغية معاقبة من يخالف أي من القوانين أو القرارات والنظم ذات الشأن.
وتدرّجت الدول الخليجية في وضع مفهوم رقابي في التعاملات في الأوراق المالية يناسب الوضع العام والخاص في هذه الدول، وقامت بمساعدة المتعاملين في الأسواق على استيعاب هذا المفهوم الجديد، الذي يعتبر حاجة ملحة، وليس ترفيهاً أو إضافة أعباءٍ على عاتق المتداولين لتعقيد طرق التعامل.
وتعتبر الكويت من أوائل الدول العربية وأول الدول الخليجية في التعامل مع الأوراق المالية عن طريق إنشاء أول مؤسسة مالية وفق المشاركة المتعددة، حيث أنشات أول مؤسسة مالية ومصرفية بالخليج عن طريق بنك الكويت الوطني في العام 1952، لتتطور بعدها الأفكار في التداول من شعبة تابعة لوزارة إلى هيئة مستقلة تدير شؤون الأوراق المالية وأسواق المال بشكل عام في العام 2010.
وهيئات أسواق المال الخليجية لم تنطلق من بلداننا، فهي مستقاة من الدول الأكثر تقدماً في مجال الأوراق المالية، حيث جرى اقتباس فكرة إنشاء هيئات رقابية من مختلف التشريعات الغربية، مع الأخذ بالاعتبار تعديلات موائمة للوضع الداخلي للدولة. وهذا ما يتيح للمستثمر سهولة التعرف على الإجراءات وتطبيقها واتقاء التعرض للعقوبات في هذا الشأن والتي قد تصل إلى عقوبة السجن لعدد من السنوات.
وفي التدرج في تطبيق العقوبات المناسبة، هناك حق أصيل للمتداولين، حتى يتم التفريق بين مَن قام بالمخالفة بشكل غير متعمّد ومن قام بها على نحو متعمد عن طريق التلاعب وخلق حالة وهمية من التعاملات للحصول على مكاسب ليست من حقه. ولكن، وحيث إن التعامل في هذه الأسواق يعتمد على المال للحصول على المنافع، كان من المفترض أن تكون العقوبات من نوع المخالفة نفسه، أي عن طريق فرض الغرامات الكبيرة.
أما المخالفات الجسيمة أو التآمر على البورصات، فيجب أن يترك للقضاء، وهي السلطة التي بإمكانها أن تتخذ عقوبات للحفاظ على الاقتصاد من التدمير المتعمد، مع التحقق المستوفي الأركان عن الحالة أو الحالات موضوع البحث.
تجاوب سلبي للأسواق
ومع تطبيق القوانين الجديدة في إنشاء هيئة سوق المال في الدول الخليجية، تراجعت أحجام التداولات بشكل كبير في البورصات بل وتراجعت مؤشراتها على نحو كبير فاق في بعض الأسواق 50% من أعلى نقطة بلغها المؤشر تاريخياً. وهو أمر يناقض الفكرة من وجود هذا التطبيق الذي يكف أيدي العابثين ويعمل على زيادة الوعي والثقافة الاقتصادية التي من شأنها أن تزيد من الثقة. وبالتالي من المفترض أن تكون تداعيات تطبيق هذه القوانين زيادة التعاملات وأحجام التداول معها.
ومن الأمثلة التي يجب الإشارة إليها، الفضائح التي دوّت وعصفت بالكثير من البورصات العالمية، ومنها بورصة نيويورك وناسداك وغيرهما، عبر تفشي الفساد الإداري والرشاوى التي طالت مسؤولين ورجال أعمال وغيرهم، وتسببت بتراجع الثقة إلى مستويات كبيرة. وهو أمر غريب، إذ إنه من المفترض عند اكتشاف الفساد والقضاء عليه، أن يتم التنبّه إلى أن الشفافية مطبّقة بالدرجة التي تراعي فيها الحذر من التلاعبات وكشفها مهما كانت عميقة ومعقدة.
(خبير اقتصادي كويتي)
إقرأ أيضاً: الأوروغواي.. وطوق النجاة
أهمية هيئات الرقابة
وكون البورصة مرفقاً عاماً، يجب على الدولة أن تتخذ كل ما يلزم للحفاظ عليه من الفساد أو الاختراق عن طريق الاعتدال والمرونة بالقرارات والتنظيم ووضع لوائح وفق إجراءات تتسم بالعدالة للجميع. وهي معادلة صعبة التطبيق، والأصعب كيفية التنسيق في أسواق تتداخل فيها مصالح وقوى قد تكون وراء تعيين المشرفين عليها.
وهذا الأمر المعقد ينبغي أن يترافق مع وضع كافة السبل لتطبيق الشفافية أولاً في رأس الهرم الرقابي والإشرافي، الذي سيكون العين واليد لحماية مكتسبات المستثمرين الأفراد والمؤسسات المالية على حد سواء. كما يبعد الشك عن أي قرار تم اتخاذه بغية معاقبة من يخالف أي من القوانين أو القرارات والنظم ذات الشأن.
وتدرّجت الدول الخليجية في وضع مفهوم رقابي في التعاملات في الأوراق المالية يناسب الوضع العام والخاص في هذه الدول، وقامت بمساعدة المتعاملين في الأسواق على استيعاب هذا المفهوم الجديد، الذي يعتبر حاجة ملحة، وليس ترفيهاً أو إضافة أعباءٍ على عاتق المتداولين لتعقيد طرق التعامل.
وتعتبر الكويت من أوائل الدول العربية وأول الدول الخليجية في التعامل مع الأوراق المالية عن طريق إنشاء أول مؤسسة مالية وفق المشاركة المتعددة، حيث أنشات أول مؤسسة مالية ومصرفية بالخليج عن طريق بنك الكويت الوطني في العام 1952، لتتطور بعدها الأفكار في التداول من شعبة تابعة لوزارة إلى هيئة مستقلة تدير شؤون الأوراق المالية وأسواق المال بشكل عام في العام 2010.
وهيئات أسواق المال الخليجية لم تنطلق من بلداننا، فهي مستقاة من الدول الأكثر تقدماً في مجال الأوراق المالية، حيث جرى اقتباس فكرة إنشاء هيئات رقابية من مختلف التشريعات الغربية، مع الأخذ بالاعتبار تعديلات موائمة للوضع الداخلي للدولة. وهذا ما يتيح للمستثمر سهولة التعرف على الإجراءات وتطبيقها واتقاء التعرض للعقوبات في هذا الشأن والتي قد تصل إلى عقوبة السجن لعدد من السنوات.
وفي التدرج في تطبيق العقوبات المناسبة، هناك حق أصيل للمتداولين، حتى يتم التفريق بين مَن قام بالمخالفة بشكل غير متعمّد ومن قام بها على نحو متعمد عن طريق التلاعب وخلق حالة وهمية من التعاملات للحصول على مكاسب ليست من حقه. ولكن، وحيث إن التعامل في هذه الأسواق يعتمد على المال للحصول على المنافع، كان من المفترض أن تكون العقوبات من نوع المخالفة نفسه، أي عن طريق فرض الغرامات الكبيرة.
أما المخالفات الجسيمة أو التآمر على البورصات، فيجب أن يترك للقضاء، وهي السلطة التي بإمكانها أن تتخذ عقوبات للحفاظ على الاقتصاد من التدمير المتعمد، مع التحقق المستوفي الأركان عن الحالة أو الحالات موضوع البحث.
تجاوب سلبي للأسواق
ومع تطبيق القوانين الجديدة في إنشاء هيئة سوق المال في الدول الخليجية، تراجعت أحجام التداولات بشكل كبير في البورصات بل وتراجعت مؤشراتها على نحو كبير فاق في بعض الأسواق 50% من أعلى نقطة بلغها المؤشر تاريخياً. وهو أمر يناقض الفكرة من وجود هذا التطبيق الذي يكف أيدي العابثين ويعمل على زيادة الوعي والثقافة الاقتصادية التي من شأنها أن تزيد من الثقة. وبالتالي من المفترض أن تكون تداعيات تطبيق هذه القوانين زيادة التعاملات وأحجام التداول معها.
ومن الأمثلة التي يجب الإشارة إليها، الفضائح التي دوّت وعصفت بالكثير من البورصات العالمية، ومنها بورصة نيويورك وناسداك وغيرهما، عبر تفشي الفساد الإداري والرشاوى التي طالت مسؤولين ورجال أعمال وغيرهم، وتسببت بتراجع الثقة إلى مستويات كبيرة. وهو أمر غريب، إذ إنه من المفترض عند اكتشاف الفساد والقضاء عليه، أن يتم التنبّه إلى أن الشفافية مطبّقة بالدرجة التي تراعي فيها الحذر من التلاعبات وكشفها مهما كانت عميقة ومعقدة.
(خبير اقتصادي كويتي)
إقرأ أيضاً: الأوروغواي.. وطوق النجاة