لا تكفّ محاولات الكاتبة المصرية، الشيماء حامد، عن التجريب. بعد ثلاث مجموعات قصصية سابقة؛ "صباحًا مع فنجان قهوة" و"لافندر" و"حفلة في كازينو الشاطبي"، تستعدّ لإصدار رابع أعمالها؛ المجموعة القصصية "أن تكون حجرًا ولا تدور"، والمستلهمة من أغنية روك بعنوان "to be a rock and not to roll".
تؤكّد حامد في حديثها إلى "العربي الجديد" أن الانشغال بالموسيقى مكوّن أساسي ممتزج بكتاباتها، باعتبار الموسيقى شاغلاً يومياً، ومشروعاً موازياً إلى جانب الكتابة، وهي التي تغنّي الجاز والبلوز، وكانت من مؤسّسي احتفالية يوم الجاز العالمي في الإسكندرية.
لا تجعل حامد من الموسيقى مادة يُحكى عنها، بل هي حالة إنسانية تغمر الحياة نفسها، وقد تحرّرت كذلك من معمار الرواية ذاتها. وإن كان وصف "حفلة في كازينو الشاطبي" بالقصص مفاجئاً لمن ينتهي من القراءة في هذا العمل الأقرب إلى كونه حالة روائية، فإن حامد كانت كمن يحطّم التورّط في فكرة الشكل الواحد المتماسك؛ مثل التورّط في وصف العلامة الموسيقية بالوضوح المحدّد مدرسياً.
كان ميلان كونديرا يقول "أقارن الرواية بالموسيقى. إن الجزء هو حركة. أما الفصول فهي وحدات القياس، ووحدات القياس هذه إما قصيرة أو طويلة أو ذات ديمومة غير منتظمة، الأمر الذي يقودنا إلى مسألة الإيقاع. إن كل جزء من رواياتي يمكن أن يحمل إشارة موسيقية تدل على إيقاعه: موديراتو، برستو، آداجيو ، إلخ".
كانت حامد قد ذيّلت قصص مجموعتها "حفلة في كازينو الشاطبي" بحالات موسيقية لا تنفصل عن الحالة التخييلية التي تستلهمها في كتابة كل قصّة، فبين " بلوز .. الأزرق بارد وحزين" و"جاز .. تريو عصافير" و"ميتال ..أغنية حب"، "إيقاعات بشرية ..هذه الموسيقى أصلاً من أفريقيا"، تنفرط الحالات النفسية بإيقاعات متباينة، إيقاعات تحرّرها العلاقات؛ سواءً العلاقة مع الذات كجسد إيروتيكي أو الروح، إلى جانب الإسكندرية التي هي بمثابة صوت يوازي الحضور البشري في إيقاعاته.
تقول حامد إن "الإسكندرية جزء من الإيقاع الواضح داخل كتابتها، خصوصاً تلك الشخصيات المستوحاة من روح المدينة التي كانت عاصمة للثقافة في الحقبة الهيلينية، ولا تؤكّد أنها مرتدّة بكتاباتها إلى أزمنة كانت الحياة فيها زاخمة بالفن والثقافة، بل تحاول دائماً الربط بين القديم والمعاصر".
بين الحفلات التي تغنّي فيها الجاز في القاهرة والإسكندرية، تبقى الكتابة انشغالاً يومياً، فحائطها فيسبوكي مزدان بنصوصها الشعرية والنثرية. وعلى الرغم من حضورها في المسرح والسينما والرقص المعاصر، تفضّل أن تُعرّف نفسها بـ "الفنانة الكاتبة" في المقام الأول، ويبقى الجاز والمسرح والسينما والرقص "مزاجها" الشخصي - بحسب وصفها - الذي يصبّ في النهاية لصالح الكتابة.
وفي السياق نفسه، تُحضّر نفسها لمشروعين في الموسيقى؛ الأول مشروع خاص بالجاز في شكل فرقة، والثاني غناء قصائد من الشعر الحديث بأسلوب الجاز الحديث، وهو مشروع مشترك يجمعها بالشاعرة هدى عمران. ولا تتخوّف حامد من الجمهور الذي قد يستقبل هذا النوع من الموسيقى، وترى أن مصر بها جمهور من محبّي موسيقى الجاز والروك والبلوز.
تشير حامد إلى أنها ممتنّة لفنون الأداء التعبيري؛ من مسرح ورقص معاصر وسينما، بعدما كانت بطلة فيلم "هكذا كانت الوحدة " لمريان عبد الملاك. كما شاركت في أعمال مسرحية آخرها "سرد أحداث موت معلن". تقول "التعبير يطلق طاقة إنسانية غير متوقّعة، يحرّر الروح والجسد على السواء، ويبني مهارات في الرؤية، بل يُنمّي مهارات متعدّدة في الكتابة مثل مهارات المونتاج والتقطيع الذي ظهر هو الآخر في "حفلة في كازينو الشاطبي" مجموعتها القصصية الثالثة".