لأن التعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي ومواقع الأخبار عبر الإنترنت يمكن أن تنقلب إلى نقاشات سياسية أو تتشعب عنها موضوعات أخرى، فإن المؤسسات الإخبارية تميل إلى اعتبارها أمرا مهما. وقد وجد الباحثون أن المحررين وأصحاب المؤسسات الإخبارية قد يرغبون في إعطاء المزيد من الاهتمام لما يقوله قراء قصصهم الإخبارية، من أجل تقديم خدمة أفضل لهم.
يقول تيموثي فوس، الأستاذ المشارك في الدراسات الصحافية في جامعة ميسوري، إن القراء يقيّمون مختلف السمات الصحافية بالإضافة إلى الاحتفاظ بتوقعات مختلفة أخرى للصحافيين. السمات الصحافية التقليدية التي تشمل صفات الموضوعية والصدق والدقة في نقل الأخبار وتناولها، ويضيف فوس أنه على الرغم من أن معظم الصحافيين تدربوا وترعرعوا على تقدير مثل هذه المثل، فإنه وجد أن القراء لديهم قائمة إضافية من الصفات التي يقدرونها في تقاريرهم الإخبارية.
ويؤكد الباحث ورفاقه المشاركون في الدراسة (ستيفاني كرافت الأستاذة المشاركة في جامعة إلينوي، وديفيد وولفغانغ وهو طالب دكتوراه في جامعة ميسوري) على أنه بالرغم من عدم ضرورة تعديل المثل العليا التي تعتبرها المؤسسات الإخبارية مهمة لعملها، فإنه يجب عليها أن تفهم على الأقل ما يقدره قراؤها ويثمنونه، ليس فقط لتقديم الخدمة لهم بشكل أفضل، ولكن أيضا للحفاظ عليها ودعم صلاحيتها.
من أجل هذه الدراسة التي نشرت في موقع "الصحافة: النظرية والتطبيق والنقد" (Journalism: Theory, Practice and Criticism)، بحث فوس وزملاؤه ودرسوا آلاف التعليقات من القراء على أعمدة شكاوى القراء، في ثلاث صحف إخبارية قومية على الإنترنت هي نيويورك تايمز وواشنطن بوست والإذاعة الوطنية العامة (NPR). ووجد الباحثون تعليقات متكررة تدعو إلى مثل وقيم صحافية خارج دائرة القيم التقليدية المعروفة مثل الشفافية.
وجد فوس أن القراء غالبا ما يملكون رؤى صحافية للمعايير الاجتماعية الأساسية، والتي يمكن تطبيقها أو أنها تنطبق بشكل أفضل على الأفراد وليس الكيانات المؤسسية. فالعديد من القراء يرون وجوب انطباق صفات معينة مثل القداسة والاستيعاب الذاتي واللا إنسانية والحكم على الناس والكسل، لوصف وسائل الإعلام بأكملها. ويقول الباحث: إن من يقودون وسائل الإعلام يجب أن يكونوا على دراية بكيفية حكم القراء على مؤسساتهم.
الهيئات الإخبارية مثل كل الشركات تسعى إلى تأسيس هويتها والبناء عليها، كما يقول فوس، وعند القيام بذلك فمن المهم أن نعرف كيف يرى الناس علامتها التجارية، والمعايير التي يحملونها لتلك الهيئة. كما يحتاج قادة تلك الهيئات إلى فهم كيفية تحليل القراء لمؤسساتهم عبر تطبيق الصفات البشرية على الكيانات غير البشرية. وفهم هذه الظاهرة يمكن أن يساعد المؤسسات الإخبارية على التقييم الأفضل لخدماتها، وكيفية تقديم أفضل الصور للعلامات التجارية للجمهور.
أما في العالم العربي، وبعيداً عن الدراسة، فقد لجأت في السنوات الأخيرة صحف ومواقع إلى فرض رقابة كبيرة على تعليقات القراءة. وتشير أغلب المؤسسات إلى ذلك من خلال القول إن المؤسسة تراجع التعليقات قبل نشرها. من جهة أخرى، تقوم بعض المؤسسات بمنع استقبال التعليقات بشكل تام، وقد انتشرت هذه الظاهرة تحديداً مع انطلاق ثورات الربيع العربي.