وتحدثت الصحافة الدولية عن أن الانتخابات الرئاسية لم تكن سوى غطاء للديكتاتورية ولعودة الجيش للسيطرة على الساحة السياسية، مسلطةً الضوء على اليأس لدى الشباب الذي قام بثورة يناير.
وفيما أكدت أن الاستخفاف بعقول المصريين، وتحديداً الشباب، بمثابة نذير بقرب اندلاع ثورة أخرى، أشارت أيضاً إلى غياب المعايير الديموقراطية عن الانتخابات.
انتخابات معيبة وغير مطابقة للمعايير
تطرق الصحافي في "نيويورك تايمز"، ديفيد كيركباتريك، إلى الانتهاكات التي تم رصدها في الانتخابات في مقال بعنوان: "مصر: المراقبون الدوليون يصفون الانتخابات الرئاسية بأنها معيبة وغير مطابقة للمعايير".
وأشار كيركباتريك إلى أن فريقين من المراقبين الأجانب أصدرا تقريرهما عن الانتخابات المصرية التي جرت في مايو/ أيار، موضحين أن الانتخابات خالفت المعايير الدولية للديموقراطية.
ونقل عن إريك بيورنلند، رئيس منظمة "الديموقراطية الدولية"، وهي منظمة لمراقبة الانتخابات تمولها الولايات المتحدة الأميركية، قوله إن "البيئة السياسية القمعية في مصر تؤدي إلى استحالة إجراء انتخابات رئاسية ديموقراطية حقيقية، وأن الانتخابات خالفت هذه المبادئ الدستورية".
من جهته، أوضح عضو "البرلمان الأوروبي" عن لوكسمبرغ، روبرت غوبلز، أن الانتخابات اتّصفت بالحرية، ولكن ليس فيها عدالة، في إشارة إلى التحيّز الشديد لجهة الموارد المالية واهتمام وسائل الإعلام بقائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، الذي فاز بمساندة المؤسسة السياسية ونخبة رجال الأعمال.
ووفقاً لمقال "نيويورك تايمز"، وصف المراقبون المناخ الذي جرت فيه الانتخابات بأنه غير ديموقراطي وأن الخيارات كانت محدودة. وأشاروا إلى أنها انتخابات غير تنافسية كتلك التي جرت عام 2012 وفاز فيها الرئيس المنتخب محمد مرسي.
ووجه المراقبون نقداً شديداً لقرار تمديد فترة الانتخاب ليوم إضافي، واعتبروه مخالفة أثارت الشكوك حول مصداقية العملية برمتها، واستقلال السلطات الانتخابية.
وأوضحوا أن الانتخابات السابقة تميّزت بالنزاهة والشفافية بسبب مراقبتها من ممثلي المعارضة، الأمر الذي افتقدته هذه الانتخابات لأنه تم حظر وقمع جماعة الإخوان المسلمين.
وقال بيورنلند: "نحن لا نعرف ما هو حجم الإقبال على هذه الانتخابات"، ففريق منظمة الديموقراطية الدولية لم يرصد إقبالاً كبيراً ولكن ليس "لدينا أي وسيلة لتقييم ذلك".
شباب مصر يائسون
من جهته، نشر معهد التحرير لدراسات الشرق الأوسط، مقالة بعنوان: "الصوت المفقود: أين كان شباب مصر في الانتخابات الرئاسية؟".
وأوضح المعهد أن أنصار السيسي احتفلوا بفوزه في الانتخابات، وقاموا بالذهاب إلى ميدان التحرير، لكن هذا المشهد افتقد إلى أهم عناصره، فقد غاب الشباب عن المشهد مثلما غاب عن الانتخابات.
وأشار المعهد إلى أن رجال الجيش والشرطة حاولوا أن يبرّروا عبثاً غياب الشباب، وأن يظهروا تقديرهم لكبار السن الذين جاؤوا إلى مراكز الاقتراع، بينما أظهر الشباب غضبهم من قيام الجيل القديم بالذهاب إلى مراكز الاقتراع، واعتبروا ذلك ضد مصلحتهم.
وأكد المعهد أن مقاطعة الشباب للانتخابات أظهرت حجم الغضب الذي يشعرون به، وأنهم لا يرغبون في المشاركة في المسرحية الهزلية التي رغب السيسي أن يراها العالم على أنها ديموقراطية حقيقية.
وأضاف المعهد أن الشباب كانوا يعلمون جيداً أن صباحي لم يكن منافساً حقيقياً، بل كان يمثل دوره في هذه المسرحية الهزلية. وأوضح أن أكثر فئات الشباب غضباً هم طلاب الجامعات، وذلك بسبب الإجراءات القمعية التي اتخذتها السلطات ضدهم والتي تمثلت في اعتقال ومقتل المئات من الطلاب.
وقال المحلل السياسي، محمد نعيم، إن "موقف الشباب من الانتخابات نابع من غضبهم وليس من إدانتهم، فهم يدركون أن هناك الكثير من الهراء الذي لا يرغبون في الاشتراك به".
ورأى نعيم أن هذا الغضب يظهر في تجمعات الشباب، مثل الجامعات والملاعب الرياضية، وأعطى مثالاً للدوري المصري لكرة القدم الذي يقيم مبارياته بلا جمهور، ولا توجد لديه خطط لإقامة مباريات بحضور جمهور بسبب هذا الغضب، نظراً لأن معظم مشجعي كرة القدم من الشباب.
وأوضح نعيم أن "الشباب في مصر يائسون وأي محاولة للدعوة للاستقرار باستخدام مصطلحات مثل "لنبدأ العمل والإنتاج" أمر محبط للغاية".
قرب اندلاع ثورة
أما صحيفة "لوموند" الفرنسية، فعلّقت على الأحداث بمقال عنوانه: "الانتخابات الرئاسية تعدّ إهانة لذكاء المصريين"، موضحة أن الانتخابات كانت مليئة بالمخالفات، وأن الإجراءات غير الاعتيادية التي تم اتخاذها أثناء الانتخابات تعكس أن الدولة لم تكن محايدة.
ورأت الصحيفة أن الانتخابات التي كان يعرف الجميع نتائجها مقدماً لم تكن سوى غطاء للديكتاتورية ولعودة الجيش إلى السيطرة على الساحة السياسية.
وأشارت إلى رفض الشباب الاستخفاف بعقولهم، إذ تأكد لمعظم الشعب أن هذا هو الحال عندما تم إعلان النتائج المبدئية التي لا تتناسب مع إحجام الشباب عن الذهاب للاقتراع وتدني نسب المشاركة التي شاهدها العالم أجمع.
وأكدت أن الاستخفاف بعقول المصريين، والذي بدأ مع الرئيس المخلوع حسني مبارك، لهو نذير بقرب اندلاع ثورة أخرى. وحذرت بأن هذه المرة سيكون العنف غير مسبوق وستدخل مصر حلقة مفرغة من الصراع.