في الوقت الذي تسعى فيه كبريات الاقتصادات الخليجية والعالمية لإصلاح النظام النقدي والمالي لديها، أعلنت الأسواق الإقليمية والعالمية عن حدثين يعتبران تطوراً فارقاً في الاقتصاد العربي والعالمي، أولهما إعلان صندوق النقد الدولي في مطلع الشهر الحالي ضم اليوان الصيني إلى سلة العملات المعتمدة، في تطور رأته بكين "منعطفاً اقتصادياً تاريخياً". وثانيهما إعلان الصين ربط نظام أسعار الصرف بين اليوان والدرهم الإماراتي والريال السعودي.
وبناء على ذلك تدخل الأسواق الخليجية مرحلة جديدة من الانفتاح على السوق الصينية من شأنها أن تزيد من انسيابية تبادل السلع، وارتفاع حجم وقيمة الاستثمارات المتبادلة، والتأثير على القطاعات الخدماتية وخصوصاً المصرفية والسياحية.
تعزيز التجارة المشتركة
وقال مدير عام شركة "اعتمادكو" للصيرفة عبد الرحمن أحمد إن الاتفاق الذي جرى بين الصين والسعودية والإمارات يعتبر نوعاً جديداً من أنواع "المقايضة" بين الدول التي لديها أنشطة مالية واقتصادية متبادلة. ففي الوقت الذي تصدر فيه السعودية النفط للصين تستورد الأولى أنواعاً مختلفة من السلع الصينية لتغطية سوقها بالاحتياجات الرئيسية.
ويوضح أحمد لـ "العربي الجديد" أنه يمكن النظر لتأسيس نظام أسعار الصرف المباشر بين اليوان الصيني والريال السعودي من جانبين، الأول مضي الصين قدما في جعل اليوان عملة دولية يمكن التقاص من خلالها وإجراء التبادلات التجارية، والثاني هو تسهيل التجارة البينية بين السعودية والصين اعتماداً على توفير منصة تربط بين الريال واليوان وبما لا يستدعي وجود عملة وسيطة كالدولار.
من جهته، يقول الخبير الاقتصادي محمد النقي إن هذه الخطوة ربما تؤسس لعمل استراتيجي مستقبلي، يوثق الشراكة بين الصين والسعودية.
ويشير النقي بحديثه لـ "العربي الجديد" إلى إمكانية وجود تغيرات مستقبلية فيما يتعلق بمبيعات النفط إلى الصين لتتحول إلى اليوان بدلاً من الدولار، في حال الاضطرار إلى ذلك لأي سبب كان، وهو خيار تهدف الصين لتحقيقه من خلال مد نفوذها الاقتصادي عالمياً وتوثيق شراكاتها مع الدول المتوافقة معها والمرتبطة بها اقتصادياً، مع الأخذ بالاعتبار أن الصين هي أكبر المستوردين للنفط السعودي في الوقت الذي تعتبر فيه السوق السعودية من أكبر المستوردين من الصين، وهذا سيعزز من دعم العلاقة المباشرة بين الريال واليوان.
تطوير الصناعة والسياحة
وحسب تقرير حديث لوكالة الأنباء الصينية فإن هناك إمكانيات لاستفادة الدول العربية من ربط عملاتها باليوان، فقد أصبح الآن بإمكان رجال الأعمال من الإمارات والسعودية ممارسة الأعمال التجارية مع نظرائهم الصينيين بواسطة عملات الدول الثلاث مباشرة بدلاً من الدولار أو العملات الدولية الأخرى، تحسباً للمخاطر والخسائر الناجمة عن سعر الصرف غير المباشر، ما ينشط التجارة الصينية العربية التي يعمل الجانبان على رفع حجمها إلى 600 مليار دولار بحلول العام 2024.
اقــرأ أيضاً
وتماشياً مع سرعة تدويل اليوان الصيني، لا يمكن للدول العربية استيراد المنتجات الصينية باليوان مباشرة فحسب، بل سيكون بإمكانها بيع وشراء الخدمات والسلع من الدول الأخرى التي ترحب بالعملة الصينية.
كما توقع التقرير ارتفاع الاستثمار الصيني في الدول العربية، إذ ستقدم الصين قروضا ًوتستثمر بعملتها مباشرة في الدول العربية في ظل توسع تداول اليوان ولاسيما أن الصين تعمل على تمويل عملية التصنيع في الشرق الأوسط والتي تتطلب حجماً كبيراً من الاستثمار الأجنبي.
وعلى المدى البعيد، يضيف التقرير، ستتاح للسياحة العربية فرصة جديدة بشأن استقطاب الصينيين، إذ سيكون بإمكان السياح الصينيين صرف اليوان مباشرة في بعض الدول العربية بما يحقق مكاسب اقتصادية أكبر لهذه الدول وخاصة أن الصين قدمت مساهمة متزايدة للاقتصاد العالمي من خلال السياحة. إذ تدفق أكثر من 120 مليون سائح صيني إلى مختلف أنحاء العالم وصرفوا نحو 250 مليار دولار في العام 2015.
ويضيف التقرير أنه في السنوات الأخيرة، شهدت بعض الأسواق المالية العربية تقلبات على إثر ركود قطاع التصدير المحلي وقلة استقرار سوق المال الدولية. ولكن يمكن للدول العربية إدراج اليوان الصيني إلى احتياطاتها النقدية الأجنبية لتعزيز تنويعها، ما يخفف الاضطرابات المالية الناتجة عن السياسات النقدية والمالية في بعض الدول الكبرى.
تحجيم التعامل بالدولار
ويقول الخبير المالي د. ربيع سندي لـ "العربي الجديد": "لسنوات طويلة ظلت دول الخليج مرتبطة بالدولار، ومع نظام ربط العملة السعودية والإماراتية باليوان الصيني، سيغيب الدولار عن التعاملات التجارية بين دول الخليج والصين، خاصة وأن العملة الصينية تعتبر جذابة للمستثمرين بعد الصدمات التي تعرض لها الدولار في السنوات الماضية، والتخوف من السياسات النقدية التي قد تتخذها الإدارة الأميركية الجديدة في حال فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب".
ويضيف: "في تصوري ليس للقرار السعودي علاقة بتبعات قانون جاستا الأميركي، خاصة أن السعودية لا تزال مرتبطة بالدولار الأميركي في بقية تعاملاتها الخارجية"، غير أن أستاذ الاقتصاد لا يستبعد أن تتخذ السعودية خطوات مشابهة مع دول أخرى في القريب العاجل.
في وقت كشفت فيه مصادر كويتية لـ "العربي الجديد" أنها ستقرر السير في ركب السعودية والإمارات عبر ربط عملتها باليوان قريباً، ويقول مدير مكتب التداول في كافيو للاستثمار، نورس حافظ، لـ "العربي الجديد" إن العلاقات التجارية بين الكويت والصين مهمة جداً وتستدعي الموافقة على الربط المباشر بين الدينار الكويتي واليوان الصيني لتحقيق هدفين: الأول تخفيض الاعتماد على الدولار عبر التنويع بالربط مع اليوان الصيني، والثاني هو تقوية العلاقات التجارية مع الصين التي تحتل مركز ثاني أكبر اقتصاد في العالم والتي دخلت عملتها رسمياً ضمن سلة عملات صندوق النقد الدولي.
وبحسب بيانات رسمية حديثه من الإدارة العامة للإحصاء الكويتية فإن 10% من واردات الكويت تأتي من الصين وهي ثاني أكبر مورد للكويت، كما أن الصين تستورد أيضا 10% من صادرات الكويت مما يجعلها في المركز الرابع خلال العام الحالي.
ويضيف حافظ أنه بالنسبة إلى الدول العربية، فإن ثقتها ونشاطها سيتعززان بشأن حيازة واستخدام اليوان الصيني بما يرتقي بمستوى التعاون العربي الصيني في القضايا المالية.
ويشير إلى أن الصين أنشأت مؤخراً مركزاً إقليمياً لتسوية اليوان في دولة قطر في العام 2015، كما ستكمل إنشاء مركز آخر في الإمارات بحلول نهاية 2016 في إطار تعميق التعاون المالي الصيني العربي، علما بأن الصين كانت قد أطلقت عدة مراكز من هذا النوع في مختلف أنحاء العالم بما فيها سنغافورة وبريطانيا وألمانيا وأستراليا.
مخاطر محتملة
يؤكد المحلل الاقتصادي الكويتي خالد البطاح أن تحرر السعودية والإمارات من ارتباط عملتيهما في علاقتهما التجارية مع الصين، سيقلل من اعتمادهما على الدولار. ويقول لـ "العربي الجديد": "صحيح أن هناك تخوفا من التعامل مع اليوان الصيني، بسبب قرارات البنك المركزي الصيني تخفيض قيمة العملة، أكثر من مرة، دون تحذيرات مسبقة، وهو ما يكبد المستثمرين الكثير من الخسائر، إلا أنه على المدى الطويل، قد تتجاوز العملة الصينية ذلك، وتكون أكثر استقراراً. ولكن حتى ذلك الحين سيكون اليوان عرضة لارتفاع المخاطر، لارتفاع التذبذب في سعره، وللتدخل الحكومي المباشر في تعاملاته".
ويشدد الدكتور البطاح على أن الصين ستكون المستفيد الأكبر من هذا التحرر، فهي منذ فترة طويلة تسعى للتخلص من هيمنة الدولار على نشاطها التجاري، وفي سبيل ذلك تقرر المغامرة، خاصة وأنها أكبر مستوردة للنفط الخليجي".
اقــرأ أيضاً
وبناء على ذلك تدخل الأسواق الخليجية مرحلة جديدة من الانفتاح على السوق الصينية من شأنها أن تزيد من انسيابية تبادل السلع، وارتفاع حجم وقيمة الاستثمارات المتبادلة، والتأثير على القطاعات الخدماتية وخصوصاً المصرفية والسياحية.
تعزيز التجارة المشتركة
وقال مدير عام شركة "اعتمادكو" للصيرفة عبد الرحمن أحمد إن الاتفاق الذي جرى بين الصين والسعودية والإمارات يعتبر نوعاً جديداً من أنواع "المقايضة" بين الدول التي لديها أنشطة مالية واقتصادية متبادلة. ففي الوقت الذي تصدر فيه السعودية النفط للصين تستورد الأولى أنواعاً مختلفة من السلع الصينية لتغطية سوقها بالاحتياجات الرئيسية.
ويوضح أحمد لـ "العربي الجديد" أنه يمكن النظر لتأسيس نظام أسعار الصرف المباشر بين اليوان الصيني والريال السعودي من جانبين، الأول مضي الصين قدما في جعل اليوان عملة دولية يمكن التقاص من خلالها وإجراء التبادلات التجارية، والثاني هو تسهيل التجارة البينية بين السعودية والصين اعتماداً على توفير منصة تربط بين الريال واليوان وبما لا يستدعي وجود عملة وسيطة كالدولار.
من جهته، يقول الخبير الاقتصادي محمد النقي إن هذه الخطوة ربما تؤسس لعمل استراتيجي مستقبلي، يوثق الشراكة بين الصين والسعودية.
ويشير النقي بحديثه لـ "العربي الجديد" إلى إمكانية وجود تغيرات مستقبلية فيما يتعلق بمبيعات النفط إلى الصين لتتحول إلى اليوان بدلاً من الدولار، في حال الاضطرار إلى ذلك لأي سبب كان، وهو خيار تهدف الصين لتحقيقه من خلال مد نفوذها الاقتصادي عالمياً وتوثيق شراكاتها مع الدول المتوافقة معها والمرتبطة بها اقتصادياً، مع الأخذ بالاعتبار أن الصين هي أكبر المستوردين للنفط السعودي في الوقت الذي تعتبر فيه السوق السعودية من أكبر المستوردين من الصين، وهذا سيعزز من دعم العلاقة المباشرة بين الريال واليوان.
تطوير الصناعة والسياحة
وحسب تقرير حديث لوكالة الأنباء الصينية فإن هناك إمكانيات لاستفادة الدول العربية من ربط عملاتها باليوان، فقد أصبح الآن بإمكان رجال الأعمال من الإمارات والسعودية ممارسة الأعمال التجارية مع نظرائهم الصينيين بواسطة عملات الدول الثلاث مباشرة بدلاً من الدولار أو العملات الدولية الأخرى، تحسباً للمخاطر والخسائر الناجمة عن سعر الصرف غير المباشر، ما ينشط التجارة الصينية العربية التي يعمل الجانبان على رفع حجمها إلى 600 مليار دولار بحلول العام 2024.
وتماشياً مع سرعة تدويل اليوان الصيني، لا يمكن للدول العربية استيراد المنتجات الصينية باليوان مباشرة فحسب، بل سيكون بإمكانها بيع وشراء الخدمات والسلع من الدول الأخرى التي ترحب بالعملة الصينية.
كما توقع التقرير ارتفاع الاستثمار الصيني في الدول العربية، إذ ستقدم الصين قروضا ًوتستثمر بعملتها مباشرة في الدول العربية في ظل توسع تداول اليوان ولاسيما أن الصين تعمل على تمويل عملية التصنيع في الشرق الأوسط والتي تتطلب حجماً كبيراً من الاستثمار الأجنبي.
وعلى المدى البعيد، يضيف التقرير، ستتاح للسياحة العربية فرصة جديدة بشأن استقطاب الصينيين، إذ سيكون بإمكان السياح الصينيين صرف اليوان مباشرة في بعض الدول العربية بما يحقق مكاسب اقتصادية أكبر لهذه الدول وخاصة أن الصين قدمت مساهمة متزايدة للاقتصاد العالمي من خلال السياحة. إذ تدفق أكثر من 120 مليون سائح صيني إلى مختلف أنحاء العالم وصرفوا نحو 250 مليار دولار في العام 2015.
ويضيف التقرير أنه في السنوات الأخيرة، شهدت بعض الأسواق المالية العربية تقلبات على إثر ركود قطاع التصدير المحلي وقلة استقرار سوق المال الدولية. ولكن يمكن للدول العربية إدراج اليوان الصيني إلى احتياطاتها النقدية الأجنبية لتعزيز تنويعها، ما يخفف الاضطرابات المالية الناتجة عن السياسات النقدية والمالية في بعض الدول الكبرى.
تحجيم التعامل بالدولار
ويقول الخبير المالي د. ربيع سندي لـ "العربي الجديد": "لسنوات طويلة ظلت دول الخليج مرتبطة بالدولار، ومع نظام ربط العملة السعودية والإماراتية باليوان الصيني، سيغيب الدولار عن التعاملات التجارية بين دول الخليج والصين، خاصة وأن العملة الصينية تعتبر جذابة للمستثمرين بعد الصدمات التي تعرض لها الدولار في السنوات الماضية، والتخوف من السياسات النقدية التي قد تتخذها الإدارة الأميركية الجديدة في حال فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب".
ويضيف: "في تصوري ليس للقرار السعودي علاقة بتبعات قانون جاستا الأميركي، خاصة أن السعودية لا تزال مرتبطة بالدولار الأميركي في بقية تعاملاتها الخارجية"، غير أن أستاذ الاقتصاد لا يستبعد أن تتخذ السعودية خطوات مشابهة مع دول أخرى في القريب العاجل.
في وقت كشفت فيه مصادر كويتية لـ "العربي الجديد" أنها ستقرر السير في ركب السعودية والإمارات عبر ربط عملتها باليوان قريباً، ويقول مدير مكتب التداول في كافيو للاستثمار، نورس حافظ، لـ "العربي الجديد" إن العلاقات التجارية بين الكويت والصين مهمة جداً وتستدعي الموافقة على الربط المباشر بين الدينار الكويتي واليوان الصيني لتحقيق هدفين: الأول تخفيض الاعتماد على الدولار عبر التنويع بالربط مع اليوان الصيني، والثاني هو تقوية العلاقات التجارية مع الصين التي تحتل مركز ثاني أكبر اقتصاد في العالم والتي دخلت عملتها رسمياً ضمن سلة عملات صندوق النقد الدولي.
وبحسب بيانات رسمية حديثه من الإدارة العامة للإحصاء الكويتية فإن 10% من واردات الكويت تأتي من الصين وهي ثاني أكبر مورد للكويت، كما أن الصين تستورد أيضا 10% من صادرات الكويت مما يجعلها في المركز الرابع خلال العام الحالي.
ويضيف حافظ أنه بالنسبة إلى الدول العربية، فإن ثقتها ونشاطها سيتعززان بشأن حيازة واستخدام اليوان الصيني بما يرتقي بمستوى التعاون العربي الصيني في القضايا المالية.
ويشير إلى أن الصين أنشأت مؤخراً مركزاً إقليمياً لتسوية اليوان في دولة قطر في العام 2015، كما ستكمل إنشاء مركز آخر في الإمارات بحلول نهاية 2016 في إطار تعميق التعاون المالي الصيني العربي، علما بأن الصين كانت قد أطلقت عدة مراكز من هذا النوع في مختلف أنحاء العالم بما فيها سنغافورة وبريطانيا وألمانيا وأستراليا.
مخاطر محتملة
يؤكد المحلل الاقتصادي الكويتي خالد البطاح أن تحرر السعودية والإمارات من ارتباط عملتيهما في علاقتهما التجارية مع الصين، سيقلل من اعتمادهما على الدولار. ويقول لـ "العربي الجديد": "صحيح أن هناك تخوفا من التعامل مع اليوان الصيني، بسبب قرارات البنك المركزي الصيني تخفيض قيمة العملة، أكثر من مرة، دون تحذيرات مسبقة، وهو ما يكبد المستثمرين الكثير من الخسائر، إلا أنه على المدى الطويل، قد تتجاوز العملة الصينية ذلك، وتكون أكثر استقراراً. ولكن حتى ذلك الحين سيكون اليوان عرضة لارتفاع المخاطر، لارتفاع التذبذب في سعره، وللتدخل الحكومي المباشر في تعاملاته".
ويشدد الدكتور البطاح على أن الصين ستكون المستفيد الأكبر من هذا التحرر، فهي منذ فترة طويلة تسعى للتخلص من هيمنة الدولار على نشاطها التجاري، وفي سبيل ذلك تقرر المغامرة، خاصة وأنها أكبر مستوردة للنفط الخليجي".