وشارك قادة 29 بلداً في القمة، ومنهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان، اللذان جلسا إلى يمين شي جين بينغ ويساره خلال حفل الافتتاح. وكذا حضر عدد من رؤساء الحكومات، فيما وصل عدد البلدان التي شاركت عبر وفود لها، إلى 100 بلد.
مشاريع بـ124 مليار دولار
وتعهد الرئيس الصيني في حفل الافتتاح، اليوم الأحد، بتخصيص 124 مليار دولار لخطة طريق الحرير الجديد ليكون "طريقاً للسلام ولم الشمل والتجارة الحرة". ودعا لنبذ النماذج القديمة للتنافس ودبلوماسية ألعاب القوة.
وفي تلميح إلى التوجهات الحمائية للإدارة الأميركية برئاسة دونالد ترامب، قال شي إن "العزلة تؤدي الى التخلف، والانفتاح هو مثل معركة اليرقانة التي تخرج من شرنقتها".
وتابع أنه ينبغي على العالم تهيئة الظروف لدعم التنمية الحرة وتشجيع وضع أنظمة "عادلة ومقبولة وشفافة للتجارة العالمية وقواعد الاستثمار".
وقال: "التجارة محرك مهم للتنمية الاقتصادية". وأضاف أنه ينبغي أن يعزز العالم نظام التجارة متعددة الأطراف وإقامة مناطق تجارة حرة وتسهيل التجارة الحرة.
وتعهد بتمويل يشمل 100 مليار يوان إضافية (14.50 مليار دولار) لصندوق طريق الحرير القائم و380 مليار يوان قروضاً من بنكين كبيرين و60 مليار يوان مساعدات للدول النامية والمؤسسات الدولية في دول طريق الحرير الجديد.
وإلى جانب ذلك سيشجع شي المؤسسات المالية على التوسع بأنشطة التمويل باليوان في الخارج بما يصل إلى 300 مليار يوان.
استيراد بتريليوني دولار
وقال وزير التجارة الصيني، تشونغ شان، خلال القمة الخاصة بمشروع طريق الحرير الجديد إن بكين ستستورد منتجات بتريليوني دولار من الدول المشاركة في مبادرة الحزام والطريق على مدى السنوات الخمس المقبلة. وتابع أن الصين ستدعو لمحادثات تجارة حرة وتمضي قدماً في المفاوضات لتأسيس شراكة إقليمية اقتصادية كاملة.
وتحظى المبادرة التي تضم 65 بلدا بالدعم غير المحدود من بكين على ما يبدو. فبنك الصين للتنمية قرر أن يخصص وحده أكثر من 800 مليار يورو للاستثمارات في 900 مشروع. وبذلك يسعى العملاق الصيني إلى توفير شبكة أمان لحصوله على المواد الأولية وإرسال منتجاته إلى أسواقه الرئيسية ولا سيما في أوروبا.
من جهة أخرى، أعرب فلاديمير بوتين عن قلقه بالقول إن "مخاطر تجزئة الفضاء الاقتصادي الشامل تزداد وضوحا". وأضاف أن "أفكار الانفتاح وحرية التجارة تتعرض لمزيد من الرفض، وغالبا ما يرفضها الذين كانوا أنصارها قبل فترة طويلة".
واكد أردوغان أن "المشروع سيساهم في ازدهار وتنمية دائمين". وأضاف أن "هذا النوع من المبادرات هو الذي يقضي على الإرهاب".
لكن بعض المراقبين يلمحون في أن الصين التي تعد ثاني اقتصاد في العالم، تريد تعزيز نفوذها في التجارة الدولية عبر استثمارات تجعل من البلدان المعنية، وخصوصا في آسيا، تدور في فلكها.
وقال رئيس غرفة التجارة الأوروبية في الصين، يورغ فوتكه، الأسبوع الماضي "فلنأمل ألا تكون طريق الحرير الجديدة في اتجاه واحد، بل أن تكون طريقا في اتجاهين". وهذا القلق لا ينتاب رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق جان بيار رافاران الذي يمثل الرئاسة الفرنسية في قمة بكين. وقال "نشهد ولادة أوراسيا متصلة بأورأفريقيا".
وأطلقت الصين المشروع العالمي في العام 2013، عبر دمج مشروع "الحزام الاقتصادي لطريق الحرير" مع آخر وهو "طريق الحرير البحري في القرن الـ 21".
ويغطي "الحزام الاقتصادي لطريق الحرير" مناطق الصين وغرب آسيا وأوروبا، و"طريق الحرير البحري في القرن الـ 21" يمتد من الصين إلى منطقة الخليج مروراً بجنوب شرقي آسيا والمحيط الهندي والبحر العربي.
أما الهدف من هذا المخطط، فهو إنشاء مسارات تجارية متفق عليها بين عدد كبير من الدول، وبمبادرة اقتصادية واحدة، بحيث يتم تبادل المشاريع والصفقات والأدوات التجارية والمالية وصولاً إلى عولمة جديدة، تعتبر الصين أنها ستكون لصالح الشعوب.
ويطمح المشروع إلى بناء شبكة من التجارة والبنية التحتية تربط آسيا بأوروبا وأفريقيا، وتمكّن الصين من رفع حجم التجارة بينها وبين دول الحزام إلى 10 تريليونات دولار خلال أول خمس سنوات، وفق ما صرح الرئيس الصيني شي جين بينغ سابقاً، في حين أن الصين ستستثمر في هذه الدول بمشاريع تصل قيمتها إلى 500 مليار دولار خلال هذه الفترة.
أبرز مشاريع المبادرة
وانطلق عدد من المشاريع الدولية بالفعل في إطار هذه المبادرة، إن كان من حيث الدراسة أو التطبيق، أبرزها السكك الحديدية التي تربط الصين بحوالى ثلاثين مدينة أوروبية في أقل من ثلاثة أسابيع. وتشكل طريقة نقل تتسم بمزيد من السرعة لكنها أغلى أيضا من الطريق البحرية. في آسيا، سيربط طريق يبلغ طوله 873 كلم، الصين بالساحل التايلاندي.
وفي أفريقيا، تمول الصين خطا يبلغ طوله 471 كلم في كينيا بين العاصمة نيروبي ومرفأ مومباسا على المحيط الهندي.
وفي تركيا، اشترت ثلاث مؤسسات صينية رسمية قرب إسطنبول مرفأ كومبورت، الذي يعد الثالث في البلاد ويعتبر نقطة وصل مهمة بين "الحزام" و"الطريق".
وفي باكستان، سيتم ربط مرفأ غوادار غير البعيد من الحدود الإيرانية، بأقصى غرب الصين بعد تجديد 500 كلم من الطريق، وسيؤمن المرفأ للتجارة الصينية منفذاً إلى الشرق الأوسط، أسهل من الطريق البحرية لمضيق ملقا (بين ماليزيا وإندونيسيا). وسيبنى مطار دولي جديد في غوادار.
وفي بيلاروسيا، تبني الصين مجمعا صناعيا للتكنولوجيا رفيعة المستوى في مينسك، وهو أكبر مجمع يبنيه العملاق الآسيوي في الخارج. ويقام مشروع مماثل في كوانتان بماليزيا للصلب والألمنيوم وزيت النخيل.
(العربي الجديد، رويترز، فرانس برس)