بدأ اكتشاف الفيروس في الثالث والعشرين من مارس/ آذار الجاري، حين وصلت سيدة ستينية من قرية بدو شمال غربي القدس إلى مجمع فلسطين الطبي في رام الله، وصدرت نتيجة فحص عينتها في اليوم التالي، وأُعلن عن وفاتها في 25 من هذا الشهر، وهنا بدأت مهمة الطواقم الطبية حيث لم تكن تعرف مصدر الإصابة بعد.
وفي سبيل توعية الجمهور بخطورة الزيارات الاجتماعية على نشر الفيروس؛ كشف كل من محافظة رام الله والبيرة ومديرية الصحة في المحافظة عن خريطة العدوى في ندوة صحافية عقدت أمس الإثنين، إذ قال مدير الصحة في رام الله والبيرة وائل الشيخ الذي شرح مسار تتبع الطواقم الطبية للعدوى: "إن الطاقم الطبي بدأ إجراء الفحوصات للمخالطين لها، لتتبين إصابة ثلاثة من أبنائها الذكور واثنتين من بناتها الإناث، وخمس من زوجات أبنائها، وسبعة من أحفادها، وشقيق زوجها وزوجته وابنته".
مصدر العدوى كما أكد الشيخ لـ"العربي الجديد" أحد أبناء المتوفاة في قرية بدو؛ حيث يعمل أبناؤها كعمال في السوق الإسرائيلية، أو صديقه العامل والمصاب أيضاً، أو أن كليهما جلبا الفيروس من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، فيما تقرر الكشف عن خريطة انتقال الفيروس لتبيان ضرورة الحرص الشديد، "فإصابة واحدة لأي شخص قادم من الداخل قد تسبب كارثة"، حسب وصفه.
تبين الخريطة أن زوجة أحد أبناء السيدة المتوفاة زارت شقيقتها في قرية القبيبة؛ القريبة لتصاب شقيقتها وزوجة شقيقها، ولتوسع الطواقم الطبية دائرة الفحص لمخالطين لهم في قرية بيت لقيا غرب رام الله ولكن نتائج هؤلاء المخالطين جاءت سلبية.
زوجة ابن آخر زارت ذويها أيضا في قطنة بالمنطقة ذاتها، لتسجل هناك 7 إصابات نتيجة هذه المخالطة، ولتأخذ الطواقم أيضا عينات من قرية بيت عنان شمال غربي القدس بسبب زيارات ومخالطة لمصابي قطنة، لكن دون أن تظهر إصابات.
ووصل البحث عن مخالطين إلى قرية بدرس غربي رام الله حيث يوجد أقارب المصاب صديق أحد أبناء السيدة المتوفاة، دون تسجيل إصابات في تلك القرية.
أما وجود شقيق زوج المتوفاة في القسم الباطني لمجمع فلسطين الطبي بمدينة رام الله ليومين على الأقل فأدى إلى حجر 31 من الطاقم الطبي في المستشفى، إذ يقول الشيخ: "إن الطاقم انتبه لوجوده كمريض عادي في القسم ليجري له الفحص وتتبين إصابته وزوجته وابنته؛ وخسر المشفى هذا العدد من الكادر الطبي، والموجود جزء منه حالياً بالحجر المنزلي، وجزء آخر في مركز حجر بسبب أن مكان سكناهم خارج رام الله".
يقول الشيخ لـ"العربي الجديد": "تم تعقيم القسم بعد تلك الحادثة، وتوقفت العمليات المبرمجة بسبب حالة الطوارئ وإغلاق العيادات واقتصار التعامل على الحالات الطارئة للسبب ذاته".
وفي قرية بير نبالا، لا تزال تعمل الطواقم الطبية لأخذ العينات، فهناك شكوك بسبب مخالطة عائلة مصابة لأهالي القرية؛ ويرجح أن يكون مصدر العدوى رجلاً سبعينياً تنقل بين الأراضي المحتلة عام 1948 والضفة الغربية، إذ نقل العدوى إلى ستة من عائلته، بينهم بناته اللواتي يقمن في بير نبالا.
ويجيب الشيخ خلال الندوة الصحافية على سؤال لـ"العربي الجديد" حول الإجراءات المتبعة لحصر انتشار الوباء بالقول: "إن الطواقم لا تزال تعمل ليلَ نهارٍ منذ 24 مارس/ آذار 2020، وذلك العدد لا يكفي لكن العمل متواصل"، مشيرا إلى أنه تمت تغطية الدائرة الأولى والثانية للإصابات المخالطة، ويتم العمل على الحلقة الثالثة من أصحاب البقالات والمحال الذين خالطوا المصابين.
وأكد الشيخ أن كل ما ورد في الخريطة والدراسة المسحية التي أعدتها مديرية الصحة في رام الله يدق ناقوس الخطر القادم من الداخل المحتل، داعياً العمال للالتزام بالتعليمات والتوجيهات والالتزام بالحجر المنزلي لمدة 14 يوماً.
وقال الشيخ: "إذا تكرر ما جرى في شمال غربي القدس، فستكون لدينا مشكلة كبيرة"، مؤكداً وضع خطتين في محافظة رام الله والبيرة بما في ذلك قرى القدس التي نقلت صلاحيتها لمديريته؛ الأولى تم تنفيذها بإنشاء مركز للفرز والفحص، وتخصيص مستشفى هوغو تشافيز في ترمسعيا شمال رام الله للعلاج والحجر، وتخصيص فندق غراند بارك للعائدين من الخارج، وفندق الكرمل للحجر العلاجي، وفندق أبراج الزهراء لحجر الطواقم الصحية.
أما الخطة "ب" لرام الله التي تعتبر مركزاً للسلطة الفلسطينية، فهي وضع مستشفيين خاصين على أهبة الاستعداد لاستخدامهما في حال الحاجة لذلك، كما تم الطلب من القطاع الخاص توفير قوائم للكوادر الطبية، لمساندة القطاع الحكومي في حال الحاجة.