تداولت مواقع التواصل الاجتماعي أخيراً صورة لحادثة تصادم بين زرافة وطائرة صغيرة، مصحوبة بخبر صغير يقول إنّ الحادثة وقعت في محمية الدندر جنوب شرق السودان. لكنّ "آخر ظهور" للزرافات في محمية الدندر كان في أوائل الثمانينات من القرن الماضي، وفقاً لتأكيدات الخبيرة في مجال الحياة البرية الدكتورة سلوى منصور.
هناك زرافتان سودانيتان ظهرتا بعد ذلك التاريخ. إحداهما الزرافة السودانية التي احتفل ملك وملكة بلجيكا بولادتها في إحدى حدائق الحيوان في بروكسل منتصف التسعينيات. والثانية هي آخر زرافة سودانية في حديقة الحيوان في الخرطوم قبل قرار إزالة الحديقة في أوائل التسعينيات، ليحل محلها برج شاهق. كان مصير تلك الزرافة جرها عبر الشوارع إلى منتزه مفتوح، لكنها ما لبثت أن ماتت بعد أيام، كحال الفيل الذي عانى من الإهمال في المنتزه نفسه فمات منتحراً.
من جهتها، نشرت الأستاذة المتخصصة في تاريخ ولغات وحضارات الشرق الأوسط والأدنى في جامعة بنسلفانيا الدكتورة هيزر شاركي مقالاً حول "دبلوماسية الزرافة"، تحدثت فيه عن إهداء والي مصر والسودان محمد علي باشا زرافة سودانية إلى ملك فرنسا (شارل العاشر). كما أهدى زرافتين لملكين آخرين في أوروبا عام 1827. وكانت تلك أول زرافات تُشاهد في أوروبا منذ أن وصلتها أول زرافة عام 1486. ذكرت الكاتبة أنّ الزرافة المهداة للملك الفرنسي جلبت من دارفور غربي السودان، مع روايات مختلفة حول أماكن أخرى جلبت منها الزرافات. وهو ما تدلّ عليه مشاهدة الزرافات في أماكن عديدة في السودان حتى حين قريب.
بدوره، يؤكد الخبير البيئي الدكتور معتصم نمر أنّ أحد أسباب اختفاء الزرافات وأنواع أخرى من الحيوانات النادرة في السودان، يعود إلى النصف الثاني من ثمانينيات القرن الماضي حين أصبح التوسع في المشاريع الزراعية سمة لذلك العهد من دون مراعاة لقوانين المحميات الطبيعية، وخطط استخدام الأراضي، وضعف الوعي البيئي لدى متخذي القرار من السياسيين. ويستدل على ذلك بمقولة أحد ولاة الولايات التي تقع الدندر في نطاقها، حين قال: "تعالوا خذوا حيواناتكم خلّونا نزرع". الوالي نفسه سوّق أراضي المحمية في الأسواق العربية على أنها أراض تصلح للاستثمار في مجال السياحة قبل أن تغلب عليه أطماع الزراعة تلك. والمعروف أنّ الدندر هي آخر محميات المحيط الحيوي في السودان بعد انفصال الجنوب. كما تؤكد منصور أنّ هجمات الرعاة على الدندر أخيراً سببها انفصال الجنوب الذي حرمهم مراعي واسعة كانوا يقصدونها صيفاً.
*متخصص في شؤون البيئة
اقرأ أيضاً: قلبي على محميّة الدندر
هناك زرافتان سودانيتان ظهرتا بعد ذلك التاريخ. إحداهما الزرافة السودانية التي احتفل ملك وملكة بلجيكا بولادتها في إحدى حدائق الحيوان في بروكسل منتصف التسعينيات. والثانية هي آخر زرافة سودانية في حديقة الحيوان في الخرطوم قبل قرار إزالة الحديقة في أوائل التسعينيات، ليحل محلها برج شاهق. كان مصير تلك الزرافة جرها عبر الشوارع إلى منتزه مفتوح، لكنها ما لبثت أن ماتت بعد أيام، كحال الفيل الذي عانى من الإهمال في المنتزه نفسه فمات منتحراً.
من جهتها، نشرت الأستاذة المتخصصة في تاريخ ولغات وحضارات الشرق الأوسط والأدنى في جامعة بنسلفانيا الدكتورة هيزر شاركي مقالاً حول "دبلوماسية الزرافة"، تحدثت فيه عن إهداء والي مصر والسودان محمد علي باشا زرافة سودانية إلى ملك فرنسا (شارل العاشر). كما أهدى زرافتين لملكين آخرين في أوروبا عام 1827. وكانت تلك أول زرافات تُشاهد في أوروبا منذ أن وصلتها أول زرافة عام 1486. ذكرت الكاتبة أنّ الزرافة المهداة للملك الفرنسي جلبت من دارفور غربي السودان، مع روايات مختلفة حول أماكن أخرى جلبت منها الزرافات. وهو ما تدلّ عليه مشاهدة الزرافات في أماكن عديدة في السودان حتى حين قريب.
بدوره، يؤكد الخبير البيئي الدكتور معتصم نمر أنّ أحد أسباب اختفاء الزرافات وأنواع أخرى من الحيوانات النادرة في السودان، يعود إلى النصف الثاني من ثمانينيات القرن الماضي حين أصبح التوسع في المشاريع الزراعية سمة لذلك العهد من دون مراعاة لقوانين المحميات الطبيعية، وخطط استخدام الأراضي، وضعف الوعي البيئي لدى متخذي القرار من السياسيين. ويستدل على ذلك بمقولة أحد ولاة الولايات التي تقع الدندر في نطاقها، حين قال: "تعالوا خذوا حيواناتكم خلّونا نزرع". الوالي نفسه سوّق أراضي المحمية في الأسواق العربية على أنها أراض تصلح للاستثمار في مجال السياحة قبل أن تغلب عليه أطماع الزراعة تلك. والمعروف أنّ الدندر هي آخر محميات المحيط الحيوي في السودان بعد انفصال الجنوب. كما تؤكد منصور أنّ هجمات الرعاة على الدندر أخيراً سببها انفصال الجنوب الذي حرمهم مراعي واسعة كانوا يقصدونها صيفاً.
*متخصص في شؤون البيئة
اقرأ أيضاً: قلبي على محميّة الدندر