وفي خطاب ذكرى ثورة الملك والشعب، رسم العاهل معالم خارطة طريق للنهوض بالتشغيل بالمملكة، معتبرا أنه من "غير المعقول أن تمس البطالة شابا من بين كل 4"، مؤكدا أن "الأرقام أكثر قسوة في المجال الحضري".
وأعلن عن تنظيم مؤتمر وطني للتشغيل والتكوين، قبل نهاية العام الجاري، من أجل "بلورة قرارات عملية، وحلول جديدة، وإطلاق مبادرات، ووضع خارطة طريق مضبوطة للنهوض بالتشغيل".
غير أنه شدد على ضرورة إعطاء الأولوية للتخصصات التي تتيح توفير فرص العمل، عبر اعتماد نظام فعال للتوجيه المبكر، سنتين أو ثلاث سنوات قبل البكالوريا، لمساعدة التلاميذ على الاختيار، بما يراعي مؤهلاتهم، بين التوجه للشعب الجامعية أو التكوين المهني.
وشدد على ضرورة إبرام اتفاقية بين الحكومة والقطاع الخاص من أجل إعادة تأهيل الطلبة الذين يغادرون الدراسة دون الحصول على شهادات، بما يتيح لهم فرصا جديدة، وتسهيل اندماجهم في الحياة المهنية والاجتماعية.
وأوصى بإعادة النظر في تخصصات التكوين الفني، بما يجعلها مستجيبة لحاجات الشركات والقطاع العام، حيث يفترض أن تواكب التحولات التي تطرأ على الصناعات والمهن.
وطالب بوضع آلياة جديدة تحفز الشباب على إحداث الشركات الصغرى والمتوسطة في مجالات تخصصاتهم، ودعم مبادرات التشغيل الذاتي وإنشاء الشركات الاجتماعية.
وطالب الإدارات الحكومية والجماعات المحلية بأداء ما في ذمتها من مستحقات تجاه الشركات الخاصة، معتبرا أن أي تأخير سيؤدي إلى إفلاسها، بما ينجم عن ذلك من فقدان للعديد من فرص العمل.
وألح على ضرورة وضع آليات جديدة تتيح إدماج القطاع غير الرسمي في القطاع المنظم، عبر تمكين الطاقات التي يتوفر فيها تكوين محفز، وتغطية اجتماعية ودعم التشغيل الذاتي أو إحداث الشركات.
واعتبر أنه يتوجب الانكباب من أجل إيقاف هدر طاقات الشباب، والسعي لتحفيز الكفاءات على الاستقرار والعمل بالمغرب، بعدما لاحظ أن العديد من حاملي الشهادات يفكرون في الهجرة خارج المغرب.
ولاحظ أن التفكير في الهجرة لا تحفزه المغريات التي تتوفر في الخارج، بل له علاقة بعدم وجود المناج الملائم للاشتغال والترقي المهني والابتكار والبحث العلمي.
وكان وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والبحث العلمي، قد صرح أخيرا بأن 600 مهندس يغادرون المملكة سنويا، وهو رقم مرتفع، بالنظر للجهود التي تبذلها الدولة من أجل تكوينهم واحتياجات الاقتصاد للمواطنين من المهندسين.
ويمثل الشباب التي تراوح أعمارهم بين 15 و34 عاما حوالي 34% من الساكنة، ويشكلون 60% في المدن، ويصل معدل البطالة إلى 20% بين هذه الفئة.
ويتضح أن البطالة تطاول أكثر من 45% من الشباب في المدن، وهو أعلى معدل يسجله المغرب منذ أكثر من عشرة أعوام، حسب المندوبية السامية للتخطيط.
ويذهب أحمد الحليمي، المندوب السامي في التخطيط، إلى أنه خلال الخمسة أعوام الأخيرة، حصل في المتوسط 60 ألف طالب على شهادات من مؤسسات التعليم العالي، 20 ألفا منهم لم يحصلوا على فرصة عمل.
وذهب إلى أنه في ظل نمو اقتصادي بطيء، لا يمكن للمغرب تقليص البطالة بشكل ملموس ومعالجة الفوارق الاجتماعية، ملاحظا أن النمو وخلق فرص العمل تقلص منذ عام 2000.
وعبرت 74.7% من الأسر، في بحث للمندوبية السامية للتخطيط كشفت عنه أخيرا، عن توقعها باتساع دائرة البطالة في لـ12 شهرا المقبلة، بينما تترقب 13% انخفاضها.
وبلورت حكومة العثماني ميثاقا، وقع مع رجال أعمال ومسؤولي الجهات، بهدف تفعيل خطة تهدف إلى توفير 1.2 مليون فرصة عمل في السنوات الثلاث المقبلة.
وتتطلع إلى خلق 300 ألف فرصة عمل بين 2018 و2021 عبر ذلك الميثاق، الذي اعتبر محافظ البنك المركزي أنه يحتاج إلى تدابير ملموسة لتحقيق أهدافه.
وترنو الحكومة في ظل هشاشة النمو الاقتصادي، الذي لا يساهم في خلق ما يكفي من فرص العمل، إلى اتخاذ تدابير تحفيزية من أجل معالجة تلك المعضلة.
وتشير المندوبية السامية للتخطيط إلى نقطة من النمو كانت توفر 30 ألف فرصة عمل بين 2000 و2008، وتراجع ذلك الرقم إلى 10500 بين 2009 و2017.
وفي خطاب العرش في نهاية يوليو/ تموز، كان العاهل المغربي قد أبدى انشغاله بالوضع الاقتصادي المتسم بالجمود، مؤكدا أن تسهيل الاستثمار الإنتاجي من شأنه توفير فرص العمل.
واطلع محمد السادس، في يوليو، على تقريرين من محافظ البنك المركزي ورئيس المجلس الأعلى للحسابات، أكدا على أن نمو الاقتصاد والاستثمارات التي تخططها الدولة، لا تساهم بما يكفي في توفير فرص العمل.
ويذهب الاقتصادي إدريس الفينا، إلى أن معدل الاستثمار مرتفع من دون أثر على معدل البطالة والتشغيل، مشيرا إلى أن ذلك يحيل على وضع غير صحي يجب التعجيل بمعالجته بالمغرب، بالموازاة مع التعاطي مع ظواهر أخرى تجعل الاقتصاد المغربي بعيدا عن المنطق الاقتصادي السليم.