في الوقت الذي يسعى فيه نائب الرئيس العراقي رئيس "ائتلاف دولة القانون"، نوري المالكي، لتشكيل تحالف خماسي، يضم حزبه وأربعة فصائل مسلحة منضوية ضمن مليشيا "الحشد الشعبي"، يحاول رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، استرضاء المليشيا من خلال إطلاق يدها في مناطق غرب الموصل، وهو أمر يصفه سياسيون بأنه محاولة لفك ارتباط قادة المليشيا بالمالكي. وفيما يؤكد مراقبون أن التوجه الجديد للعبادي قد يندرج ضمن التنافس الانتخابي على الساحة التي تضم جمهور "الحشد الشعبي"، يشدد المالكي على إجراء الانتخابات المقبلة في موعدها.
وكشف مصدر في "التحالف الوطني" الحاكم في العراق عن وجود اتفاق مسبق بين الحكومة العراقية وقادة "الحشد الشعبي" مهّد للهجوم الذي نفذته المليشيا على بلدة القيروان غرب الموصل. وبيّن، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أن هذا الاتفاق ليس الأول، إذ سبق للجانبين أن اتفقا على تنفيذ "الحشد الشعبي" عملية عسكرية لدخول بلدة الحضر غرب الموصل، الشهر الماضي. وأشار إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد عملية واسعة لـ"الحشد الشعبي" في صحراء نينوى، وصولاً إلى الحدود مع سورية. مؤكداً أن العبادي يتغاضى عن وجود المليشيا في محيط بلدة تلعفر، وتنفيذها هجمات وعمليات عسكرية في مناطق أخرى غرب الموصل، في محاولة لاسترضاء قادة "الحشد الشعبي" وإبعادهم عن معسكر المالكي، الذي يخطط لتشكيل تحالف خماسي يضم حزبه، فضلاً عن أربع مليشيات تعمل ضمن "الحشد الشعبي" هي، "عصائب أهل الحق" بزعامة قيس الخزعلي، و"بدر" التي يترأسها عضو البرلمان العراقي هادي العامري، و"النجباء" برئاسة أمينها العام أكرم الكعبي، وقيادة "حزب الله العراقي". ولفت إلى أن التنافس بين العبادي والمالكي تجاه "الحشد الشعبي" أصبح على أشده، مع قرب موعد انتخابات مجالس المحافظات، المقرر إجراؤها في سبتمبر/أيلول المقبل، موضحاً أن الطرفين يحاولان التقرب من المليشيا لكسب ود جماهيرها التي تتركز في المحافظات الجنوبية.
وأضاف المصدر أن "العبادي أطلق يد الحشد الشعبي في المناطق الغربية للموصل، وحاول إضفاء شرعية على تحركاته، من خلال التعامل معه على أنه قوة أمنية"، مؤكداً أن القيادات الأمنية العراقية أصبحت تتعامل مع "الحشد" وكأنه جزء من مؤسسات الدولة، من خلال الاعتراف بتحركاته والعمليات العسكرية التي يشنها، بدليل أن الهجوم الأخير للمليشيا على القيروان كان أعلن من قبل قائد عسكري عراقي كبير. وكان قائد الحملة العسكرية في الموصل، الفريق الركن عبد الأمير رشيد يارالله، أعلن، الجمعة الماضي، انطلاق عملية عسكرية للمليشيا غرب الموصل. وقال، في بيان مقتضب، "على بركة الله، انطلقت قطعات الحشد الشعبي، وبإسناد من طيران الجيش، بتنفيذ عملية واسعة لتحرير مناطق القيروان والبعاج". وتلا ذلك حديث لنائب رئيس "الحشد الشعبي"، أبو مهدي المهندس، نقله الموقع الرسمي للمليشيا، قال فيه إن العمليات العسكرية انطلقت في القيروان من محاور عدة، مبيناً أن العملية ستستمر وصولاً إلى الحدود مع سورية.
إلى ذلك، توقع القيادي في مليشيا "الحشد الشعبي"، جواد الطليباوي، أن تكون المعارك أشرس وأصعب كلما اقتربت قطعات المليشيا من الحدود العراقية – السورية، مشيراً، خلال تصريح صحافي، إلى إعداد العدة لذلك. واعتبر أن التنسيق العالي والمشترك بين محاور قتال "الحشد الشعبي" يساهم في حسم المعركة بشكل سريع، مطالباً بمواقف حازمة ضد الدول التي تريد إطالة أمد الحرب ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). ويمثل إعلان قائد عسكري عراقي كبير عن عملية عسكرية للمليشيات تحولاً واضحاً في نوع المهمات التي تنوي الحكومة العراقية إسنادها إلى المليشيا، بحسب أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، حسان العيداني، الذي أكد وجود دعم ورضا حكومي للعمليات العسكرية التي تنفذها المليشيات غرب الموصل، تجسد من خلال البيانات التي يصدرها كبار القادة العسكريين. وأضاف أن "يقوم قائد عسكري، كالفريق الركن عبد الأمير رشيد يارالله، وهو قائد الحملة العسكرية في الموصل، بالإعلان عن عملية عسكرية للمليشيات، فإن هذا الأمر يشير بوضوح إلى وجود استراتيجية حكومية جديدة داعمة لعمليات الحشد الشعبي الحالية والمقبلة". وأوضح، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أن التوجه الجديد لرئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، قد يندرج ضمن التنافس الانتخابي على الساحة الشيعية". ولفت إلى أن لقاءات العبادي المتكررة بقيادات في "الحشد الشعبي"، وقبوله بتنفيذ المليشيا عمليات عسكرية في الحضر وصحراء نينوى والقيروان، وقبل ذلك التمركز قرب تلعفر، أمور تشير إلى أن العبادي يحاول بشتى الطرق كسب ود فصائل "الحشد" التي تدين بالولاء لمؤسسها رئيس الوزراء العراقي السابق، نوري المالكي، الذي يدفع باتجاه إجراء الانتخابات المقبلة في موعدها من أجل الاستفادة من التقدم الذي يحرزه قادة المليشيات غرب الموصل، وتوظيف ذلك في الحملات الانتخابية.
وعلى الرغم من مطالبة بعض الأطراف السياسية والبرلمانية بتأجيل الانتخابات المحلية، المقرر إجراؤها في سبتمبر المقبل، أو دمجها مع الانتخابات البرلمانية مطلع 2018، إلا أن المالكي والجهات السياسية المقربة منه يصرون على إجراء الانتخابات في موعدها. وشدد المالكي على ضرورة إجراء الانتخابات المحلية في موعدها. مؤكداً، خلال كلمة في مؤتمر للمصالحة المجتمعية عقد في محافظة النجف جنوب بغداد، أن الانتخابات يجب أن تجرى في الموعد المحدد لها، من دون تعطيل أو تأخير. وكشفت مصادر سياسية في "التحالف الوطني" الحاكم في العراق، في وقت سابق، لـ"العربي الجديد"، عن قرب الإعلان عن تحالف انتخابي واسع يضم خمس جهات ومليشيات مقربة من إيران، مؤكدة أن التحالف الجديد سيضم نائب الرئيس العراقي رئيس "ائتلاف دولة القانون"، نوري المالكي، وعضو البرلمان العراقي رئيس مليشيا "بدر" هادي العامري، والأمين العام لمليشيا "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي، ورئيس مليشيا "النجباء" أكرم الكعبي، وقيادة مليشيا "حزب الله العراقي". إلى ذلك، أكد عضو المكتب السياسي لمليشيا "عصائب أهل الحق"، المنضوية ضمن "الحشد الشعبي"، ليث العذاري، وجود تفاهمات بشأن دخول فصائل المليشيا في الانتخابات المقبلة. موضحاً، خلال مقابلة متلفزة، أن بعض فصائل المليشيا لديها حركات سياسية مسجلة، وهذا الأمر يتيح لها المشاركة في الانتخابات. وبشأن مشاركة القيادات العسكرية في "الحشد الشعبي" في الانتخابات المقبلة، قال العذاري "من الممكن أن يقدموا استقالاتهم إذا أرادوا الترشح إلى أي عمل سياسي".