يواصل رئيس الوزراء العراقي والقائد العام للقوات المسلّحة، حيدر العبادي، العملية "الصعبة" بتطهير الأجهزة الأمنية من أنصار سلفه، نوري المالكي، وبعد إطاحته بالعشرات من القيادات العسكرية في الجيش، تتوجّه الأنظار خصوصاً باتجاه وزارة الداخلية "سيئة الصيت" وذات الارتباطات المريبة.
ويقول مصدر في "التحالف الوطني"، لـ "العربي الجديد"، إنّ "العبادي اتخذ قراره بتطهير الداخلية من كافة العناصر المشبوهة والفاسدة وتلك التي تدين بالولاء للمالكي"، موضحاً أنّ "التغييرات ستشمل وكلاء الوزارة والمستشارين فما دون، وسيكون الوكيل الأقدم للوزارة، عدنان الأسدي، ضمن المشمولين بقرار العبادي".
ويكشف المصدر عن أنّ "عملية التصفية ستكون على مراحل عدة ولن تحصل دفعة واحدة، حرصاً من العبادي على عدم إثارة ضجة وتأليب المُقالين من وزارتي الداخلية والدفاع ضده، بدعم من المالكي"، مشيراً الى أنّ "حملة العبادي ستشمل جهاز الاستخبارات الوطني ووكالة الاستخبارات الاتحادية".
ويؤكد أنّ "قرار تصفية وزارة الداخلية لن يكون بالسهولة المتصوّرة، فهناك مافيات خطيرة على مستوى كبير داخل الوزارة، وقد يشكّل قرار الإطاحة بها خطراً يصعب تلافيه من قبل العبادي".
ويتحدّث المصدر عن "فساد كبير في الداخلية، من خلال وجود أسماء وهمية بمناصب كبيرة تحصل على رواتب وامتيازات، فضلاً عن انتشار الرشوة بين المسؤولين فيها".
وتُعدّ وزارة الداخلية من أكثر المؤسسات العراقية تعقيداً، لما تحويه من دهاليز وملفات سرية خطيرة قد تكشف عن تورط شخصيات كبيرة بملفات فساد، وتمويل للمليشيات التي ظلت مرتبطة بوزارة الداخلية طوال الفترة الماضية.
وكان وزير الداخلية العراقي، محمد سالم الغبان، قد أعلن أنّه "لا تسامح بعد اليوم مع أي شكل من أشكال الفساد والإهمال والتقصير في الوزارة"، موضحاً أن "هناك تقارير وردته لا تعكس الحقائق في الوزارة". وقال، في بيان صحافي، إنّه "سيتم إدخال التقنيات الحديثة في الوزارة أسوة بدول الجوار".
ويرى المحلل السياسي محمد عبد الخالق أن "هناك تغيّراً كبيراً في سياسة العبادي عن سياسة سلفه نوري المالكي". ويوضح لـ "العربي الجديد" أنّ "العبادي يسير بخطوات حثيثة نحو ردم الهوة، التي خلقها المالكي بين مكوّنات الشعب وطوائفه، وبين العراق ومحيطه العربي".
ويعتبر أن رئيس الحكومة "قد تعلّم الكثير من أخطاء المالكي، لذا فقد بدأ بتصفية الأزمات مع الفرقاء السياسيين ومع دول الجوار، وتطهير الأجهزة الأمنية، ومن خلال ذلك نفهم أنه سيمضي في تنظيف كافة مؤسسات الدولة".
يُذكر أن وزارة الداخلية، المعقّدة والمثيرة للجدل، بقيت، خلال الدورة البرلمانية الأخيرة، تُدار بالوكالة من قبل المالكي، ويُشرف عليها المقرّب منه وكيلها الأقدم، عدنان الأسدي، وأصبحت في فترة قصيرة محل خوف وعدم ثقة لدى الكثير من العراقيين، وهي التي منحت غطاءً رسمياً للمليشيات التي ارتبطت بها، وتولّى أشخاص من داخلها عملية تنظيم هذه المليشيات وتحريكها وتمويلها.
وارتبط اسم الداخلية بإيران، التي سعت من خلالها إلى تمرير أجنداتها الخطيرة من خلال الوزارة، وتضم الوزارة ملفات خطيرة تتعلق بمؤامرات وقتل على الهوية وتعذيب.