تتصاعد حدّة العنف غير المبرر أو المفرط داخل المجتمع العراقي، ويعزو مراقبون ذلك لضغوطات الحياة وضعف وسائل إنفاذ القانون بالبلاد، وتغول سلطة العشائر والمليشيات، وانتشار الفساد في المؤسسات التنفيذية، وفتح الحدود أمام الأسلحة الثقيلة والمتفجرات، حتى أصبحت العبوات الصوتية السلاح المفضل في المشاجرات بين العراقيين.
وقال مسؤول أمني كبير، لـ"العربي الجديد"، إنّ "العاصمة بغداد سجّلت هذا الشهر نحو 9 تفجيرات بعبوات صوتية نتيجة مشاجرات بسيطة بين المواطنين، لا ترقى لمستوى استخدام السلاح، في حين سجلت عشرات الحالات على مدى الشهور الماضية، ولم تسجّل إحصائية رسمية بها".
وأوضح أنّ "المشاجرات التي تستخدم فيها العبوات الصوتية، هي مشاجرات بين شباب ومراهقين، داخل المقاهي، أو يضع أحدهم عبوة صوتية أمام منزل الشخص الذي تشاجر معه، أو في طريقه، أو قرب سيارته ليثير رعبه"، مبينا أنّ "المراكز الأمنية استقبلت عشرات الشكاوى من مواطنين عن استخدام تلك العبوات".
وأكد أنّ "العشائر تدخلت في هذا الموضوع، وبدأت بحسمه قبل وصوله إلى مراكز الأمن، من خلال الفصل العشائري، أو تسويته بأسلوب وآخر"، مبينا أنّه "في حال لم تتلق القوات الأمنية أي بلاغ أو شكوى فإنها لا تتدخل بالموضوع".
ويعد انتشار ثقافة العنف في المجتمع العراقي، ناتجا عن عدم حصر السلاح بيد الدولة، حتى باتت الأسلحة المتوسطة والمتفجرات متاحة حتى للمواطن البسيط الذي يستخدمها من دون الرجوع إلى السلطات الرسمية.
وقال الأستاذ في علم الاجتماع، فاضل البدراني، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحكومة تتحمل المسؤولية كاملة عن تفشي ثقافة العنف في المجتمع العراقي، لأنّها تصر على عدم حصر السلاح بيدها، وتسمح بانتشاره لدى عناصر الأمن والمليشيات، كما تتواجد أسواق تباع فيها الأسلحة والمتفجرات علانية، دونما وجود أي محاسبة حكومية".
وأكد أنّ "هذه الجرائم يجب أن تغلّظ عقوباتها للحدّ الأعلى، إذ كان القضاء في زمن النظام السابق يحكم بالإعدام من دون محاكمة لكل من يستخدم قنبلة يدوية، أما اليوم فنجد العقوبات القانونية بسيطة وغير رادعة، كما تمكن تسويتها عشائريا وعائليا، أو إغلاق الدعاوى بمبلغ مالي".
وحذّر من "خطورة هذا الوضع، وانجرار المجتمع العراقي تجاه ثقافة العنف والسلاح، والتي تحول المجتمع إلى مجتمع لا يتفاهم إلّا بلغة السلاح".
ويكثر استخدام العبوات الصوتية في المناطق الشعبية، وتثير فيها حالة من الذعر والخوف. وقال المواطن، نهاد حسين، وهو من أهالي منطقة العبيدي شرقي بغداد، لـ"العربي الجديد"، إنّ "المناطق الشعبية التي تكثر فيها المشاجرات يكثر فيها استخدام العبوات الصوتية، بسبب انتماء أغلب أبنائها لفصائل مسلحة مختلفة (مليشيات)".
وأكد أنّ "السكن في هذه المناطق أصبح لا يطاق، ومن لا ينتمِ إلى فصيل مسلح أو عشيرة قوية تحميه، فسيكون ضعيفا وعرضة للاعتداء في أي وقت"، مبينا أن "هناك حالة من الرعب بين أهالي تلك المناطق بسبب العبوات الصوتية".
يشار إلى أن محكمة جنايات الكرخ أصدرت حكماً بالسجن لعامين، على مدان رمى قنبلة صوتية على منزل سيدة في بغداد، بسبب خلاف شخصي.