تثير الأنباء الأخيرة عن إبرام صفقة بين رئيس حركة "نداء تونس"، الباجي قايد السبسي، ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، تقضي بأن تكون "النهضة" جزءاً من المشهد النيابي وربّما الحكومي الجديد، مقابل ابتعادها عن ساحة المعركة الرئاسية، بلبلة في المشهد التونسي. وساهم قرار "النهضة" الأخير بالحياد الرئاسي، في زيادة الشكوك بأن يكون هذا القرار مرتبطاً باتفاق الرجلين، اللذين تردّد أنّهما التقيا قبل أيام وتوافقا على ضرورة التعاون في المرحلة المقبلة.
وفي سياق متّصل، ينفي عضو المكتب التنفيذي لحركة "النهضة"، العجمي الوريمي، في حديث لـ "العربي الجديد"، وجود أي صفقة حول الانتخابات الرئاسيّة بين الغنوشي والسبسي. ويشدّد على أنّ "مجلس شورى النهضة لا يقبل بالصفقات، وليس هناك أي صفقة وموقفنا واضح وشفاف". ويجزم الوريمي بأنّ "مجلس الشورى لم يكلّف قيادة الحركة بالتحالف مع أي كان". ويقول: "لا نريد تعقيد الوضع ولا تعكير المناخ على كلّ المرشحين والناخبين، لذلك اخترنا القرار الأنسب بالنسبة للمسار الديمقراطي والبلاد، بترك حرية الاختيار للقواعد الشعبية والبقاء على نفس المسافة من الجميع". ويوضح أنّه "بعد نقاش مستفيض، قررت الحركة بالتصويت ألا تدعم اسماً بعينه في الانتخابات الرئاسيّة، والحقيقة أن الحركة كانت تأمل أن تتوصل "العائلة الديمقراطية" إلى نجاح مبادرة المرشح التوافقي بينها، لأننا ضد الهيمنة والاستقطاب ونبحث عن توازن حقيقي بين السلطات".
ويبرر الوريمي إسقاط مجلس شورى "النهضة"، في دورته ما قبل الأخيرة لخيار الحياد "بسبب وجود اقتراح رئيس توافقي، وهو ما يتقاطع مع اقتراحنا السابق منذ أشهر"، مبدياً أسفه لعدم نجاح مكوّنات "العائلة الديمقراطية" في التوصّل إلى حل، انطلاقاً من رغبة كل طرف فيها بأن يحافظ على حظوظه". ويضيف: "لا نريد دعم صديق على حساب صديق آخر، وهو ما يؤكد أنه ليس لدينا مرشح خاص، وأعتقد أن قرارنا مريح لنا ولهم".
من جهة أخرى، وعلى خلفيّة النقاشات التي استمرت لساعات طويلة داخل مجلس الشورى، قبل اتخاذ القرار بالحياد، ينفي الوريمي وجود أي خلافات داخلية أملت هذا القرار. ويقول: "المعطيات عند البعض كانت كافية للحسم، في حين طالب آخرون بتأجيل القرار لأسبوع آخر واستمرار المباحثات، ولكن الغالبية ذهبت باتجاه الحسم، وتغيُّر الموقف في المجلس جاء نتيجة تغيّر المعطيات المطروحة عليه، بعد فشل المبادرة التي كنّا نعلق آمالاً عليها". ويذكّر بأنّ "خيار الوقوف على المسافة ذاتها من جميع المرشّحين كان من بين النقاط التي طُرحت في الدورة السابقة للمجلس، ولكن التصويت حسم الأمر وعُدنا إلى هذا الاختيار".
ويبدو أنّ حركة النهضة لم تحسم ما سيكون عليه خيارها في دورة الانتخابات الرئاسيّة الثانية، ما لم يفز أحد المرشحين الخمسة والعشرين. ويوضح الوريمي في هذا السياق، "أننا نتحدث عن الدورة الحالية، لأنّ أحداً لا يعرف النتائج التي ستنتج عنها، ولم نبحث في مسائل الدورة الثانية مطلقاً". ويضيف: "ارتأينا سابقاً تأجيل الحسم في موضوع أي مرشح سندعم، ولكنه لم يعد في وسعنا التأجيل أكثر لأنّ الحركة والناخبين والمرشحين يحتاجون إلى توضيح الموقف نهائياً"، معربا عن اعتقاده بأن "الموقف الذي أصدرناه واضح بالبقاء على المسافة نفسها من جميع المرشّحين".
ويأمل الوريمي أن "يمنحنا هذا الموقف صورة عن حقيقة موازين القوى والاتجاه العام للناخب التونسي، الذي نؤمن أنّه على درجة من الوعي بدقّة الوضع ودقّة المرحلة التي تمرّ بها البلاد ويقدّر المصلحة الوطنية ومصلحته كناخب".